أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن العقوبات التي أعلنتها بلاده على إيران ودخلت حيز التنفيذ، الإثنين، تستهدف 600 شخص وشركة بالقطاع المالي.
وأضاف بومبيو في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية أن تلك العقوبات ستعزل إيران عن سوق النفط، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "الشعب الإيراني لن يتضرر من ذلك".
وقال: "هذه العقوبات هي الأشد قسوة ضد الجمهورية الإيرانية، وهدفها تغيير سلوك إيران وحماية إسرائيل ودول أخرى"، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة ستستثني ثماني دول من التعامل مع إيران في مجال النفط، دون أن يحددها.
وأوضح أن تلك الاستثناءات ستكون سارية لمدة ستة أشهر، مضيفا أن الدول المعفاة يمكنها شراء النفط الإيراني، شريطة وضع المبلغ الذي تشتري به في حساب ضمان (أي يتحكم به طرف ثالث).
وأشار إلى أن إيران يمكنها إنفاق ذلك العائد في نطاق احتياجات إنسانية محددة. وبدأت الولايات المتحدة، اليوم الاثنين، تطبيق الحزمة الثانية من عقوباتها الاقتصادية على إيران وتشمل قطاعات الطاقة والتمويل والنقل البحري.
وتستهدف الولايات المتحدة بهذه العقوبات، الرامية لتقييد أنشطة التجارة الدولية لشركة النفط الإيرانية، اقتصاد البلد المعتمد بشكل كبير على تصدير النفط. وتسري العقوبات الأميركية على المؤسسات المالية الأجنبية التي تتعامل مع البنك المركزي وبقية المصارف الإيرانية.
ضغوط على أسعار النفط
ورأى جاكوب فنك كيركغارد، أحد كبار الباحثين في معهد بيترسون للاقتصاديات الدولية بواشنطن، أن العقوبات الأميركية على إيران، "ستضع بدون شك ضغوطا تصاعدية على أسعار النفط"، على المدى القصير، وستكون أكثر عدوانية من العقوبات السابقة.
وقال الخبير الاقتصادي، إن العقوبات من شأنها أن ترفع أسعار خام برنت إلى 100 دولار للبرميل الواحد، مضيفا: "مع ذلك أشك بأن الرئيس دونالد ترامب سيذهب إلى هذا الحد".
"كيركغارد"، رأى أن العقوبات ستكون "سيئة" للاقتصاد العالمي، وقال في هذا الصدد: "على المدى الطويل، برأيي، بما أنه ليس هناك فرصة لأن تغير إيران سياساتها، هذه العقوبات ستعني انخفاض معروض النفط، وارتفاع سعر النفط العالمي، لذا ستكون (العقوبات) نبأ سيئا للاقتصاد العالمي".
وأضاف: "غير أن الاقتصاد العالمي سيعتمد تماما على رغبة الدول الأخرى، وخاصة الاتحاد الأوروبي والصين، في تجاهل العقوبات الأميركية وشراء النفط الإيراني على أية حال". واعتبر أيضا، أن السبب الرئيس لإجراءات الولايات المتحدة ضد إيران، هو كره ترامب لأي شيء فعله الرئيس السابق باراك أوباما.
"خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، هي من ضمن النجاحات التي حققها أوباما في سياسته الخارجية، لذا يريد ترامب ببساطة تخريبها"، يضيف الخبير.
أوروبا والتجارة
على صعيد مواز، توقع الخبيرالاقتصادي، أن تخرج الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات من إيران، لأنهم سيولون قيمة وأهمية لعملياتهم في الولايات المتحدة، أكثر من تثمينهم للفرص المتاحة في السوق الإيرانية.
وأشار في الوقت ذاته إلى أن العديد من الشركات الأوروبية الصغيرة ومتوسطة الحجم، التي إما لا وجود لها في الولايات المتحدة، أو ليس لها مبيعات هناك، ستحاول على الأرجح مواصلة تعاملاتها مع إيران.
وأوضح الباحث في المعهد الدولي، أن "التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإيران يمكن أن تستمر بمستوى منخفض، لكن ستظل مرتفعة نسبيا بعد العقوبات الأميركية.
والأمر الرئيسي سيكون ما إذا سيطبق الاتحاد الأوروبي قواعد تحمي مصافي النفط الأوروبية من العقوبات الأميركية، وبذلك يمكن تكرير النفط الإيراني المستورد، وبيعه في أوروبا".
الصين وروسيا
"آن لويس هيتل"، وهي نائب رئيس "ماكرو أويلز" لدى شركة "وود ماكينزي" الدولية المتخصصة في استشارات الطاقة، قالت، من جهتها، إنه بالنسبة لعام 2018، فإن العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيرانية، هي العامل الرئيس في ارتفاع أسعار الخام الأخيرة.
وأضافت أن "التجار يردون على إلغاء أكثر من 1.1 مليون برميل باليوم من صادرات النفط، من السوق، في وقت نتوجه فيه إلى فصل الشتاء حيث يزداد فيه الطلب (على الطاقة)".
وتابعت المحللة: "بدون العقوبات، كان لدينا وفرة في المعروض في النصف الثاني من العام 2018". وأضافت أنه نظرا لهذا الوضع، "فإن أسعار النفط خلال هذا العام زادت 10 إلى 15 دولارا للبرميل الواحد".
بدوره، اعتبر هومايون فلكشاهي، كبيرة محللي البحوث لدى وود ماكينزي، إن الشركات الوحيدة العاملة في إيران هي صينية وروسية، مثل مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC)، وشركة الصين للبتروكيميائيات (Sinopec) وشركة JSC Zarubezhneft، وهي شركة نفط روسية تديرها الدولة.
وأضاف: "على أية حال استكملت شركتا CNPC و Sinopec مؤخرا المشاريع التي شاركت فيها في حقلي شمال أزاديجان ويدافاران في إيران، وهما الآن يتلقيان مدفوعاتهما على شكل شحنات نفط".
وتابع أن الشركتين الآن "لديهما الخيار لدراسة تمديد عقودهما السابقة أو الخروج بشكل كامل".
وأوضح فلكشاهي أن "العلاقات السياسية بين إيران والصين قوية، لذا يعتقد هذان البلدان أنهما سيواصلان التفاوض مع شركة النفط الوطنية الإيرانية على هذين الحقلين من أجل المرحلة الثانية من تطويرهما".
ولفت إلى أن شركة Zarubezhneft الروسية تبدأ أيضا مشروعا وقع الطرفان اتفاقية بشأنه في مارس/ آذار، مشيرا إلى أن الشركة مكشوفة فقط لفيتنام، وبالتالي فإن فرض العقوبات لن يكون له تأثير كبير على مشروعها".
واستطرد الباحث: "من جانب آخر، كانت الشركات الأوروبية في الخط الأمامي لدخول إيران"، مضيفًا أن "إعادة فرض عقوبات ثانوية ضد إيران تجبرهم على التراجع والتخلي عن خططهم الآن".
وتابع قائلًا "في الواقع ، ستحتاج الشركات المكشوفة على الولايات المتحدة إلى إعفاء (من العقوبات)، لتصبح قادرة على استثمار أكثر من 20 مليون دولار سنوياً في قطاع الطاقة الإيراني.
وقد أشارت شركة توتال (الفرنسية)، التي وقعت عقدا بقيمة 4.9 مليارات دولار لتطوير مشروع جنوب بارس المرحلة 11، إلى أنه لا خيار أمامها سوى الخروج من المشروع".
العقوبات وتركيا
تستورد تركيا تقريبا نصف نفطها من إيران؛ وبالنسبة لأنقرة، يسهّل القرب الجغرافي استيراد
النفط من طهران، إلا أن البلاد خفضت حجم مشترياتها بعد إعلان العقوبات الأميركية.
وعقدت الحكومة التركية محادثات مع الولايات المتحدة، حول إمكانية إعفاء أنقرة من عقوبات النفط المرتقبة على إيران.
والجمعة الماضية، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، أن لديهم معلومات بأن تركيا ستحصل على إعفاء من العقوبات الأميركية على إيران، لكن ليس لديهم كل التفاصيل بعد.
في أوائل مايو/ أيار الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الموقع بين إيران والقوى الكبرى.
وبموجب الانسحاب، أعلن ترامب استئناف عقوبات كانت مفروضة قبل الاتفاق، دخلت الحزمة الأولى منها حيز التنفيذ، في أغسطس/آب الفائت.
أعلن ترامب أنه سيخرج من الاتفاق النووي المشترك الذي تم التوقيع عليه في عام 2015 مع إيران وعدة دول أخرى. كان هذا التحرك متوقعا على نطاق واسع، واستعد البيت الأبيض على الفور لمعاقبة إيران والشركات التي تعمل في إيران.
(رويترز، الأناضول)