تحول مشروع خصخصة قطاع الكهرباء، الذي طرحته الحكومة العراقية مؤخراً، إلى موجة غضب في الشارع، احتجاجا على الخطوة التي تزامنت مع رفع أسعار تعرفة الطاقة إلى الضعف، وسط قلق من تزايد الأعباء المعيشية للعراقيين، بينما اعتبر مسؤولون حكوميون أن هذا المشروع يهدف إلى إنهاء ملف الطاقة المتردي وتأهيل القطاع عبر القطاع الخاص.
ويقوم مشروع الخصخصة، الذي أقرته وزارة الكهرباء الأسبوع الماضي على منح مهمة تحصيل رسوم الكهرباء لشركات خاصة تقوم بدورها بعمليات صيانة شبكات توزيع الطاقة بالمدن وإنهاء التجاوزات على الشبكة ومتابعة المجمعات التجارية وتركيب مقاييس ذكية لجميع المنازل، مقابل حصول الشركة على 13% من مجموع الفاتورة المفروضة على المواطنين شهرياً.
وبالتوازي مع هذه الخطوة رفعت وزارة الكهرباء قبل أيام تعريفة الطاقة بنحو الضعف، لتصل إلى 10 دنانير لكل كيلوواط (0.01 دولار) ، مقابل 5 دنانير في السابق.
وشهدت عدة مدن، منها العاصمة بغداد، احتجاجات يومي الجمعة والسبت الماضيين، رفضا لخصخصة الكهرباء. وفي بغداد، أغلقت السلطات الأمنية كافة الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير وسط العاصمة تحسبا للمظاهرات.
وفي مدينة ذي قار (355 كلم جنوب بغداد)، طوق آلاف المتظاهرين دائرة الكهرباء في المدينة، مطالبين بإلغاء الخصخصة في وقت اتخذت فيه السلطات الأمنية أيضا إجراءات مشددة تحسباً لحدوث مصادمات.
كما خرج مئات المتظاهرين في البصرة (455 كيلومترا أقصى جنوب العاصمة) مطالبين بإلغاء عمل شركات استثمار وجباية (تحصيل) رسوم الكهرباء، واحتشد المتظاهرون أمام مبنى الحكومة المحلية في المدينة مطالبين بإعادة النظر في التعريفة الجديدة.
وقال مرتضى المعموري، الخبير في قطاع الطاقة، إن اعتراض الشارع العراقي على خصخصة الكهرباء يأتي في ظل عدم الثقة بالحكومة وخوفاً من أن يكون المشروع بمثابة باب جديد للفساد ينهك المواطن، لاسيما أن هذه الخصخصة تعني أن المواطن سيدفع مرتين مرة لأصحاب المولدات الأهلية وثانية لشركات الخصخصة التي تعاقدت معها وزارة الكهرباء دون أن تؤدي بالنهاية إلى وصول الكهرباء 24 ساعة للمنازل.
ومنذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، يعاني العراقيون من نقص إمدادات الكهرباء، التي تراجعت مؤخرا لتبلغ ست ساعات يوميا، وهو ما دفع الكثير من المواطنين إلى الاشتراك بما يعرف بـ "المولدات الأهلية"، حيث يقوم أحد الميسورين بشراء مولد طاقة ويقوم بنصبه في الشارع ويوزع للمنازل المحيطة كل حسب رغبته وبمبالغ شهرية تبلغ نحو 100 دولار.
وأضاف المعموري في حديث لـ" العربي الجديد": "كان الأجدر بهم (الحكومة) محاسبة من سرق أموال إعمار الكهرباء من المنحة اليابانية ومنحة الأمم المتحدة ومنحة صندوق النقد الدولي طيلة 14 عاما ماضية، دون أن تحل المشكلة، ومن حق أي عراقي أن يسأل عن الـ 40 مليار دولار، التي أعلنت وزارة التخطيط في وقت سابق أنها أُنفقت على قطاع الكهرباء خلال السنوات الماضية وتحديدا منذ العام 2003".
وتابع خبير الكهرباء: "مشروع الخصخصة بمثابة إفلات للمسؤولين الفاسدين، ومعاقبة المواطن وتعزيز نوافذ الفساد بالبلاد"، مشيرا إلى أن التعريفة الجديدة التي يتضمنها مشروع الخصخصة تؤدي إلى ترتب فواتير تفوق مرتبات بعض العراقيين إن كان لهم وظيفة بالأصل، كما انه يسمح بالتلاعب في قراءة عدادات الكهرباء من قبل الشركات المستثمرة.
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس محافظة البصرة (الحكومة المحلية) سعد ياسين، في تصريحات لوسائل إعلام محلية إنه "وفقا للتسعيرة الجديدة من الوزارة فإن الرسوم المحصلة من المنازل والمتاجر ستتراوح بين 150 ألف دينار (127 دولارا) ومليون دينار (846 دولارا) وهو ما يفوق قدرة أي عراقي".
وأضاف ياسين أن "الخصخصة عنوان مزيف، لأنه تم إعطاء المستثمر حقوقا وصلاحيات مطلقة في ظل الفساد المستشري في البلاد وهناك جهات سياسية تصر على مشروع الخصخصة لأن وراءه أموالاً طائلة".
في المقابل، دافعت وزارة الكهرباء في بيان لها، أمس الأحد، عن قرار خصخصة الخدمات، معتبرة أن "عقود الخدمة والجباية في قطاع توزيع الطاقة الكهربائية، هي عقود شراكة مع القطاع الخاص وليست خصخصة".
وقالت الوزارة إنه تم إعداد العقود من قبل الدوائر القانونية في مجلس الوزراء وديوان الرقابة المالية، والهيئة الوطنية للاستثمار، ووزارة الكهرباء، و"تم الأخذ بعين الاعتبار تحصين الحكومة والوزارة ومصلحة المواطن".
ووفق البيان فإن تعريفة استهلاك الكهرباء مدعومة من الحكومة، ولا تتدخل فيها الشركات، وإن قوائم الاستهلاك تصدر من وزارة الكهرباء، موضحة أن النسبة الممنوحة للشركات من مبالغ الجباية لا تتعدى 12.9% من إجمالي مبلغ الجباية، تدفع منها الشركات رواتب 80% من منتسبي قطاعات الصيانة التابعين لوزارة الكهرباء ضمن الرقعة الجغرافية لمسؤولية الشركات.
ولفتت إلى أن سعر وحدة الكيلوواط في الساعة تكلف وزارة الكهرباء نحو 108 دنانير (0.09 دولار)، بوجود دعم الوقود من الحكومة، بينما تتكلف بدون وجود هذا الدعم 154 ديناراً (0.13 دولار)، في حين تبيع الوزارة الكهرباء للمواطنين بعد زيادة التعريفة بنحو 10 دنانير (0.01 دولار)، مضيفة أن "وزارة الكهرباء قد حققت قصص نجاح في جميع المناطق التي نفذت فيها هذا المشروع".
وبحسب مسؤول حكومي، فإن المشروع الجديد يهدف لإنهاء ملف الطاقة المتردي، من خلال قيام وزارة الكهرباء بتأهيل القطاع من موازنتها دون الحاجة إلى تخصيص مبالغ حكومية.
وقال المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "أموال الجباية (الرسوم) الشهرية في كل العراق تكفي لبناء محطة كهرباء متوسطة الإنتاج كل ثلاثة أشهر، إذ يتوقع أن تبلغ حصيلة الفواتير خلال الفترة المذكورة نحو 40 مليون دولار، ثلثها من القطاعين التجاري والصناعي".
وأضاف: "الحكومة غير قادرة على إنهاء مشكلة الكهرباء حالياً، ولا بعد 10 سنوات من الآن، بسبب الأزمة المالية وتهالك المحطات، التي يعود بعضها إلى سبعينيات القرن الماضي، وازدياد الطلب على الطاقة بشكل غير منطقي وبواقع 8% كل عام".
ورأى أن المشروع من شأنه تحقيق نفع للمواطنين، كما سيحد من تبذير الطاقة بالمنازل والمتاجر والمصانع، مشيرا إلى أن الخصخصة ستكون لخمس سنوات، وقد تنتهي بعد ذلك وتعود لمسؤولية الدولة في حال تم حل مشكلة الكهرباء.
ويعاني العراق عجزا كبيرا في القدرة الإنتاجية، حيث يحتاج إلى 24 ألف ميغاواط بالوقت الذي لا ينتج فيه أكثر من 10 آلاف ميغاواط.
اقــرأ أيضاً
ويقوم مشروع الخصخصة، الذي أقرته وزارة الكهرباء الأسبوع الماضي على منح مهمة تحصيل رسوم الكهرباء لشركات خاصة تقوم بدورها بعمليات صيانة شبكات توزيع الطاقة بالمدن وإنهاء التجاوزات على الشبكة ومتابعة المجمعات التجارية وتركيب مقاييس ذكية لجميع المنازل، مقابل حصول الشركة على 13% من مجموع الفاتورة المفروضة على المواطنين شهرياً.
وبالتوازي مع هذه الخطوة رفعت وزارة الكهرباء قبل أيام تعريفة الطاقة بنحو الضعف، لتصل إلى 10 دنانير لكل كيلوواط (0.01 دولار) ، مقابل 5 دنانير في السابق.
وشهدت عدة مدن، منها العاصمة بغداد، احتجاجات يومي الجمعة والسبت الماضيين، رفضا لخصخصة الكهرباء. وفي بغداد، أغلقت السلطات الأمنية كافة الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير وسط العاصمة تحسبا للمظاهرات.
وفي مدينة ذي قار (355 كلم جنوب بغداد)، طوق آلاف المتظاهرين دائرة الكهرباء في المدينة، مطالبين بإلغاء الخصخصة في وقت اتخذت فيه السلطات الأمنية أيضا إجراءات مشددة تحسباً لحدوث مصادمات.
كما خرج مئات المتظاهرين في البصرة (455 كيلومترا أقصى جنوب العاصمة) مطالبين بإلغاء عمل شركات استثمار وجباية (تحصيل) رسوم الكهرباء، واحتشد المتظاهرون أمام مبنى الحكومة المحلية في المدينة مطالبين بإعادة النظر في التعريفة الجديدة.
وقال مرتضى المعموري، الخبير في قطاع الطاقة، إن اعتراض الشارع العراقي على خصخصة الكهرباء يأتي في ظل عدم الثقة بالحكومة وخوفاً من أن يكون المشروع بمثابة باب جديد للفساد ينهك المواطن، لاسيما أن هذه الخصخصة تعني أن المواطن سيدفع مرتين مرة لأصحاب المولدات الأهلية وثانية لشركات الخصخصة التي تعاقدت معها وزارة الكهرباء دون أن تؤدي بالنهاية إلى وصول الكهرباء 24 ساعة للمنازل.
ومنذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، يعاني العراقيون من نقص إمدادات الكهرباء، التي تراجعت مؤخرا لتبلغ ست ساعات يوميا، وهو ما دفع الكثير من المواطنين إلى الاشتراك بما يعرف بـ "المولدات الأهلية"، حيث يقوم أحد الميسورين بشراء مولد طاقة ويقوم بنصبه في الشارع ويوزع للمنازل المحيطة كل حسب رغبته وبمبالغ شهرية تبلغ نحو 100 دولار.
وأضاف المعموري في حديث لـ" العربي الجديد": "كان الأجدر بهم (الحكومة) محاسبة من سرق أموال إعمار الكهرباء من المنحة اليابانية ومنحة الأمم المتحدة ومنحة صندوق النقد الدولي طيلة 14 عاما ماضية، دون أن تحل المشكلة، ومن حق أي عراقي أن يسأل عن الـ 40 مليار دولار، التي أعلنت وزارة التخطيط في وقت سابق أنها أُنفقت على قطاع الكهرباء خلال السنوات الماضية وتحديدا منذ العام 2003".
وتابع خبير الكهرباء: "مشروع الخصخصة بمثابة إفلات للمسؤولين الفاسدين، ومعاقبة المواطن وتعزيز نوافذ الفساد بالبلاد"، مشيرا إلى أن التعريفة الجديدة التي يتضمنها مشروع الخصخصة تؤدي إلى ترتب فواتير تفوق مرتبات بعض العراقيين إن كان لهم وظيفة بالأصل، كما انه يسمح بالتلاعب في قراءة عدادات الكهرباء من قبل الشركات المستثمرة.
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس محافظة البصرة (الحكومة المحلية) سعد ياسين، في تصريحات لوسائل إعلام محلية إنه "وفقا للتسعيرة الجديدة من الوزارة فإن الرسوم المحصلة من المنازل والمتاجر ستتراوح بين 150 ألف دينار (127 دولارا) ومليون دينار (846 دولارا) وهو ما يفوق قدرة أي عراقي".
وأضاف ياسين أن "الخصخصة عنوان مزيف، لأنه تم إعطاء المستثمر حقوقا وصلاحيات مطلقة في ظل الفساد المستشري في البلاد وهناك جهات سياسية تصر على مشروع الخصخصة لأن وراءه أموالاً طائلة".
في المقابل، دافعت وزارة الكهرباء في بيان لها، أمس الأحد، عن قرار خصخصة الخدمات، معتبرة أن "عقود الخدمة والجباية في قطاع توزيع الطاقة الكهربائية، هي عقود شراكة مع القطاع الخاص وليست خصخصة".
وقالت الوزارة إنه تم إعداد العقود من قبل الدوائر القانونية في مجلس الوزراء وديوان الرقابة المالية، والهيئة الوطنية للاستثمار، ووزارة الكهرباء، و"تم الأخذ بعين الاعتبار تحصين الحكومة والوزارة ومصلحة المواطن".
ووفق البيان فإن تعريفة استهلاك الكهرباء مدعومة من الحكومة، ولا تتدخل فيها الشركات، وإن قوائم الاستهلاك تصدر من وزارة الكهرباء، موضحة أن النسبة الممنوحة للشركات من مبالغ الجباية لا تتعدى 12.9% من إجمالي مبلغ الجباية، تدفع منها الشركات رواتب 80% من منتسبي قطاعات الصيانة التابعين لوزارة الكهرباء ضمن الرقعة الجغرافية لمسؤولية الشركات.
ولفتت إلى أن سعر وحدة الكيلوواط في الساعة تكلف وزارة الكهرباء نحو 108 دنانير (0.09 دولار)، بوجود دعم الوقود من الحكومة، بينما تتكلف بدون وجود هذا الدعم 154 ديناراً (0.13 دولار)، في حين تبيع الوزارة الكهرباء للمواطنين بعد زيادة التعريفة بنحو 10 دنانير (0.01 دولار)، مضيفة أن "وزارة الكهرباء قد حققت قصص نجاح في جميع المناطق التي نفذت فيها هذا المشروع".
وبحسب مسؤول حكومي، فإن المشروع الجديد يهدف لإنهاء ملف الطاقة المتردي، من خلال قيام وزارة الكهرباء بتأهيل القطاع من موازنتها دون الحاجة إلى تخصيص مبالغ حكومية.
وقال المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "أموال الجباية (الرسوم) الشهرية في كل العراق تكفي لبناء محطة كهرباء متوسطة الإنتاج كل ثلاثة أشهر، إذ يتوقع أن تبلغ حصيلة الفواتير خلال الفترة المذكورة نحو 40 مليون دولار، ثلثها من القطاعين التجاري والصناعي".
وأضاف: "الحكومة غير قادرة على إنهاء مشكلة الكهرباء حالياً، ولا بعد 10 سنوات من الآن، بسبب الأزمة المالية وتهالك المحطات، التي يعود بعضها إلى سبعينيات القرن الماضي، وازدياد الطلب على الطاقة بشكل غير منطقي وبواقع 8% كل عام".
ورأى أن المشروع من شأنه تحقيق نفع للمواطنين، كما سيحد من تبذير الطاقة بالمنازل والمتاجر والمصانع، مشيرا إلى أن الخصخصة ستكون لخمس سنوات، وقد تنتهي بعد ذلك وتعود لمسؤولية الدولة في حال تم حل مشكلة الكهرباء.
ويعاني العراق عجزا كبيرا في القدرة الإنتاجية، حيث يحتاج إلى 24 ألف ميغاواط بالوقت الذي لا ينتج فيه أكثر من 10 آلاف ميغاواط.