أعلن العشرات من الصحافيين المصريين رفضهم الكامل لـ "لائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام" جملة وتفصيلاً، مؤكدين أن فلسفتها تعدّ امتداداً طبيعياً لقوانين "إعدام الصحافة" التي أقرها مجلس النواب أخيراً، والمسماة على خلاف الحقيقة بـ"تنظيم الصحافة والإعلام"، باعتبار اللائحة هي الحلقة الأخيرة في المسلسل الذي يستهدف مصادرة حرية الرأي والتعبير وكل مساحة متاحة للكلام.
وشدد الصحافيون، في بيان مشترك، اليوم الأربعاء، على أن بنود اللائحة "تشكل جرائم كاملة في حق المجتمع، ومهنة الصحافة، واستكمال عملية تأميمها، وأنه لا يمكن حصرها فقط في مخالفة مواد الدستور، أو تجاوز مواد قانون العقوبات، أو استبدال المحاكمات بعقوبات إدارية، والتعدي على دور النقابات، بل إنها تتخطى ذلك إلى مصادرة الحق في المعرفة، وتداول المعلومات، وصولاً إلى اغتيال حق المواطنين في التعبير عن آرائهم".
وأفاد الصحافيون بأنه لم يعد ممكناً رفض بند وقبول بند آخر بهذه اللائحة، وأنه لا سبيل سوى إلغائها كاملة، كون كل ما احتوته "يمثل تكريساً للرغبة في استكمال السيطرة على المجال العام، ومصادرة كل مساحة ما زالت متاحة للتعبير"، داعين نقابة الصحافيين إلى التحرك في مواجهة اللائحة بكل الوسائل النقابية والمهنية والقانونية المتاحة، ومحاسبة كل من يشارك في صياغة أو تمرير هذه اللائحة، ووضعهم على رأس قوائم أعداء حرية الصحافة.
كذلك جدد الصحافيون الموقعون على البيان رفضهم حزمة تشريعات "إعدام الصحافة"، معتبرين أن الطريق الصحيح يبدأ بالعمل على إسقاط هذه القوانين، واستبدالها بأخرى تضمن حق الصحافيين والإعلاميين في العمل بحرية، وحق المجتمع في المعرفة والتعبير وتدفق المعلومات، من دون وصاية أو سيطرة من جهات أو أجهزة بعينها.
وختم البيان بتأكيد أن الدفاع عن حرية الصحافة والإعلام ليس واجباً، أو معركة مهنية قاصرة على صيانة حق الصحافيين في بيئات عمل عادلة ومتنوعة ومستقلة، ولكنها معركة المجتمع المصري بأسره، دفاعاً عن حرياته وحقوقه الأساسية والدستورية.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت لجنة الشكاوى في "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" عن لائحة الجزاءات التي أعدتها في مواجهة المخالفات الإعلامية، تمهيداً لإرسالها إلى مجلس الدولة لمراجعتها، وإقرارها في صورتها النهائية. وتضمنت تلك اللائحة جزاءات وعقوبات مغلظة، في إطار محاولات النظام المستمرة للتضييق على عمل الصحافيين وحرية الرأي، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة لدى جموع الصحافيين.
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد صادق على أربعة تشريعات جديدة خلال العام الحالي، تهدف إلى السيطرة على الإعلام والإنترنت، وهي قوانين "مكافحة جرائم تقنية المعلومات"، و"تنظيم الصحافة والإعلام" و"المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، و"الهيئة الوطنية للصحافة"، و"الهيئة الوطنية للإعلام"، وهي القوانين التي صاحب إصدارها موجة من الانتقادات من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين.
وترى منظمات حقوقية معنية بالحريات والتعبير أن هذه القوانين "خطوة تهدف إلى تأميم الصحف ووسائل الإعلام المعارضة، كما تستهدف مدّ حالة الرقابة والتضييق على الصحف ومنصات الإعلام المختلفة"، معربة عن تخوفها من السياق الزمني الذي خرجت فيه تلك التشريعات قبل انتخابات نقابة الصحافيين، المقررة في مارس/ آذار المقبل، وهو ما يوحي باتجاه ممنهج لفرض حالة من الهدوء والاستقرار السياسي المتعمد.