عيد مفقود في بيوت ذوي الأسرى الفلسطينيين
منذ اعتقال سميح في عام 2006 وقضائه 12 سنة في السجون الإسرائيلية من محكومية مدتها 20 سنة، تفتقد أمه حضوره المبهج، في بيتٍ شهد مواسم عدة غاب عنها الأسير الفلسطيني. افتقدته 12 موسماً من شهور رمضان، واشتاقت لوقوفه بجانبها في المطبخ، وحضوره صباح العيد مع وجهه المبتسم لأمه وعائلته.
تتألم الحاجة نعمة من مدة غياب ابنها عنها، وتقول لـ"العربي الجديد": "لما اعتقلوه كان عمره 20 سنة والآن صار عمره 32 سنة، خلال هذه الفترة كنت أعد الأيام والسنين اللي غابها سميح عني، ما فيه حضور للعيد من دون سميح، العيد مليان كآبة وحزن، هذا الوجع لا يعرفه أحد أكثر من أمهات الأسرى".
ولا يجد ذوو الأسرى الفلسطينيين آذاناً تصغي إلى عذابات الاشتياق لأبنائهم، فهم وحدهم يرقبون مرور الليالي والسنين لغياب أبنائهم المتواصل، حتى أن اللسان يعجز عن وصف عذاب الغياب. لكنهم يعتصمون ويقفون وقفات تضامن مع أسراهم دوما كما اليوم الاثنين، خصوصاً أن حياتهم أصبحت قاسية جداً بعد اعتقال أبنائهم في سجون الاحتلال.
حال مشابه تعيشه أم نضال البرعي التي تقول: "ايه والله... سنين وأعياد مرت، خليها على الله، والله قلبي شاب وغزة شابت وعيني ما بتوقف بكي، خليها على الله".
نضال يقضي محكومية مدتها 30 عاماً، قضى منها 23 سنة، غاب عن كل المواسم السعيدة لدى العائلة، كما عن زواج ابنيه اللذين تركهما طفلين عند اعتقاله، وهو الأمر الذي يجعل الوجع يكبر لدى أمه وعائلته، وكلهم أمل أن يعود إلى أحضان عائلته. وتضيف أم نضال لـ"العربي الجديد": "ما بدي شيء غير طلوعه بالسلامة وأشوفه بينا وبين أولاده. صدقني اللي يقولي الله ينولك الحج، بقوله اللي بحبني يقولي الله يطلعلك ابنك قريباً".
أما والدة الأسير الفلسطيني حسام الزعانين، تحلم كل عيد على مدار خمس سنوات مضت منذ اعتقال ابنها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بأن تراه عائداً من صلاة العيد ويقبلها ويبارك لها العيد. أم حسام تعاني من وجعين، الأول لدى زيارة قبر ابنها الشهيد، والثاني ابنها الآخر الذي تحلم كل صباح بأن يخرج من السجون الإسرائيلية.
وتقول أم حسام لـ"العربي الجديد": "كتير بعدّ الأيام اللي مرت، أنا كل ما أفتح عيني الصبح بفكر كيف أزور قبر ابني الشهيد وكيف أشوف ابني الأسير. أنا بحس بالغربة في العيد وبأي وقت وأتمنى أسرانا يطلعوا ويعودوا لأحضاننا، أنا لو طلع ابني راح ظل أحس بغصة لأنه كل الأسرى هم أولادنا وفراقهم وجعنا".
ووفقاً لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، فإن 6500 أسير يقبعون في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، منهم نحو 500 أسير من قطاع غزة. في وقت تصادر سلطات الاحتلال كافة حقوقهم الإنسانية التي كفلتها الاتفاقيات والمواثيق الدولية وفرضت عليهم داخل السجن حياةً لا تطاق، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي.