في يناير/كانون الثاني، بثّت قناة العربية مسلسلاً ينتقد الحياة في ظل إدارة حركة حماس، متجاهلاً الحصار. وهو مسلسل من مشاريع مركز اتصالات السلام، الأداة الأخرى التي تستخدمها الدعاية الإسرائيلية.
توحي أهداف مركز اتصالات السلام، بأنها لتعزيز التقارب بين الشعوب العربية والشعب الإسرائيلي، والتعاون معه لـ "تحقيق التقدم والابتكار". لكن الجهات الممولة للمركز، والأشخاص الذين يديرونه، منخرطون في سياسات إسرائيل الاستعمارية المعادية لجيرانها، كما يؤكد موقع مسبار.
مشاريع عربية
لفت مركز اتصالات السلام إليه الأنظار في سبتمبر/أيلول 2021، عندما نظّم في العراق مؤتمراً بعنوان "السلام والاسترداد" في أربيل، دعا فيه أكثر من 300 عراقي، بينهم شيوخ عشائر، إلى التطبيع بين العراق وإسرائيل، في أول نداء من نوعه تشهده البلاد. مؤتمر تبرّأت منه حكومة إقليم كردستان العراق، وفتحت تحقيقاً بشأنه.
عمل المركز في أكثر من مناسبة على الترويج لإسرائيل ورواياتها عبر وسائل الإعلام، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو الأعمال الفنية، مثل أغنية "سلام الجيران" التي أدّاها المطرب التونسي نعمان الشعري والمغني الإسرائيلي زيف يحزقيل، عام 2020.
في يناير/كانون الثاني من هذا العام، بثّت "العربية" مسلسلاً مكوناً من 30 حلقة قصيرة بعنوان "وشوشات من غزة". يروي هذه الأخير، على لسان سكان في غزة، تفاصيل مختلفة من حياتهم داخل القطاع في ظل حكومة حماس.
المسلسل يركز على ما توصف بـ"انتهاكات حكومة حماس"، بينما يتجاهل تماماً الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عام 2007 وما سبّبه من تردٍّ في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وشارك في إنتاج المسلسل صحافيون من "تايمز أوف إسرائيل"، وهو أحد أبرز إنتاجات مركز اتصالات السلام وأكثرها انتشاراً.
يترأس مركز اتصالات السلام، جوزيف برود، بينما يتألف مجلس إدارة المركز من أربعة أعضاء، وهم دينيس روس رئيس المجلس، وجورجيت بينيت، وهيث غرانت وجوناثان شانزر. وعدد من الموظفين والزملاء، معظمهم إسرائيليو الجنسية، يرتبط بعضهم ارتباطاتٍ وثيقة باللوبيات الإسرائيلية، بينما يروّج آخرون لرواياتٍ وآراء تصب في مصلحة السردية الإسرائيلية.
أسّس المركز الكاتب ورجل الأعمال، جوزيف برود، وهو أميركي يهودي من أصولٍ عراقية. ويعد من الشخصيات ذات الشعبية بين النشطاء والمعنيين بقضايا تطبيع إسرائيل مع الدول العربية في الولايات المتحدة.
وبرود باحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، المؤسسة البحثية التي تأسست على يد لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك)، أكبر منظمة لوبي إسرائيلي في العالم، وتتلقى تمويلها منها.
ولبرود دور قيادي في ما يسمى "المجلس العربي للتكامل الإقليمي"، الذي يموّله معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى كذلك، والذي عقد عدداً من الفعاليات مع كبار السياسيين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا من أجل إقناع صناع القرار بتخصيص الموارد لقضية "إضفاء الشرعية" على إسرائيل في الشرق الأوسط.
تتوافق أنشطة برود مع كتابه "الاسترداد: سياسة ثقافية للشراكة العربية الإسرائيلية"، الذي يقول إن الفلسطينيين لن يستسلموا لطموحات إسرائيل، إلا عندما تطبّع الدول العربية الأخرى معها وتتخلى عن القضية الفلسطينية.
ويصف معهد واشنطن على موقعه كتاب برود بأنه "الخطوة الأولى في إنشاء مركز اتصالات السلام"، ويختتم الكتاب بالدعوة إلى إنشاء "مركز" لتنسيق جهود التطبيع.
دينيس روس
يترأس مجلس إدارة مركز اتصالات السلام السفير الأميركي الأسبق في تل أبيب، دينيس روس، وهو مستشار في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
ولعب روس دوراً رائداً في سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في مختلف المناسبات. فقد كان له دورٌ في اتفاقية أوسلو 2 المؤقتة عام 1995، وفي اتفاق الخليل عام 1997، وسهّل معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن عام 1994، وعمل بشكلٍ مكثف على محاولة الجمع بين إسرائيل وسورية.
وفي 2008، ذكرت مجلة تايم الأميركية أن زميل روس السابق، السفير السابق دانييل كيرتزر، نشر دراسة تحتوي على شكاوى من عدد من المفاوضين الدبلوماسيين العرب والأميركيين تقول إن روس كان يُنظر إليه على أنه متحيّز تجاه إسرائيل وليس "وسيطاً نزيهاً".
علاوة على ذلك، كتب روس جزءاً من خطاب باراك أوباما أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية خلال الحملة الرئاسية لعام 2008، وذكر الخطاب أن "القدس عاصمة إسرائيل" وأنه لا ينبغي تقسيمها مرة أخرى.
جوناثان شانزر
وأحد أعضاء مجلس إدارة مركز اتصالات السلام الآخرين الداعمين بشدة لإسرائيل وسياساتها هو جوناثان شانزر، وهو نائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات".
وكتب شانزر مئات المقالات حول الشرق الأوسط، إلى جانب عدد من الأوراق البحثية والكتب، كما يدلي بشهاداته في كثير من الأحيان أمام الكونغرس الأميركي وينشر مقالات الرأي في مختلف الصحف الأميركية والدولية.
ويظهر شانزر بشكلٍ دوري في حلقات بودكاست يبثه الصندوق الوطني اليهودي، المنظمة التي تأسّست عام 1901 وسهّلت عمليات الاستيطان اليهودية في أرض فلسطين التاريخية وتنفق ملايين الدولارات سنوياً لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، والتي قدمت الدعم المالي للجيش الإسرائيلي في مناسبات عدة، مثل الانتفاضة الأولى والحرب على غزة عام 2014.
ولطالما دافع شانزر عن إسرائيل وبرّر أعمال العنف والانتهاكات التي تمارسها، ونشر كتاباً هاجم فيه وكالة "الأونروا" الأممية، محاولاً تأجيج الرأي الإسرائيلي ضدها وتبرير استهدافٍ يطالها.
وفي سياق العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة، اعتبر شانزر مستشفى الشفاء هدفاً شرعياً للجيش الإسرائيلي، مكرراً ادعاءات الجيش بأنه "مركز قيادة حماس".