وأظهرت بيانات رسمية أن الحكومة قلصت عدد العاملين في القطاع الحكومي بنحو 800 ألف موظف دفعة واحدة خلال العام المالي 2016/ 2017، الذي أعقب اتفاق الصندوق. وأشارت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) إلى بلوغ عدد العاملين في القطاع الحكومي 5 ملايين فرد بنهاية العام المالي قبل الماضي، مقابل 5.8 ملايين موظف في العام المالي السابق عليه 2015/ 2016، بانخفاض بلغت نسبته 13%.
وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولى، أمام البرلمان، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي: "لدينا مشكلة أساسية تتمثل في التوظيف في الجهاز الإداري للدولة، ونحن كحكومة نعلم حجم الأعباء المثقلة علينا، فهناك 5 ملايين موظف في الحكومة، ونحن لا نحتاج أكثر من 40% من هذه الطاقة، وبالتالي لا سبيل للضغط على الحكومة من أجل فتح التعيينات".
وفي هذا الإطار، أكّد الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين، لـ"العربي الجديد" أن النظام الحالي مجبر على الاستمرار في طريق التقشف والضغط المتواصل على المواطنين، بسبب تصاعد الأزمات المالية والاقتصادية التي كانت نتاجاً طبيعياً للاستسلام لشروط صندوق النقد الدولي.
وأكد شاهين أن المؤشرات الاجتماعية المترتبة على الخضوع لصندوق النقد هي الأخطر على الإطلاق، مشيراً إلى ارتفاع نسب الطلاق وجرائم القتل لأسباب اقتصادية وغيرها، موضحاً أن المجتمع المصري سيتعرض لأزمات أكبر في ظل اتجاه الحكومة إلى استكمال خطة تسريح الموظفين والتخلص من بقايا القطاع العام، عبر طرح الشركات الحكومية للبيع.
وحسب شاهين، فإن القرارات التقشفية الناجمة عن الاتفاق أدت إلى اتساع دائرة غضب الشارع المصري، حيث كانت الأزمات المجتمعية والمعيشية أهم أسباب انتفاضة الناس في 20 سبتمبر/أيلول الماضي، وما زال الشارع المصري محتقناً حتى الآن لهذا السبب.
وتابع أن أكثر من 80% من الإيرادات تأكلها أقساط الديون وفوائدها، مؤكداً أن السياسات الاقتصادية الحالية أدت إلى مستويات قياسية في الاقتراض، ما أرهق المالية المصرية.
وأرجع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مايو/أيار الماضي، زيادة الدين العام إلى مرتبات الموظفين وفوائد الاقتراض من الخارج. وأكد السيسي، في تصريحات سابقة عام 2016، أن الحكومة لا تحتاج سوى مليون موظف من إجمالي عدد الموظفين الحكوميين.
ووفقاً لاستراتيجية التنمية المستدامة (2030) التي أعلنها السيسي عام 2017، تعوّل الحكومة على اتّباع آلية التقاعد المبكر المذكورة في قانون الخدمة المدنية الجديد، مع حظر التعيينات الجديدة نهائياً، إلا في صورة تعاقدات مؤقتة كالتي ترغب وزارة التعليم في تطبيقها، أو عقود استشارية مؤقتة، أو في الجهات ذات الطابع الاستثنائي التابعة للرئاسة، حتى يصل الجهاز الحكومي إلى حوالي 3.9 ملايين موظف فقط بعد عامين.
ووفق البرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد، فالحكومة المصرية ملتزمة بتقليص أعداد الموظفين في الدولة ارتباطاً بخفض بند الأجور في الموازنة العامة.
وحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، تراجع معدل البطالة في مصر خلال الربع الثاني من العام الحالي، إلى 7.5% من قوة العمل، مقابل 8.1% في الربع الأول من 2019، وبلغ عدد العاطلين 2.094 مليون، بانخفاض 173 ألف عاطل، وهو ما شكك فيه خبراء اقتصاد؛ إذ أكدوا أن تراجع البطالة يتضارب مع رقم رسمي آخر، وهو زيادة نسبة الفقر إلى 32.5%، بالإضافة إلى تسريح مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين.