وتشتغل لجنة الصحة في مجلس نواب الشعب على مشروع القانون الأساسي للمسؤولية الطبية، حتى يتسنى لها إضافة مقترحات جديدة لم يشتغل عليها البرلمان السابق بعدما إحالت وزارة الصحة النسخة النهائية للقانون إلى المجلس.
ومنذ عام 2017، بدأت لجنة مختصة في وزارة الصحة في كتابة مشروع قانون المسؤولية الطبية، في أعقاب سجن طبيبة "متربصة" وجهت إليها تهمة التقصير أثناء الداوم، ما تسبب في موت رضيع.
وأثارت حادثة سجن الطبيبة "المتربصة" حينها ضجة كبيرة وتحركات مكثفة بقطاع الأطباء، الذين طالبوا بقانون جديد يحمي حقوقهم أثناء ممارسة أعمالهم ويحدد المسؤوليات الطبية.
وأخيرا، أحالت وزارة الصحة مشروع قانون المسؤولية الطبية بعد سنتين من العمل يتضمن فصولا تتعلق بحقوق المرضى وأخرى بحقوق وواجبات الأطباء. ويهدف هذا المشروع إلى تقنين حقوق المرضى وإرساء نظام قانوني خاص بالمسؤوليّة الطبيّة لمهنيّي الصحّة والهياكل والمؤسّسات الصحيّة العموميّة والخاصّة.
ويتضمّن مشروع القانون فصولا تحدد مسائل مهمة في العمل الطبي، ومن بينها الخطأ الطبي والحادث الطبي والضرر غير العادي، فضلا عن الفصول المتعلقة بالحقوق الخاصة بالمرضى وطرق التكفل بهم في المؤسسات الصحية وجودة العلاج.
ويجيز مشروع القانون الجديد للمرضى الاطلاع مسبقا على مراحل علاجهم وحقهم في الحصول على نسخة من ملفهم الطبي، بالإضافة إلى اقتراحه إجراءات تحد من التتبع الجزائي لمهنيي الصحة.
كما يكفل القانون الجديد للمرضى حقوقهم في معرفة مختلف الكشوفات والعلاجات المقترحة، والأعمال الوقائية وضرورة الحصول على موافقتهم المسبقة والمستنيرة على تلقي العلاج، فضلا عن إرساء مسار للتسوية الرضائية بما يسمح للمتضررين من الحوادث والأخطاء الطبية غير القصدية بالحصول على التعويضات المستوجبة.
ويرى عضو هيئة الأطباء التونسيين، نزيه الزغل، أن مشروع القانون الأساسي لحقوق المرضى والمسؤولية الطبية مهم جدا للمرضى قبل الأطباء، باعتباره كافلا لحقوقهم في خدمات صحية جيدة ويحميهم من الممارسات الطبية الخاطئة.
ويقول الزغل لـ"العربي الجديد"، إنّ التصديق على هذا القانون يحتاج إلى أغلبية برلمانية باعتبار طبيعته (مشروع قانون أساسي)، داعيا الكتل البرلمانية لإسناد هذا المشروع والعمل على تطوير التشريعات الطبية، وعدم ترك الفراغات التشريعية التي تحدث الريبة في علاقة الطبيب بالمريض، وفق قوله.
وفي السنوات القليلة الماضية، تعرّض العديد من الأطباء لعقوبات سجنية أو الإيقاف في قضايا إهمال، رغم أن الأطباء لا يتحملون أي مسؤولية عن الأخطاء الحاصلة، كما لم يتسن للمتضررين الحصول على التعويضات اللازمة بسبب صعوبة إثبات الخطأ من عدمه وغياب الأدلة القانونية لتحميل المسؤولية الطبية للمتسبب في الخطأ، وهو ما دفع المهنيين للتحرك من أجل قانون يحدد المسؤوليات.