قال مسؤول حكومي في مصر، إن البلاد قد تخفض قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأميركي بنسبة تتراوح ما بين 7 و12.6% في غضون شهر، ليصل السعر إلى ما بين 9.5 و10 جنيهات رسمياً.
وأضاف أن الخفض مرهون بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحدوث قفزة في احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
وحسب المسؤول، فإنه من المرجح تنفيذ هذا الإجراء خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وعقب موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على منح البلاد قرضا بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات، ووصول الشريحة الأولى من القرض المتوقع لها ما بين 2 و2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات ثنائية مع الأشقاء العرب للحصول على قروض بقيمة 6 مليارات دولار، بخلاف اتفاق قرض البنك الدولى، الأمر الذى سيرفع الاحتياطي النقدي للبلاد إلى ما يزيد عن 24 مليار دولار.
لكن مصدراً مصرفيا بارزاً قال إن البنك المركزي هو المسؤول فقط عن إدارة السياسة النقدية وتحديد سعر الصرف، وإن الحكومة غير مخولة بالحديث عن تحركات سوق الصرف، وإن البنوك المركزية لا تعلن عادة عن تغيرات مرتقبة أو محتملة في أسعار عملاتها الوطنية، بل تتبع سياسة الصدمة والفجائية لإحباط أية مضاربات في سوق الصرف الأجنبي.
وأضاف المصدر المصرفي، أن الحديث عن خفض محتمل للجنيه المصري مقابل الدولار هو أمر نفاه كبار المسؤولين في البنك المركزي المصري عدة مرات خلال الفترة الأخيرة.
لكن المسؤول الحكومي قال، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن البنك المركزي يسعى إلى اتباع سياسة مرنة لسعر صرف الدولار مع التدخل من حين لآخر، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في إطار تطبيق سعر عادل للعملة المصرية لإنهاء أزمة توقف عمليات الاستيراد وتعطل الإنتاج وصعوبة حصول المصانع على احتياجاتها من النقد الأجنبي.
وتشهد مصر ندرة في العملة الأجنبية، بسبب تراجع إيرادات السياحة والتصدير وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، ما أدى إلى عدم قدرة المصارف والبنك المركزي على تلبية احتياجات المستوردين والشركات للدولار، ما اضطر الكثير من المتعاملين للجوء إلى السوق السوداء، الأمر الذي ساهم في إنعاش هذه السوق وأدى إلى وجود سعرين للصرف، رسمي وآخر في السوق السوداء، بفارق كبير بينهما يتجاوز 40%.
ويبلغ سعر صرف الدولار رسمياً 8.88 جنيهات، في حين يصل في السوق السوداء إلى نحو 12.60 جنيها، وفق متعاملين في سوق الصرف والسوق السوداء غير الرسمية.
وقال المسؤول إن خفض العملة المحلية "إجراء ينتظره الكثيرون لإنهاء طوابير المستوردين ورجال الصناعة، الذين يعانون من صعوبة الاستيراد، سواء بضائع كاملة الصنع أو مستلزمات إنتاج".
واعتبر أن "هذا الإجراء ستكون له آثار إيجابية كبيرة على تحسن الوضع الاقتصادي في مصر، إذ ستتحرك عجلة الاقتصاد ويحدث رواج في معدلات الإنتاج".
وقلل المصدر من مخاطر خفض العملة على الموازنة العامة، مؤكداً أنه سيتم تعويضها من خلال زيادة الايرادات الضريبية، والتى ستنتعش مع عودة الإنتاج والتجارة إلى سابق عهدها، حيث تأثرت الحصيلة الضريبية بظروف الاقتصاد خلال الفترة الماضية.
وتابع أن ضرائب رجال الأعمال ستعود من جديد إلى وضعها، الأمر الذى سيعمل على توفير موارد للدولة لسد فجوة زيادة سعر الدولار، والوفاء بالاحتياجات الاستيرادية من غذاء وبترول.
وكان البنك المركزي المصري خفض، في مارس/آذار الماضي، قيمة الجنيه مقابل الدولار بنسبة 14.5% مرة واحدة، بما يعادل 112 قرشاً، لمواجهة ارتفاع العملة الأميركية في السوق السوداء، وعدم استنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي في الدفاع عن العملة المحلية.غير أن القرار أخفق، وفق متعاملين وخبراء اقتصاد، في السيطرة على السوق السوداء، إذ سرعان ما عادت الأسعار إلى الارتفاع بُعيد تراجعات طفيفة، وذلك في ظل تراجع إيرادات البلاد من النقد الأجنبي.
كما لم تفلح الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي والحملات الأمنية الشرسة ضد شركات الصرافة، والتي تم إغلاق ما يقرب من 50% منها، بينما واصل الدولار قفزاته، مسجلا مستويات غير مسبوقة في يوليو/تموز الماضي، بعد أن كسر حاجز 13 جنيهاً.
وتعرّض احتياطي مصر من النقد الأجنبي لأكبر خسارة له في 5 أعوام، بعد أن فقد ملياري دولار خلال يوليو/تموز. فيما أرجعه البنك المركزي، في بيان له في وقت سابق من أغسطس/آب الجاري، إلى سداد التزامات خارجية.
وبحسب البنك المركزي، تراجع الاحتياطي الأجنبي إلى 15.53 مليار دولار نهاية يوليو/تموز، مقابل 17.54 في نهاية يونيو/حزيران، ليعد بذلك أول تراجع منذ 5 أشهر والأكبر منذ ديسمبر/كانون الأول 2011.
ولجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي، ليعلن الصندوق في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري عن إبرام اتفاق مع الحكومة المصرية حول برنامج للإصلاح الاقتصادي، بما يسمح بمنح الصندوق قرضاً للقاهرة بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، فيما أشار مسؤولو بعثة الصندوق إلى أن من بين بنود البرنامج أن تكون هناك مرونة في سوق الصرف.