مسلسلات البيئة الشامية: مكانك راوح
لم تحرز الدراما السورية في موسم رمضان 2023 تقدماً جيداً. الأسباب كثيرة وراء ذلك، لكن سبباً وحيداً ساهم في اندلاع حروب المنتجين الخفية ضمن السباق.
لا يمكن أن يُسجل لفريق ممثلي مسلسل "العربجي" (إخراج سيف الدين سبيعي) النجاح الذي لاقاه المسلسل على المواقع التواصل الاجتماعي، ويبدو أن الشركة المنتجة حاولت اختراع حكاية ما، لتبقي على حضورها ومنافستها، لكنها لم توفق، بداية بسبب ثقل القصة والسيناريو والحوار، وغياب أي منطق حقيقي يوضح أسباب القتل كما ظهرت في العمل.
والسؤال: هل هذا النمط أو الخط الدرامي، ولو كان مجرد خيال، كان حاضراً بداية القرن الماضي، إبان حكم المتصرفية؟ وعلى أي قاعدة بنى الكاتب الأحداث القائمة فقط على الكراهية والقتل؟
وكذلك، جاءت محاولة صناعة بطل كرتوني جديد هو عبدو العربجي (باسم ياخور) ضعيفة. الرجل يحارب الشر وحيداً، ويحمي النساء، ويسرق القمح من النافذين الحاكمين، ويوزعه على الفقراء من دون أي مبرر، ومع ذلك لا يتهاون في قتل "الأشرار"، ورمي جثثهم من فوق السطوح.
أخفق المخرج في رسم صورة منطقية لكل المواقف الدرامية في العمل، وتركت الشركة المنتجة الباب مفتوحاً نهاية الحلقة الأخيرة، ما يعني أن هناك احتمالاً قوياً لإنتاج جزء ثانٍ.
لعلّ مسلسل "زقاق الجن" (إخراج تامر إسحق وكتابة محمد العاص) قد نجا. ربما قدّم صورة تقليدية عن البيئة الشامية، إلا أن الخط الدرامي كان جيداً، والحبكة موفقة، خصوصاً مع أداء موفق قدمه طاقم الممثلين، مثل أيمن رضا وأمل عرفة وعبد المنعم عمايري وشكران مرتجى. رباعي أعطى للأدوار قيمة إضافية لنص متماسك، وحكايات خيالية تتحدّث عن الجن، والخطف والتأثر المجتمعي بها.
بدورها، لم تنقذ المخرجة رشا شربتجي نفسها في مسلسل "مربى العز" الذي يطرح أيضاً فرضيات عفى عليها الزمن بصورة ضعيفة، وذلك رغبة من منصة "شاهد" في إنتاج مسلسل يحمل الطابع نفسه لأكثر من جزء.