في أقل من 24 ساعة، وبجرة قلم، دخل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ببلاده، عصراً جديداً محفوفاً بالمخاطر والتناقض، يمكن أن يسمى بجدارة "الانقلاب الاقتصادي"، وهو أكثر خطورة على العباد والبلاد من أي انقلاب آخر. فمن يعرف السعودية ويقرأ تاريخها، منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز، قبل حوالي تسعين عاماً، يدرك بسهولة ماذا يعني الشأن الاقتصادي لدى المواطن السعودي، بكافة شرائحه وطبقاته.
ووفقاً لبيان رسمي بثته، مساء أمس الإثنين، الوكالة السعودية الرسمية للأنباء "واس"، فقد أعلنت السلطات السعودية أنها ستقوم بتجميد الحسابات المصرفية للشخصيات وكبار رجال الأعمال الذين أوقفوا على خلفية قضايا فساد.
وقال "مركز التواصل الدولي" التابع لوزارة الثقافة والإعلام السعودية، إن المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد والموجودة في حسابات الموقوفين ستتم إعادتها إلى الخزينة العامة للدولة.
دشنت المغامرة الجديدة لـ"بن سلمان"، لمفهوم "التأميم"، بكل ما يعنيه من نتائج واحتمالات؛ يبدو أغلبها سلبيا، لأسباب كثيرة، من أبرزها، أنها تهدد تماماً فكرة الاقتصاد الحر، التي اعتمدتها الدولة طوال تاريخها، وبغير استثناء يذكر؛ وفي بلد لا يهتم كثيراً بقيم الحريات السياسية والمجتمعية؛ فإن الملاذ الوحيد تقريباً لتحقيق قدر من الحرية، كان يتمثل في الاقتصاد، وحركة الأموال ومناخ الأعمال.
في هذا الإطار يقول محلل اقتصادي سعودي، لـ"العربي الجديد"، إن خطورة قرار بن سلمان، الذي نفّذ "التأميم"، بدون أن يعلن ذلك، تتمثل في خطرين رئيسيين، أولهما أنه يتعارض مع القيم الاقتصادية السائدة في البلاد على مدار تاريخها الحديث، بل والقديم أيضاً، بما يؤدي إلى ارتباك لدى الشركات ورجال الأعمال والمستثمرين؛ الذين سيظل هاجس "مصادرة وتأميم أموالهم"، عقبة رئيسية في طريقهم؛ خاصة أن الاستثمار في قطاع الأعمال يرتبط في معظم الحالات بجهات ومؤسسات رسمية؛ لم يعد يضمن المستثمر، أن أمواله لن تتعرض لمخاطر كبرى، في أي وقت؛ ولأسباب بالجهات التي يعمل معها.
أما الخطر الرئيس الثاني، فيتمثل في زيادة النسبة التي تقررها الشركات، لبند المخاطر المحتملة، بما يعني زيادة تكاليف ومصروفات المشاريع والأعمال؛ بكل ما لذلك من آثار تضخمية؛ وبما يرفع تكلفة المنتج النهائي لأي سلعة أو خدمة، وبما يؤثر على شرائح وطبقات متعددة في المجتمع.
ويلفت المحلل الاقتصادي الانتباه هنا، إلى أن ولي العهد نفسه تحدث، قبل أيام، عن مشروع "نيوم"، الذي تبلغ قيمة تكاليفه والاستثمار فيه 500 مليار دولار؛ وفي وضع تتآكل معه الاحتياطات النقدية السعودية بسبب السحب المستمر منها، فإن المنتظر، وفقاً لتفكير بن سلمان، كان يتمثل في تحفيز شركات ومستثمرين أجانب، بنسبة كبيرة، ومحليين بنسبة أقل، للعمل في هذا المشروع، الذي لم تقدم له، حتى الآن، أي دراسات جدوى حقيقية؛ ومازال يتلخص في أفكار نظرية، لا يعول عليها المستثمر كثيراً. وهنا خطر آخر؛ لأن إشاعة أجواء "التأميم"، ومصادرة الأموال، تنسف كل جهود التحفيز وإغراء الشركات بالاستثمار في المشروع المزعوم.
وفي غياب مفاهيم الشفافية، وعدم وجود آلية واضحة لاتخاذ القرارات، وسن التشريعات القانونية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، فإن إحجام المستثمر ورجل الأعمال السعودي عن توسيع استثماراته الداخلية، كان ومازال واحدا من مواطن الخلل الهيكلي في بنية الاقتصاد، وقطاع الأعمال؛ وجاءت قرارات التأميم والمصادرة، التي قررها بأسلوب صادم، ولي العهد، لتضاعف من الإحجام عن الاستثمار المحلي، والتفكير عوضاً عن ذلك في الهروب برؤوس الأموال إلى الخارج؛ تجنباً لمخاطر محتملة.
ويطرح اقتصادي سعودي، تحدث لـ"العربي الجديد"، من خارج المملكة، عدداً من التساؤلات، من أبرزها: تحت أي بند في الموازنة العامة، سيتم وضع الأموال التي تمت مصادرتها من الأمراء والوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال؛ وهي بالمليارات؛ وفقاً لتقديرات غير رسمية؟
ويضيف، "يتفرع عن ذلك هواجس وأسئلة أخرى، منها: أين ستنفق الأموال التي تم تأميمها؟ ومن يراقب عملية الصرف؟ مشيراً إلى سؤال آخر يطرحه قانونيون: كيف تتم عمليات التأميم والمصادرة، قبل الانتهاء مع من تم إيقافهم، والمفترض أن وضعهم القانوني، حتى انتهاء التحقيقات، أنهم مجرد متهمين؟ وماذا لو تمت تبرئتهم؟ وكيف ستعيد الدولة لهم أموالهم؟ وكيف يتم تعويضهم عن تعطلها؟
تبقى أسئلة أخرى كثيرة معلقة، بلا إجابات واضحة؛ لكن السؤال الأهم هو: هل تتحمل البيئة الاقتصادية والمجتمعية في المملكة، المغامرة الجديدة لبن سلمان؟
اقــرأ أيضاً
ووفقاً لبيان رسمي بثته، مساء أمس الإثنين، الوكالة السعودية الرسمية للأنباء "واس"، فقد أعلنت السلطات السعودية أنها ستقوم بتجميد الحسابات المصرفية للشخصيات وكبار رجال الأعمال الذين أوقفوا على خلفية قضايا فساد.
وقال "مركز التواصل الدولي" التابع لوزارة الثقافة والإعلام السعودية، إن المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد والموجودة في حسابات الموقوفين ستتم إعادتها إلى الخزينة العامة للدولة.
دشنت المغامرة الجديدة لـ"بن سلمان"، لمفهوم "التأميم"، بكل ما يعنيه من نتائج واحتمالات؛ يبدو أغلبها سلبيا، لأسباب كثيرة، من أبرزها، أنها تهدد تماماً فكرة الاقتصاد الحر، التي اعتمدتها الدولة طوال تاريخها، وبغير استثناء يذكر؛ وفي بلد لا يهتم كثيراً بقيم الحريات السياسية والمجتمعية؛ فإن الملاذ الوحيد تقريباً لتحقيق قدر من الحرية، كان يتمثل في الاقتصاد، وحركة الأموال ومناخ الأعمال.
في هذا الإطار يقول محلل اقتصادي سعودي، لـ"العربي الجديد"، إن خطورة قرار بن سلمان، الذي نفّذ "التأميم"، بدون أن يعلن ذلك، تتمثل في خطرين رئيسيين، أولهما أنه يتعارض مع القيم الاقتصادية السائدة في البلاد على مدار تاريخها الحديث، بل والقديم أيضاً، بما يؤدي إلى ارتباك لدى الشركات ورجال الأعمال والمستثمرين؛ الذين سيظل هاجس "مصادرة وتأميم أموالهم"، عقبة رئيسية في طريقهم؛ خاصة أن الاستثمار في قطاع الأعمال يرتبط في معظم الحالات بجهات ومؤسسات رسمية؛ لم يعد يضمن المستثمر، أن أمواله لن تتعرض لمخاطر كبرى، في أي وقت؛ ولأسباب بالجهات التي يعمل معها.
أما الخطر الرئيس الثاني، فيتمثل في زيادة النسبة التي تقررها الشركات، لبند المخاطر المحتملة، بما يعني زيادة تكاليف ومصروفات المشاريع والأعمال؛ بكل ما لذلك من آثار تضخمية؛ وبما يرفع تكلفة المنتج النهائي لأي سلعة أو خدمة، وبما يؤثر على شرائح وطبقات متعددة في المجتمع.
ويلفت المحلل الاقتصادي الانتباه هنا، إلى أن ولي العهد نفسه تحدث، قبل أيام، عن مشروع "نيوم"، الذي تبلغ قيمة تكاليفه والاستثمار فيه 500 مليار دولار؛ وفي وضع تتآكل معه الاحتياطات النقدية السعودية بسبب السحب المستمر منها، فإن المنتظر، وفقاً لتفكير بن سلمان، كان يتمثل في تحفيز شركات ومستثمرين أجانب، بنسبة كبيرة، ومحليين بنسبة أقل، للعمل في هذا المشروع، الذي لم تقدم له، حتى الآن، أي دراسات جدوى حقيقية؛ ومازال يتلخص في أفكار نظرية، لا يعول عليها المستثمر كثيراً. وهنا خطر آخر؛ لأن إشاعة أجواء "التأميم"، ومصادرة الأموال، تنسف كل جهود التحفيز وإغراء الشركات بالاستثمار في المشروع المزعوم.
وفي غياب مفاهيم الشفافية، وعدم وجود آلية واضحة لاتخاذ القرارات، وسن التشريعات القانونية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، فإن إحجام المستثمر ورجل الأعمال السعودي عن توسيع استثماراته الداخلية، كان ومازال واحدا من مواطن الخلل الهيكلي في بنية الاقتصاد، وقطاع الأعمال؛ وجاءت قرارات التأميم والمصادرة، التي قررها بأسلوب صادم، ولي العهد، لتضاعف من الإحجام عن الاستثمار المحلي، والتفكير عوضاً عن ذلك في الهروب برؤوس الأموال إلى الخارج؛ تجنباً لمخاطر محتملة.
ويطرح اقتصادي سعودي، تحدث لـ"العربي الجديد"، من خارج المملكة، عدداً من التساؤلات، من أبرزها: تحت أي بند في الموازنة العامة، سيتم وضع الأموال التي تمت مصادرتها من الأمراء والوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال؛ وهي بالمليارات؛ وفقاً لتقديرات غير رسمية؟
ويضيف، "يتفرع عن ذلك هواجس وأسئلة أخرى، منها: أين ستنفق الأموال التي تم تأميمها؟ ومن يراقب عملية الصرف؟ مشيراً إلى سؤال آخر يطرحه قانونيون: كيف تتم عمليات التأميم والمصادرة، قبل الانتهاء مع من تم إيقافهم، والمفترض أن وضعهم القانوني، حتى انتهاء التحقيقات، أنهم مجرد متهمين؟ وماذا لو تمت تبرئتهم؟ وكيف ستعيد الدولة لهم أموالهم؟ وكيف يتم تعويضهم عن تعطلها؟
تبقى أسئلة أخرى كثيرة معلقة، بلا إجابات واضحة؛ لكن السؤال الأهم هو: هل تتحمل البيئة الاقتصادية والمجتمعية في المملكة، المغامرة الجديدة لبن سلمان؟