بعد جولات وصولات وخيبات، وجدت ما أبحث عنه. مَسكَن جديد في بيروت. بقيت على هذه الحالة أكثر من سنة، أدور على السماسرة وبائعي الخضار واللحّامين (الجزارين) والحلّاقين، ونواطير الأبنية، لاعتقادي أنهم وحدهم الذين لديهم معلومات عن البيوت المعروضة للإيجار في مناطقهم. طبعاً، بالإضافة إلى تبحّري في التطبيقات الإلكترونية المخصصة لذلك.
كنت كلما ظننت أنني وجدت ضالتي، أبدأ بعلاقات أولية مع جيران السكَن المحتمل، إلى أن فوجئت أن صاحب البيت غيّر رأيه لغرضٍ في نفسه، أو قرّر رفع سعر الإيجار، أو هبط عليه زبون "أدسم" مني. ثم قررت بعد فترة تغيير استراتيجية البحث، من الشارع إلى داخل البيوت. صرت كلما زرت صديقاً أو قريباً أنهي الزيارة أو أبدؤها بسؤالي عن شقق مجاورة للإيجار. وغالباً ما كان الجواب بالنفي اللامبالي أو المستفزّ: "لو أخبرتنا قبل أيام معدودة! كان ثمة شقة قريبة تناسبك، للأسف انتقل إليها ساكنٌ جديد بالأمس فقط!".
مللتُ من البحث الخائب والهجس اليومي بمسكن جديد أجمل وأوسع. وبعد جولاتي شبه اليومية، قررتُ، كارهاً، أن أجدّد بيتي الذي أصبحت لا أحتمل الجلوس فيه، أو أتردّد في دعوة أصدقائي إليه. بدأت بتغيير طلاء جدران الشقة الصغيرة، وبإجراء بعض أعمال الصيانة الصحية والكهربائية، وبإدخال تعديلات طفيفة على الديكور. قلتُ لبيتي منافقاً: "لعلّك نصيبي"، علّه يساندني في صبري ويصير أجمل في نظري.
منذ مدة وجيزة، كنت في زيارة مسائية لصديقتي وعائلتها. دار الحديث المعتاد عن اليوميات، وآخر تجاربي في الطبخ، حتى وصل السؤال الذي صرتُ أتجنّبه. سألتني والدة صديقتي عما إذا كنت قد عثرت على ضالتي المنشودة في بحثي عن مسكنٍ جديد. أجبتُها أنني قد استسلمت لقدري وروّضت قناعتي على الشقة الضيقة التي أسكنها. فأخبرتني بشغور شقة في مبناهم عينه! طلبت رؤيتها على الفور، وبعد معاينتها طلبتُ لقاء المالك الذي وافق بعد نقاشٍ سريع على عرضي من دون أن يتعبني. وهكذا، بعد أقل من أسبوع، بدأت بإجراء الإصلاحات الأساسية في المسكن الجديد، وبتوضيب أغراضي للانتقال من الشقة القديمة.
مسكني الجديد، أجل، مسكني! هو الطابق الأخير في المبنى وله شرفة (سطيحة) تزيد مساحتها عن مساحة الشقة. ستكون هذه السطيحة محجّاً للأصدقاء. في زاويتها المطلّة على الشارع العام سأنصب خيمة من القصب، وعلى طرفها سيكون ركن المشاوي، وعلى الطرف الآخر منها سيتركز مرسمي في الهواء الطلق تحيطه أحواض المزروعات. في مسكني الجديد الجميل. مسكني.
أحلى ما في مسكني الجديد أنه هو الذي عثر عليّ.
اقــرأ أيضاً
كنت كلما ظننت أنني وجدت ضالتي، أبدأ بعلاقات أولية مع جيران السكَن المحتمل، إلى أن فوجئت أن صاحب البيت غيّر رأيه لغرضٍ في نفسه، أو قرّر رفع سعر الإيجار، أو هبط عليه زبون "أدسم" مني. ثم قررت بعد فترة تغيير استراتيجية البحث، من الشارع إلى داخل البيوت. صرت كلما زرت صديقاً أو قريباً أنهي الزيارة أو أبدؤها بسؤالي عن شقق مجاورة للإيجار. وغالباً ما كان الجواب بالنفي اللامبالي أو المستفزّ: "لو أخبرتنا قبل أيام معدودة! كان ثمة شقة قريبة تناسبك، للأسف انتقل إليها ساكنٌ جديد بالأمس فقط!".
مللتُ من البحث الخائب والهجس اليومي بمسكن جديد أجمل وأوسع. وبعد جولاتي شبه اليومية، قررتُ، كارهاً، أن أجدّد بيتي الذي أصبحت لا أحتمل الجلوس فيه، أو أتردّد في دعوة أصدقائي إليه. بدأت بتغيير طلاء جدران الشقة الصغيرة، وبإجراء بعض أعمال الصيانة الصحية والكهربائية، وبإدخال تعديلات طفيفة على الديكور. قلتُ لبيتي منافقاً: "لعلّك نصيبي"، علّه يساندني في صبري ويصير أجمل في نظري.
منذ مدة وجيزة، كنت في زيارة مسائية لصديقتي وعائلتها. دار الحديث المعتاد عن اليوميات، وآخر تجاربي في الطبخ، حتى وصل السؤال الذي صرتُ أتجنّبه. سألتني والدة صديقتي عما إذا كنت قد عثرت على ضالتي المنشودة في بحثي عن مسكنٍ جديد. أجبتُها أنني قد استسلمت لقدري وروّضت قناعتي على الشقة الضيقة التي أسكنها. فأخبرتني بشغور شقة في مبناهم عينه! طلبت رؤيتها على الفور، وبعد معاينتها طلبتُ لقاء المالك الذي وافق بعد نقاشٍ سريع على عرضي من دون أن يتعبني. وهكذا، بعد أقل من أسبوع، بدأت بإجراء الإصلاحات الأساسية في المسكن الجديد، وبتوضيب أغراضي للانتقال من الشقة القديمة.
مسكني الجديد، أجل، مسكني! هو الطابق الأخير في المبنى وله شرفة (سطيحة) تزيد مساحتها عن مساحة الشقة. ستكون هذه السطيحة محجّاً للأصدقاء. في زاويتها المطلّة على الشارع العام سأنصب خيمة من القصب، وعلى طرفها سيكون ركن المشاوي، وعلى الطرف الآخر منها سيتركز مرسمي في الهواء الطلق تحيطه أحواض المزروعات. في مسكني الجديد الجميل. مسكني.
أحلى ما في مسكني الجديد أنه هو الذي عثر عليّ.