وافق مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية في البرلمان)، الثلاثاء، على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023، بعد إجراء تعديلات عليه، وأعاده إلى مجلس النواب للتصويت عليه وفق خيارين، إما الإصرار على قراره السابق، أو الموافقة على تعديلات الأعيان.
وشملت تعديلات مجلس الأعيان الاستعاضة عن حرف (و) الوارد في المواد 15 و16 و17 من مشروع القانون بحرف (أو)، ما يتيح للقاضي حرية اختيار الحكم على المدان بإحدى العقوبتين: الحبس أو الغرامة، ومخالفة قرار النواب الذي وافق على جمع العقوبتين معاً، فضلاً عن تخفيض الأعيان للغرامة المالية الواردة بالمادة 16، وصارت تتراوح بين 5 و20 ألف دينار (7 و28 ألف دولار أميركي)، بخلاف قرار النواب الذي أقرّها بين 25 و50 ألف دينار (35 و70 ألف دولار أميركي).
وتنص المادة 15، كما عدلها الأعيان، على الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو دفع غرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد على 20 ألف دينار، لكل من نشر أو أعاد نشر قصداً أخباراً كاذبة في الفضاء الإلكتروني تستهدف الأمن الوطني والسلم المجتمعي أو ذم أو قدح أو تحقير أي شخص.
فيما تعاقب المادة 16 بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد على 20 ألف دينار، لكل من أشاع أو عزا أو نسب قصداً في الفضاء الإلكتروني أفعالاً من شأنها اغتيال الشخصية، بينما تنص المادة 17 على الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات أو بغرامة لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد على 20 ألف دينارـ أو كلتا العقوبتين لكل من نشر في الفضاء الإلكتروني قصداً ما شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو استهداف السلم المجتمعي أو الحض على الكراهية أو الدعوة إلى العنف أو تبريره أو ازدراء الأديان.
وشطب الأعيان عبارة "أو بكلتا هاتين العقوبتين" الواردة في الفقرة (ج) من المادة 33، لأن المادة الواردة من النواب تنص على عقوبة واحدة فقط، وهي غرامة تتراوح بين 15 ألف و30 ألف دينار لكل من امتنع عن تنفيذ أوامر المدعي العام أو المحكمة المختصة أو خالفها.
ومن المتوقع أن يقوم مجلس النواب، الأربعاء، بمناقشة المواد المختلف عليها مع الأعيان والتصويت عليها.
قال رئيس الوزراء بشر الخصاونة، خلال الجلسة، إنّ القانون "يوفر حماية عامة لجميع الأردنيين ولمشروع الدولة التَّحديثي بمساراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يحدُّ مطلقاً من النَّقد البنَّاء، والحماية التي يوفرها عامّة للجميع، وليست لموظَّف السلطة العام".
وأشار الخصاونة إلى أنّ "نقد سياسات الحكومة ليس من ضمن الأخبار الكاذبة أو الذمّ والقدح والتَّحقير الوارد في المادَّة 15 من مشروع القانون". وأضاف أنّ "فئة قليلة عالية الصَوت امتهنت انتهاك حرمة الحياة الخاصَّة والعامَّة للأردنيين، ومارست التنمُّر عبر الفضاء الإلكتروني الذي بات بحاجة إلى التَّنظيم والتَّأطير لحماية حرية الرأي والنقد البنَّاء".
وشارك ناشطون وحزبيون وصحافيون، الثلاثاء، في وقفة احتجاجية دعت إليها اللجنة التنسيقية للمطالبة بسحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية.
وأكد المشاركون رفضهم مشروع القانون، الذي قالوا إنه يشكّل "عودة للأحكام العرفية"، معتبرين أنّه "يتناقض مع التصريحات الرسمية المعلنة حول التوجه للإصلاح والانفتاح السياسي، ويمثّل تكميما للأفواه ويشكّل قيدا على الحريات، وهو ما لا يتسق مع أي توجّه نحو الحياة الحزبية".
وتعليقا على قرار الأعيان، قال المختص في قوانين الإعلام، يحيى شقير، في حديث مع "العربي الجديد"، إن أهم ما قام به المجلس هو "الأخذ بتوصية اللجنة القانونية باستبدال حرف (و) بـ(أو) في العقوبات... وبهذا تركت المادة للقاضي الحكم بما يسمى بالتفريد العقابي، بدل أن يكون مجبراً على تنفيذ العقوبتين".
وأضاف: "كان الاعتقاد السائد أن مجلس الأعيان، ولكونه معيّناً، سيؤيد الحكومة دائماً، لكن ظهرت اليوم أصوات تعارض القانون، وموقفها أكثر تقدماً من بعض أعضاء مجلس النواب المنتخب"، مؤكدا أنّ "قانون الجرائم الإلكترونية بصيغته الحالية هو نتاج للديمقراطية المقيدة".