فمن نيامي عاصمة النيجر إلى كنشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، مرورا بباماكو في مالي وصولا إلى داكار السنغالية وحتى في دوالا الكاميرونية، نبضت الحياة على إيقاع جديد واستثنائي.
وبين من ابتاع لنفسه جهازا تلفزيونيا جديدا حرصا على متابعة جميع المباريات، وبين من سارع لإصلاح جهازه، يتابع الأفارقة بشغف كبير التظاهرة الكروية القارية، محاولين في جميع الأحوال، التشبّث بحدث يكسر رتابة أيامهم، أو ينسيهم أزمات بلدانهم، دون إغفال الهدف المحوري في كل ذلك وهو الكسب المادي.
المقاهي والمطاعم وجميع المحلات التجارية حتى الصغيرة منها، إلى جانب صالونات الحلاقة، استعدّت بشكل خاص لحلول هذا الحدث القاري الذي من المنتظر أن تتواصل مبارياته إلى 5 فبراير/شباط المقبل.
الجميع بدا متحمّسا إلى درجة لم يتوانَ معها عن إنفاق المبالغ المالية اللازمة لشراء تجهيزات جديدة لمحلّه، وأجهزة تلفزيون متطورة، أملا في استقطاب أكبر عدد ممكن من عشاق كرة القدم.
سخاء لم تمنعه الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة نوعا ما في معظم بلدان القارة السمراء.
حركية لافتة دبّت فجأة في جميع الأنشطة التجارية، حتى باعة قمصان المنتخبات المشاركة في البطولة الإفريقية، يستعيدون حيويتهم استعدادا لموسم الذروة بالنسبة لهم، بحسب "باسيونس" وهي طالبة كونغولية.
ولاستقطاب أكبر عدد من المتفرّجين، حرص أصحاب المقاهي والحانات في نيامي على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين بثّ كامل للمباريات، سعيا نحو الزيادة في إيراداتهم اليومية.
"عمر" نيجري يدير حانة "غيغينغنا" في نيامي، قال: "قمنا بتثبيت شاشات عملاقة في جميع جدران المحل تقريبا، ليتمكّن زبائننا أينما اختاروا الجلوس، من متابعة المباريات في أفضل الظروف".
وتحسّبا من انقطاع أو عطب كهربائي مفاجئين، لم يغفل عمر التفكير في الحصول على مولّد كهربائي لاستخدامه عند الحاجة.
وعلاوة على الفسحة النفسية التي توفرها البطولة الإفريقية لسكان كنشاسا، يعلق عليها التجار آمالا عريضة أيضا، فهذه التظاهرة تعد بالنسبة لهم فرصة ذهبية لتحقيق إيرادات مجزية، خصوصا بالنسبة لأصحاب المقاهي.
"إلسا"، صاحبة محل في حي "كيتامبو" وسط كنشاسا، قالت إن "البطولة الإفريقية والتظاهرات الكروية الكبرى من هذا النوع تترافق بالنسبة لنا بصعود تاريخي لمبيعاتنا".
تضيف السا "استعددنا كما يجب.. لقد جددّنا مخزوننا وقمنا بتثبيت شاشة عملاقة".
وأمام محلّها، يعرض "جون ديزيريه" على المارة بضاعته من القبعات والقمصان والسترات وغيرها من الأكسسورات الرياضية بألوان المنتخب الكونغولي.
ألوان خفّفت عن كنشاسا مسحة التوتر الغارقة فيها جراء أزمتها السياسية، حتى إنه فجأة توقف سكانها عن الحديث عن بقاء كابيلا في الحكم، وعن الحوار السياسي، وأصبح حديثهم يدور حصريا عن حظوظ منتخبهم في الفوز وأداء لاعبيه، بحسب صحفي مقيم في كنشاسا فضل عدم نشر هويته.
التغيير نفسه تعيش على وقعه باماكو عاصمة مالي هذه الأيام. فالحديث عن البطولة الإفريقية سرعان ما تغلّب، ومنذ يومه الأول، على الحدث الأبرز مؤخرا، وهو القمة الإفريقية - الفرنسية التي انعقدت أول أمس الجمعة وأمس السبت في باماكو، وفق "علي مايغا" صاحب محل لبيع الملابس الرياضية.
يضيف مايغا أن "قمصان المنتخب المالي تلقى رواجا كبيرا في الأسبوعين الأخيرين".
من جهتهم، لم يفوّت الباعة المتجوّلون على أنفسهم الفرصة، ليعرضوا على المارة في شوارع باماكو، الجدول الكامل لمباريات المنتخبات المشاركة في البطولة.
أما على القناة الرسمية، فتضاعفت الإعلانات بناء على طلب من المعلنين للاستفادة من ارتفاع نسب الإقبال على متابعة المباريات، والترويج تبعا لذلك لسلعهم.
وغير بعيد عن باماكو، وتحديدا في العاصمة السنغالية داكار، استكمل السكان استعداداتهم وبدؤوا بمتابعة المنافسة بحماس غير مسبوق.
ومع أن المباريات انطلقت منذ الأمس، إلا أن الكثير منهم لا يزالون يتدافعون في المحلات لشراء أجهزة تلفزيون جديدة، أو لإصلاح أجهزتهم القديمة، فالمهم بالنسبة لهم، في النهاية، هو متابعة المباريات بأجود صورة ممكنة.
يقول السنغالي "كاظم بوين" إن منزله يتحوّل في كل تظاهرة كروية إلى ملتقى يجمع أصدقاءه من عشاق كرة القدم لمتابعة المباريات" مضيفا "نحتسي الشاي ومعظم أصدقائي يأتون مرتدين قبعات وتي شيرتات(قمصان) بألوان منتخبنا الوطني"
(الأناضول، العربي الجديد)