4 شكاوى ضدّ "ميتا" بتهمة التمييز على أساس الجنس في إعلانات التوظيف

لندن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
12 يونيو 2023
اتهامات بالتحيّز على أساس الجنس في إعلانات التوظيف تواجه "ميتا"
+ الخط -

تواجه شركة ميتا، مالكة "فيسبوك"، أربع شكاوى جديدة تقدّمت بها مجموعات حقوق الإنسان في أوروبا، اليوم الاثنين، تزعم أنّ الخوارزميات التي تستعملها لاستهداف المستخدمين بإعلانات الوظائف تمييزية، وذلك بعد سنوات من تعهد الشركة بحلّ المشكلة في أماكن أخرى، بحسب موقع شبكة "سي أن أن" الأميركية.

وتستند المزاعم إلى بحث أجرته منظمة غلوبال ويتنس الدولية غير الربحية، والذي يظهر أنّ منصة إعلانات "فيسبوك" غالباً ما تستهدف المستخدمين بإعلانات لوظائف شاغرة بناءً على القوالب الجندرية النمطية.

على سبيل المثال، ظهرت إعلانات لوظيفة ميكانيكي بشكل كبير للمستخدمين الذكور، في حين تركّزت معظم الإعلانات لوظائف في التعليم على المستخدمات النساء، وفقاً للبيانات التي حصلت عليها "غلوبال ويتنس" من منصة إدارة الإعلانات (Ad Manager) على "فيسبوك".

كما بيّنت الأبحاث الإضافية التي أجرتها المنظمة حصراً مع "سي أن أنّ" أنّ تحيّز الخوارزميات قضية عالمية.

وعبّرت نايومي هيرست، التي تقود حملة "غلوبال ويتنس" حول التهديدات الرقمية للديمقراطية، عن قلقها من أنّ "فيسبوك يؤدي إلى تفاقم التحيزات التي نعيش معها في المجتمع"، وأنّه "يفسد فرص التقدم والمساواة في مكان العمل".

وقدّمت "غلوبال ويتنس"، مع منظمتين أخريين، اليوم الإثنين، شكاوى بحقّ "ميتا" إلى وكالات حقوق الإنسان وسلطات حماية البيانات في فرنسا وهولندا، داعيةً الوكالات الحكومية في البلدين إلى التحقيق في ما إذا كانت ممارسات "ميتا" تنتهك حقوق الإنسان أو قوانين حماية البيانات في البلدان.

وفي حال أثبتت هذه المزاعم فقد تواجه الشركة المالكة لـ"فيسبوك" غرامات أو عقوبات أو ضغوطاً للتغيير.

وواجهت "ميتا" أخيراً شكاوى مماثلة في الولايات المتحدة وبريطانيا، ولا تزال قيد التحقيق.

وظائف ضائعة

طوال العقد الماضي، تلقّى "فيسبوك" اتهامات من جهات متعدّدة بالتمييز، بما في ذلك إعلانات الوظائف. في عام 2019، كجزء من اتفاقية لتسوية دعاوى قضائية متعددة في الولايات المتحدة، وعدت المنصة بإجراء تغييرات لمنع إظهار الإعلانات المتعلقة بالإسكان والائتمان والتوظيف بناءً على خصائص مثل الجنس والعرق.

ومن ضمن الجهود المبذولة للتخفيف من التمييز، سحبت المنصة من المعلنين خيار استهداف المستخدمين بإعلانات الوظائف على أساس الجنس.

مع ذلك، يشير بحث "غلوبال ويتنس" الأخير إلى أنّ خوارزميات "فيسبوك" تعطّل المساعي لرفع درجة المساواة. بحسب المجموعات الحقوقية، قد يؤدّي ذلك إلى خسارة عدد هائل من المستخدمين فرصة رؤية الوظائف المتاحة لهم، بسبب جنسهم. كما تعبّر المجموعات عن قلق من أن يؤدّي ذلك إلى "تفاقم عدم المساواة التاريخية في مكان العمل والتفاوت في الأجور".

وقالت المسؤولة في منظمة كلارا ويشمان، ليندي بريك: "لا يمكن للمرء تفادي كبرى شركات التكنولوجيا بعد الآن. لقد وجدت لتبقى وعلينا أن نرى كيف تؤثر على حقوق المرأة وحقوق الأقليات"، مضيفةً: "من السهل جداً للشركة أن تلقي باللوم على الخوارزميات، ولكن إذا أصدرت منتجاً للسوق عليك أن تكون قادراً على التحكم به".

وأجرت "غلوبال ويتنس" تجارب إضافية في أربع دول أخرى، بما فيها الهند وجنوب أفريقيا وأيرلندا، وتوصلت إلى أنّ حالة تحيّز الخوارزميات موجودة في أنحاء مختلفة من العالم.

مع أكثر من ملياري مستخدم نشط يومياً حول العالم، يمكن أن يكون "فيسبوك" مصدراً رئيسياً لمساعدة المستخدمين في العثور على فرص عمل. بالتالي قد تؤدّي تحيّزات نظام الإعلانات في المنصة إلى تفاقم التفاوت في الواقع.

في فرنسا، على سبيل المثال، يستخدم "فيسبوك" كثيراً للبحث عن وظائف من قبل الأشخاص ذوي الدخل المنخفض، وهو ما يعني أنّ الأشخاص الأكثر تضرراً من تحيّز الخوارزميات هم أشخاص في وظائف مهمشة بالفعل، بحسب المحامية كارولين ليروي بلانفيلين.

فيما قال رئيس فريق مساءلة كبرى شركات التكنولوجيا في منظمة العفو الدولية بات دو بران إنّه لم يفاجأ بنتائج أبحاث "غلوبال ويتنس"، وأضاف في تصريح لـ"سي أن أن": "تُظهر الأبحاث باستمرار كيف تقدم خوارزميات فيسبوك نتائج غير متكافئة للغاية وغالباً ما تعزز التهميش والتمييز، وما نراه هو إعادة إنتاج وتضخيم بعض أسوأ جوانب المجتمع".

أكمل: "لدينا وهم حول أنّ الخوارزميات يمكن أن توفر الحياد، لكنّها في الحقيقة غالباً ما تعيد إنتاج التحيزات الموجودة في الواقع، وبطريقة تجعل مواجهتها أكثر صعوبة".

الاستهداف الموجّه

وقام بحث "غلوبال ويتنس" على عرض سلسلة من إعلانات الوظائف عبر "فيسبوك" في هولندا وفرنسا لمدة يومين بين فبراير/ شباط وإبريل/ نيسان الماضي. اختار الباحثون إعلانات لمناصب حقيقية معروضة عبر مواقع التوظيف، وتضمّنت فرصاً لمعلمين ومعالجين نفسيين وطيارين وميكانيكيين.

اختارت المنظمة أن تستهدف الإعلانات مستخدمي "فيسبوك" البالغين من أيّ جنس ومقيمين أو زارو البلدان التي تتوافر فيها الوظائف. في البلدان المختارة يقيمون في البلدان المختارة أو زاروها أخيراً.

لكن النتيجة كانت أنّ معظم الإعلانات تعرض للمستخدمين على أساس الجنس، وذلك وفقاً لبيانات منصة إدارة الإعلانات على "فيسبوك".

وتقول إحدى الشكاوى التي قدمت في هولندا: "لا يعني عدم قدرة المعلنين على تحديد جنس الفئة المستهدفة أنّ هذا العامل لا يؤثر في كيفية انتشار الإعلانات".

في فرنسا، شكّلت النساء ما نسبته %93 من المستخدمين الذين ظهر لهم إعلان عن وظيفة معلم، و86% ممّن شاهدوا إعلانات عن وظيفة معالج نفسي. بينما لم تتجاوز نسبة النساء 25% بين المستخدمين الذين شاهدوا إعلاناً لوظيفة طيار، ووصلت إلى 6% بين المستخدمين الذين شاهدوا إعلانات لوظيفة ميكانيكي. وهو الأمر نفسه في هولندا، حيث شكلت النساء نسبة 85% من المستخدمين الذين شاهدوا إعلاناً لوظيفة في قطاع التعليم و96% ممّن شاهدوا إعلانات لوظيفة استقبال.

وتقاطعت هذه النتائج مع نتائج اختبارات سابقة أجرتها "غلوبال ويتنس" في المملكة المتحدة، حيث عُرضت على النساء إعلانات لوظائف في التعليم والعلاج النفسي، وعرضت على الرجال بأغلبية ساحقة إعلانات عن وظائف طيار وميكانيكي.

وقالت دي برون، من منظمة العفو الدولية: "على الرغم من أن فيسبوك ربما أصبح أقل عصرية في بعض البلدان، إلّا أنّه يظل المنصة الرئيسية في كثيرٍ من دول العالم، وبالتالي عليهم أن يضمنوا عدم حدوث هذه النتائج التمييزية عن قصد أو غير قصد".

ونظراً لقلة المعلومات المتاحة حول كيفية عمل خوارزميات "فيسبوك"، تقرّ الشكاوى بأنّ سبب التحيّز على أساس الجنس ليس واضحاً بشكل كامل. من جهتها، لم ترد "ميتا" على أسئلة "سي أن أن" حول كيفية تدريب الخوارزمية التي تدير نظامها الإعلاني. لكن، في منشور على مدوّنة "فيسبوك" في عام 2020 حول نظام عرض الإعلانات الخاص به، قال إنّ الإعلانات تُعرض على المستخدمين بناءً على مجموعة متنوّعة من العوامل، بما في ذلك "السلوك داخل المنصة وخارجها".

وفي وقت سابق من هذا العام، أطلق "فيسبوك" نظاماً جديداً لتقليل التباين، من أجل "تعزيز التوزيع العادل" لإعلانات الإسكان في الولايات المتحدة، وقال إنّه يخطط لتوسيع النظام ليشمل إعلانات التوظيف والائتمان الأميركية.

البحث عن الشفافية

من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 إلى سبتمبر/ أيلول 2018، تعرّض "فيسبوك" لخمس دعاوى قضائية تتعلق بالتمييز واتهامات من منظمات الحقوق المدنية والعمالية الأميركية والعمال والأفراد، زعمت أنّ أنظمة إعلانات الشركة استثنت بعض الأشخاص من رؤية إعلانات الإسكان والتوظيف والائتمان بناءً على العمر والجنس والعرق.

وفي مارس/ آذار 2019، وافق "فيسبوك" على دفع ما يقرب من 5 ملايين دولار لتسوية الدعاوى القضائية، كما أعلنت الشركة أنّها ستطلق منصة مختلفة لإعلانات الإسكان والتوظيف والائتمان.

بالفعل، حظرت الشركة قدرة المعلنين على عرض إعلاناتهم على أساس الجنس، كما أزالت لاحقاً في العام 2022 خيارات الاستهداف بناءً على معلومات حساسة مثل الدين والتوجّه الجنسي. مع ذلك، أثبتت عدّة دراسات، سبقت تجارب "غلوبال ويتنس" الجديدة، أنّ التمييز والتحيّز لا يزالان مؤثرين في كيفية ظهور الإعلانات على المنصة.

وتملك الوكالات الحكومية في فرنسا وهولندا الآن سلطة تقرير ما إذا كانت ستباشر التحقيق في الشكاوى الأخيرة. فيما تأمل "غلوبال ويتنس" وشركاؤها في أنّ يؤدي التحقيق إلى الضغط على "ميتا" لتحسين خوارزمياتها وزيادة الشفافية ومنع المزيد من التمييز.

وفي حال وجدت هذه الوكالات أنّ الشركة قد انتهكت اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي، فقد تواجه خطر التعرض لغرامات كبيرة.

وقالت هيرست، من "غلوبال ويتنس": "ما نأمله من هذه الشكاوى هو أن تجبر فيسبوك على الجلوس على الطاولة، وفتح الصندوق الأسود لخوارزمياتهم ليشرحوا كيف يمكنهم تصحيح الوضع الحالي"، مضيفةً: "أعتقد أننا نعرف ما يكفي لنقول إن فيسبوك يفاقم مشكلة التمييز على أساس الجنس في سوق العمل".

ذات صلة

الصورة
مناصرون لفلسطين يحتجون أمام مقر مؤتمرات "غوغل" في كاليفورنيا، 14 مايو 2024 (طيفون كشكون/ الأناضول)

منوعات

وثّق مركز حملة قمع مناصرة فلسطين في قطاع التكنولوجيا، من خلال جمع شهادات موظفين حاليين وسابقين في كبريات الشركات مثل "غوغل" و"ميتا".
الصورة

منوعات

تقيد شركة ميتا استخدام رمز المثلث الأحمر المقلوب على منصاتها، بعدما أصبح مرتبطاً بالعمليات التي ينفذها المقاومون الفلسطينيون
الصورة
خلال تظاهرة مناصرة للفلسطينيين في واشنطن، 8 نوفمبر 2023 (مصطفى باسم/ الأناضول)

منوعات

في آخر فصول التي تفرضها شركة ميتا على الأصوات الداعمة للفلسطينيين، استهدفت رسائل التعزية باستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية
الصورة
فلسطيني يحاول التقاط إشارة شبكة الاتصالات في رفح، 19 يناير 2024 (فرانس برس)

منوعات

كشف "صدى سوشال" عن تزايد في حالات الانتهاك الرقمي بحق المستخدمين الفلسطينيين لمنصات التواصل، في ظل استغلال الاحتلال للفضاء الرقمي كأداة في عدوانه على غزة.
المساهمون