في ذكرى النكبة... رئيس تحرير صحيفة سعودية يدعو لـ"الانفتاح على صفقة القرن"
خلال تظاهرات اليوم في غزة (محمود حمس/فرانس برس)
تستمرّ
وسائل إعلام سعوديّة
بالترويج للتطبيع والتخلّي عن القضيّة الفلسطينيّة، وهو النهج الذي دأبت عليه منذ أكثر من عام، عبر مقالاتٍ وتقارير وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي. وكما العام الماضي، حين
غرّد صحافيون سعوديّون داعين للتخلي عن فلسطين، تزامناً مع ذكرى النكبة، تأتي
المناسبة هذا العام في ظلّ دعوات سعودية للامتثال للإملاءات الأميركيّة التي تعتزم الكشف عنها رسمياً في يونيو/ حزيران المقبل، علماً أن تطبيقها جارٍ على قدم وساق. غير بعيدٍ عن هذا التوجّه، حثّ رئيس تحرير صحيفة "عرب نيوز" السعودية الصادرة باللغة الإنكليزيّة، والتي يملكها تركي آل سعود، وهو أحد أبناء الملك سلمان، الفلسطينيين، على ما سماه "الانفتاح" تجاه الإملاءات الأميركيّة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة المعروفة إعلامياً باسم "
صفقة القرن"، أو "خطة جاريد كوشنر للشرق الأوسط".
وكتب فيصل عباس مقالاً افتتاحياً وصفه كثيرون بأنه وقح، نُشر أمس الثلاثاء على الموقع الإلكتروني، بعنوان "بصيص من الأمل بينما نتذكّر النكبة"، اعتبر فيه أنّ خطة كوشنر "قد تعكس الوضع وتجعل السلام أكثر إمكانيّة، في ظلّ أنّ أوراق اللعب كلّها ضدّ الفلسطينيين".
وقال عباس إن الفلسطينيين الذين يحيون ذكرى تهجيرهم من أرضهم على أيدي العصابات الصهيونية، ويخرجون بمسيرات مليونيّة للعودة، فيقتلهم الاحتلال ويصيبهم أمام مرأى العالم، إنّ "الوقت قد حان للتفكير خارج الصندوق، وعلى الفلسطينيين أن يظهروا جدية في التفاوض، ثم يأخذون كل ما يمكنهم من تأمين دولة قومية للأجيال القادمة".
وأضاف "لقد رفض المتهكمون بالفعل خطة كوشنر للسلام، على الرغم من أنهم لم يعرفوا شيئاً عنها، لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة الأفضل للفلسطينيين لدولتهم". وتابع "تدرك عرب نيوز أن خطة كوشنر ستتطلب تضحيات مؤلمة من كلا الجانبين. بالتأكيد، سينتهي الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، لكنه قد يشمل تبادل الأراضي المتنازع عليها. كما أنه سيضمن الأمن الإسرائيلي من خلال إيجاد طرق متفق عليها لتأمين الحدود، والسيطرة على الأسلحة القادمة إلى الدولة الفلسطينية".
ونقل عباس في مقاله عن مصدر سعودي قوله إن "المملكة وحدها، موطن الحرمين الشريفين، هي التي تستطيع إقناع الدول العربية والإسلامية بدعم العرض بمجرد موافقة الفلسطينيين عليه. كما تعمل الرياض عن كثب مع الدول المانحة لضمان حياة مستدامة ومزدهرة للفلسطينيين، حتى يتمكنوا من التركيز أخيراً على التعليم والوظائف والاقتصاد الأفضل" على حد تعبيره.
وكانت لافتة ردود الفعل على مقالة عباس عبر "تويتر"، والتي كانت ساخرةً من البروباغندا الإسرائيليّة - الأميركيّة التي روّج لها عباس. وفيما يذهب مغرّدون سعوديون إلى السخرية من فلسطين والقضية الفلسطينية، نتيجة تعبئة إعلاميّة وسياسية مركّزة، يُشدد ناشطون عرب على ضرورة رفض الخطط التي تروّج للسلام مع الاحتلال وخيانة القضية الفلسطينية. وتأتي مقالة عباس الداعية إلى التخلّي عن فلسطين، في وقت تتسارع فيه وتيرة تطبيع دول عربية عدة مع الاحتلال الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، في الميادين الإعلامية والفنية والرياضية والسياسية والعسكرية.
وقبل "عرب نيوز"، دأب موقع "إيلاف" السعودي على نشر محتوى تطبيعي، من بينه مقابلة صحافية مع الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) تمير باردو في أغسطس/آب 2018 الماضي. كما نشرت مقالة للمتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي. كما أجرت الصحيفة نفسها، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عبر المراسل مجدي الحلبي، مقابلة مع رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت.
كما روّجت قناة "العربية" لرواية الاحتلال في فيلم من جزأين بعنوان "النكبة" العام الماضي، تطرق إلى ظروف نشأة كيان الاحتلال على أرض فلسطين وفق الرواية الصهيونية، متحدثاً عن "نكبة اليهود" التي اضطرتهم لإقامة وطن لهم في فلسطين. كذلك راجت زيارات مسؤولين إسرائيليين سياسيين وإعلاميين ورياضيين إلى بلدان خليجية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال.