ألقى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الكرة في سلة منظمتي الأعمال ورجال الأعمال، للمساهمة في إخراج البلاد من الوضع الاقتصادي الصعب الذي يهدد بانفجار اجتماعي في أية لحظة.
ودعا السبسي، خلال مقابلة تلفزيونية الخميس الماضي، المنظمتين إلى المشاركة في حكومة وحدة وطنية، تلك دعوة هي الأولى من نوعها منذ 6 عقود، عندما شارك الاتحاد العام التونسي للشغل (منظمة العمال) في حكومة 1956، وهي مشاركة لم تتكرر من حينها.
واعتبر مراقبون للشأن الاقتصادي، أن المبادرة التي أعلنها رئيس الدولة تهدف إلى تحميل المنظمتين الأكثر تأثيرا في الاقتصاد، مسؤولية المشاركة في الحكم، وبالتالي مسؤولية النجاح أو الإخفاق في معالجة الملف الاقتصادي والاجتماعي الذي عجزت الحكومات التي مرت على الحكم منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011 عن معالجته.
ويسعى السبسي إلى إيجاد مخارج لمشكلتي العجز في موارد الدولة والتشغيل فضلا عن ضعف الاستثمار وتواصل الاحتجاجات العمالية والإضرابات.
ويرى الخبير الاقتصادي، محمد الجراية، أن دعوة منظمتي الشغالين ورجال الأعمال إلى المشاركة في توسيع قاعدة الحكومة يخفي رغبة بالزج بالمنظمتين لتحمل مسؤولية الملف الاقتصادي، فضلا عن دفع منظمة الشغالين (اتحاد العمال) نحو هدنة اجتماعية متوسطة المدى لتفادي خسائر إضافية للاقتصاد، سيما في القطاعات الحيوية التي أثرت على العائدات العامة مثل قطاع الفوسفات.
ويرى الجراية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قبول منظمة رجال الأعمال المشاركة في الحكم سيجعل أصحاب رؤوس الأموال مجبرين على الاستثمار والالتزام بالبرنامج الاقتصادي الذي ستضعه الحكومة الجديدة.
ويرى الجراية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قبول منظمة رجال الأعمال المشاركة في الحكم سيجعل أصحاب رؤوس الأموال مجبرين على الاستثمار والالتزام بالبرنامج الاقتصادي الذي ستضعه الحكومة الجديدة.
في المقابل، قالت رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي، إن ما يهمها من مبادرة رئيس الجمهورية هو برنامجها الاقتصادي والاجتماعي والأمني. وأكّدت أنّ منظمة رجال الأعمال لا تهمها الأسماء، بقدر ما تهمها المبادرات والبرامج التي تصب في مصلحة التونسيين.
ويعتبر الباجي قائد السبسي أن الحكومة يجب أن يشارك فيها وجوبا الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، مشددا على أنّ مشاركة المنظّمتين الوطنيتين الأبرزين في البلاد هي شرط أساسي للنجاح وإلا فإن هذه الحكومة سيكون مصيرها الفشل.
ويؤكد عضو البرلمان عن الجبهة الشعبية (اليسار العمالي)، فتحي الشماخي، أن مقترح السبسي، بتشكيل حكومة تتسع لأكبر قدر ممكن من الحساسيات السياسية والتنظيمية، يأتي في إطار تهيئة الأرضية للإسراع بالإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي يطالب بها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ويرى الشماخي أن الحكومة الحالية عجزت عن الإصلاحات الموجعة، بسبب ضعف الائتلاف الحاكم ورفض اتحاد الشغل والمعارضة للعديد من الإجراءات التقشفية. وأضاف الشماخي لـ "العربي الجديد"، أن تونس ستدخل بداية من 2017 في مرحلة سداد الديون التي حصلت عليها، وهو ما يجعل الخناق يضيق على الحكومة بسبب تدهور نسبة النمو وارتفاع عجز الموازنة، ما يتطلب حكومة صلبة ومتماسكة قادرة على إيجاد مخارج للأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
وأكد عضو البرلمان أن الحكومة الحالية لن تواجه عجز الموازنة مستقبلا بالتداين الخارجي الذي بلغ 52% من إجمالي الناتج المحلي، لافتا إلى أن الحلول القادمة يجب أن تكون محلية، عبر التعويل على الموارد الذاتية ومزيد دفع القطاعات المحركة للاقتصاد.
وتواجه الحكومة الحالية شحاً كبيراً في الموارد بسبب تواصل حالة الانكماش الاقتصادي وتوقف القطاعات الحيوية على غرار الفوسفات والسياحة، فيما تحتاج الدولة إلى نحو 1.5 مليار دولار لمواجهة النفقات بقية العام الجاري.
ووقعت تونس أول من أمس الجمعة، مع الولايات المتحدة الأميركية، اتفاقية ضمان القرض، من شأنها أن تساعد تونس على الوصول إلى تمويلات بأسعار معقولة من الأسواق الرأسمالية العالمية تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار أميركي.
ويعد هذا الضمان الثالث من نوعه الذي تمنحه الولايات المتحدة إلى تونس.
وساهم ضمان القرض الأول في عام 2012، في تحصيل تونس نحو 485 مليون دولار، بينما ساعد الضمان الثاني عام 2014 على تحصيل 500 مليون دولار من السوق الدولية، عبر طرح سندات.