قبل أن ننام، وفي الصباح، وأثناء المشي، وفي لحظات شرودنا، أفكار والكثير منها. كلّما ظنّنا أنّنا انتهينا منها، تولد من جديد. تولد لنموت نحن. وهي حين تتجمّع في دماغنا، لا تتأكّد ممّا إذا كان هناك متّسع لها. تأتي فقط، كأنّها جزءٌ منّا. وتنجح في إقناعنا بالأمر، حتى نفقد القدرة على التخلّص منها. نفكّر ونحلّل التفاصيل والأحداث والمشاعر وردّات الفعل وتعابير الوجه.
تختار لحظات هي الأحبّ إلى قلبنا، حين نستلقي على أسرّتنا، راغبين في إفراغ أجسادنا من كلّ شيء. تأتي لتثبت أنّنا ضعفاء أمامها. كلّ هذه الأفكار دفعة واحدة؟ كأنّنا نقرأ عشرة كتب في وقت واحد. فكرة أولى تفسح المجال للثانية، والأخيرة للثالثة، وهكذا.
أحياناً، نشعر بثقل الأفكار في رؤوسنا. الأفكار تخلقُ لدينا أوجاعاً لم تكن من قبل. ولكلّ فكرة وجعها وقلقها. يبدو ذلك مضحكاً.
نحن، أو بعضُنا، ونأمل ألّا نكون أكثريّة، نختبر أوجاعاً كثيرة. كأن نقول إنّنا نعاني من ألمٍ في أطرافنا. أتكون الإنفلوانزا سبباً؟ أم أنّه الروماتيزم؟ لا هذا ولا ذاك. إنّه وجع مختلف، يبدو على صلة كبيرة بالأفكار المتحرّكة في أدمغتنا.
أفكار ترتدي نعالاً، تدعس الخلايا الحيّة وتؤذيها أو تميتها. بعدها، ماذا يُنتظر منّا، وقد بتنا مجرّد إطارٍ لكلّ تلك الأفكار؟ أفكار هي عبارة عن مخاوف وقلق. وهي، لن تُؤدّي إلى مادة علميّة تحدث ثورة في العالم، أو إلى اختراع دواء لأمراض السرطان مثلاً. فقط، تعمل على تفتيت أجسادنا من الداخل. ولا يعود هناك أيّة خفّة في رأسٍ يتصدّر الجسد، وقد أعلن نفسه قائداً عليه، هو الذي يملك القدرة على تحريكه. لا خفّة في الرأس. بل ثقلاً يجعل الجسد عاجزاً عن حمله. لذلك إذاً، لا قدرة لنا على التحرّك.
قليلاً، وتُتلف كلّ خلايا الدماغ. قليلاً، ونصبح مجرّد صورة لأفكار لا تُطيق روائح الخلايا المهترئة. هناك حاجةٌ إلى التخلّي عن كلّ شيء، حتى عن اللحظة الحالية، وكلّ ما يتعلّق بها. أيكون الحلّ في "اليقظة"، أي التركيز على الحاضر بشكل كامل، وأن تكون قادراً على أخذ مسافة من أفكارك ومشاعرك، من دون الحكم عليها. وبدلاً من أن تمرّ حياتك من أمامك، "اليقظة" هي عيش اللحظة.
لحظات من دون أفكار. دماغٌ فارغ لا يحرّكه شيء. لا جوع ولا قضاء حاجة، مثل نوم من دون عزلة. جسدنا لا يستحقّ أفكاراً قلقة وخائفة، هذا التدمير البطيء مثل قطرات مياه تسقط فوق جرنٍ كلّ بضعة ثوان. تعذيب، مثل أفكار مريض يعاني من اضطراب القلق. يصعب على آخرين فهمه أو استيعابه أو التضامن معه، فأسبابه غير مرئية وغير مقنعة. وحده يرى قلقه بوضوح. ما إن يقترب من التقاطه حتى يفلت منه. ويقضي حياته محاولاً تدميره.
اقــرأ أيضاً
تختار لحظات هي الأحبّ إلى قلبنا، حين نستلقي على أسرّتنا، راغبين في إفراغ أجسادنا من كلّ شيء. تأتي لتثبت أنّنا ضعفاء أمامها. كلّ هذه الأفكار دفعة واحدة؟ كأنّنا نقرأ عشرة كتب في وقت واحد. فكرة أولى تفسح المجال للثانية، والأخيرة للثالثة، وهكذا.
أحياناً، نشعر بثقل الأفكار في رؤوسنا. الأفكار تخلقُ لدينا أوجاعاً لم تكن من قبل. ولكلّ فكرة وجعها وقلقها. يبدو ذلك مضحكاً.
نحن، أو بعضُنا، ونأمل ألّا نكون أكثريّة، نختبر أوجاعاً كثيرة. كأن نقول إنّنا نعاني من ألمٍ في أطرافنا. أتكون الإنفلوانزا سبباً؟ أم أنّه الروماتيزم؟ لا هذا ولا ذاك. إنّه وجع مختلف، يبدو على صلة كبيرة بالأفكار المتحرّكة في أدمغتنا.
أفكار ترتدي نعالاً، تدعس الخلايا الحيّة وتؤذيها أو تميتها. بعدها، ماذا يُنتظر منّا، وقد بتنا مجرّد إطارٍ لكلّ تلك الأفكار؟ أفكار هي عبارة عن مخاوف وقلق. وهي، لن تُؤدّي إلى مادة علميّة تحدث ثورة في العالم، أو إلى اختراع دواء لأمراض السرطان مثلاً. فقط، تعمل على تفتيت أجسادنا من الداخل. ولا يعود هناك أيّة خفّة في رأسٍ يتصدّر الجسد، وقد أعلن نفسه قائداً عليه، هو الذي يملك القدرة على تحريكه. لا خفّة في الرأس. بل ثقلاً يجعل الجسد عاجزاً عن حمله. لذلك إذاً، لا قدرة لنا على التحرّك.
قليلاً، وتُتلف كلّ خلايا الدماغ. قليلاً، ونصبح مجرّد صورة لأفكار لا تُطيق روائح الخلايا المهترئة. هناك حاجةٌ إلى التخلّي عن كلّ شيء، حتى عن اللحظة الحالية، وكلّ ما يتعلّق بها. أيكون الحلّ في "اليقظة"، أي التركيز على الحاضر بشكل كامل، وأن تكون قادراً على أخذ مسافة من أفكارك ومشاعرك، من دون الحكم عليها. وبدلاً من أن تمرّ حياتك من أمامك، "اليقظة" هي عيش اللحظة.
لحظات من دون أفكار. دماغٌ فارغ لا يحرّكه شيء. لا جوع ولا قضاء حاجة، مثل نوم من دون عزلة. جسدنا لا يستحقّ أفكاراً قلقة وخائفة، هذا التدمير البطيء مثل قطرات مياه تسقط فوق جرنٍ كلّ بضعة ثوان. تعذيب، مثل أفكار مريض يعاني من اضطراب القلق. يصعب على آخرين فهمه أو استيعابه أو التضامن معه، فأسبابه غير مرئية وغير مقنعة. وحده يرى قلقه بوضوح. ما إن يقترب من التقاطه حتى يفلت منه. ويقضي حياته محاولاً تدميره.