دخلت نقابة الصحافيين المصريين الخميس عامها الـ81، بينما واجهتها الخارجية مغطاة ومحجوبة، كما حال الحريات الصحافية والمواقع الإخبارية المعارضة والصحافيين خلف قضبان السجون.
حلم إنشاء نقابة الصحافيين المصريين تحقق في 31 مارس/آذار عام 1941، بعد كفاح استمر عشرات السنين، وانعقدت أول جمعية عمومية في الخامس من ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه في محكمة مصر، قبل تأسيس المبنى الحالي للنقابة في شارع عبد الخالق ثروت وسط القاهرة.
ولكن بعد 81 عاماً، عزف الصحافيون عن التوجه إلى نقابتهم حتى لحضور الجمعية العمومية العادية، رغم الأوضاع والملفات الملحة التي تستلزم تكاتفهم. وأعلن مجلس النقابة برئاسة ضياء رشوان، اليوم الجمعة، عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاد الجمعية العمومية العادية للنقابة للمرة الثالثة.
التوجه إلى نقابة الصحافيين المصريين أصبح للضرورة فقط، مع تعمد حجبها على مدار سنوات وتشويه واجهتها الأساسية البارزة التي تميز شارع عبد الخالق ثروت كله، حيث حلت السقالات وأغطية البناء الخضراء محل سلالم النقابة وواجهتها العملاقة الممتدة بطول طوابقها الثمانية.
مبنى نقابة الصحافيين المصريين يقبع منذ سنوات خلف قضبان السقالات، ومن أمامه تشكيلات عناصر أمنية على الرصيف المقابل، وذلك منذ إعلان سكرتير عام مجلس النقابة محمد شبانة بدء عمليات تطوير المبنى وترميم واجهته التي لم تظهر أي من ملامحها إلى الآن.
حجب مبنى النقابة يتزامن مع حجب مئات المواقع في مصر، منذ أن فرضت السلطات خطوطاً حمراء أمام مستخدمي الإنترنت، حتى وصل إجمالي عدد المواقع المحجوبة إلى 555 موقعاً حتى العام الماضي، تضمنت 126 موقعاً صحافياً مستقلاً، في محاولة لفرض المراقبة الجماعية والسيطرة على ما يجب أن يصل إلى المواطنين.
وكانت البداية الحقيقية للحجب بحظر "العربي الجديد" في ديسمبر/كانون الأول عام 2015، ولا يزال محجوباً في مصر إلى اليوم.
كما يتزامن حجب مبنى النقابة مع تراجع تصنيفات مصر في المؤشرات الدولية للحريات الصحافية، منها التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" المستقلة، الذي رصد السيطرة على الوسائل الإعلامية، وسن القوانين والتشريعات المقيدة، ورفع وتيرة الرقابة، والمنع من المناسبات الانتخابية أو الدستورية، ومنع تغطية الأوضاع في سيناء والرقابة على الفساد. صنفت "مراسلون بلا حدود" مصر في المرتبة الـ166 في نسختي عامي 2020 و2021 على التوالي.
وبين النطاقات الخمسة لمكانة مصر في المؤشر، تستمر مصر في المساحة السوداء، حيث حالة الإعلام تنتقل من سيئ إلى أسوأ وعلى مدار سنوات، إذ تتردد منذ الانقلاب العسكري بين المرتبة الـ158 والـ166.
كما أن تصنيف "الحرية والديمقراطية في العالم"، الصادر عن منظمة "فريدوم هاوس"، خلص إلى سيطرة وسائل الإعلام الحكومية على قطاع الإعلام المصري، وإغلاق معظم المنافذ المنتقدة والمعارضة في أعقاب انقلاب عام 2013، وإطلاق والاستحواذ على عدد من القنوات التلفزيونية والصحف الخاصة من قبل رجال الأعمال والأفراد المرتبطين بالحكومة، والذين تربطهم علاقات بالجيش والاستخبارات.
وفي الوقت نفسه، يقبع 66 صحافياً نقابياً وغير نقابي في السجون المصرية، حسب الإحصاء الأخير الصادر عن "المرصد العربي لحرية الإعلام".