في كل مرة تناقش فيها الأمم المتحدة موازنتها، يزداد التوتر حول كيفية توزيع هذه الموازنة على الأعضاء، وما زاد من تفاقم الوضع اليوم تأكيد واشنطن عزمها على خفض مساهماتها في عمليات حفظ السلام بنسبة 3%.
والسؤال المطروح: كيف سيؤمّن مبلغ الـ220 مليون دولار الذي لن تدفعه الولايات المتحدة بعد اليوم؟
ويتركز النقاش حول تحديد "مفاتيح التوزيع" بين الدول الأعضاء للموازنة التشغيلية وموازنة عمليات السلام التابعة للمنظمة الدولية.
وتعود هذه المسألة إلى الطاولة كل ثلاث سنوات. والاتفاق النهائي الذي يفترض أن يتم التوصل إليه قبل نهاية العام الحالي، سيطبق حتى عام 2021.
وتصل قيمة الموازنة التشغيلية للأمم المتحدة عن الفترة 2018-2019 إلى 5.4 مليارات دولار. أما موازنة عمليات حفظ السلام، فهي تصل إلى 6.6 مليارات دولار.
وأفاد دبلوماسي أن العاملين في اللجنة الخامسة التي تعالج مسائل موازنة الأمم المتحدة، باتوا حاليا يعملون "خلال النهار والليل وأيام العطل الأسبوعية"، لإنهاء هذا الملف الشائك.
وقال دبلوماسي في المنظمة الدولية، طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن "مجموعة الـ77 والصين (عمليا 134 دولة) اقترحت، خلال المناقشات، أن يشارك الاتحاد الأوروبي بقسم من النفقات التي توقفت الولايات المتحدة عن تغطيتها.
والمعروف أن للاتحاد الأوروبي صفة مراقب في الأمم المتحدة، في حين أن مجموعة الـ77 عبارة عن "مجموعة".
وتعتبر هذه المجموعة أنه من الطبيعي جدا أن يزيد الاتحاد الأوروبي من مساهمته في موازنة الأمم المتحدة، لكن دبلوماسيين أوروبيين، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، يؤكدون العكس، ويقولون إن "الأمر غير وارد"، لأن الأوروبيين في هذه الحالة "سيدفعون مرتين" كأعضاء وكاتحاد أوروبي، مع العلم أن مشاركة الأوروبيين تصل إلى 32% من الموازنة التشغيلية للمنظمة الدولية، ونحو 30% من موازنة عمليات حفظ السلام.
أما اليابان، فتؤكد أنه من غير الوارد أن تزيد مساهمتها في الموازنة. وستصبح الصين، خلال عام 2019، المساهم الثاني عالميا في هذه الموازنة بدلا من اليابان.
وأوضح دبلوماسيون في هذا الصدد أن "الصين ترغب في زيادة مساهمتها إذا كان التوزيع عادلا، وهي لا تريد دفع حصص دول أخرى"، كما أنها تطالب في المقابل بتسلّم صينيين مزيدا من المناصب في الأمم المتحدة.
وبناء على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن مساهمة واشنطن في موازنة عمليات حفظ السلام للسنوات الثلاث المقبلة ستنخفض من 28% إلى 25%، إلا أنها أبقت على مساهمتها بلا تغيير في الموازنة التشغيلية للأمم المتحدة وهي 22%، حسب ما أوضح دبلوماسيون.
واتصلت الولايات المتحدة ببعض الدول لتغطية النقص الناتج عن خفضها مساهماتها في عمليات حفظ السلام، ومن بين هذه الدول البرازيل والهند وتركيا والمكسيك والعربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة وبروناي، ولم تبد هذه الدول حتى الآن استعدادا للقيام بذلك.
وأفاد دبلوماسيون بأن بعض الدول وافقت على زيادة مساهمتها بضعة ملايين من الدولارات فقط، إلا أنها لا تريد أن تجعل هذه الخطوة سابقة تجبرها على القيام بالمثل لاحقا.
(فرانس برس)