استحدثت دراسة المردود البيئي لتكون قياساً لدرجة التغيير والتحولات التي يُحدثها قيام مشروع ما على النظام البيئي.
الدراسة عملية ديناميكية تبدأ من خطوة التفكير في المشروع، وتتواصل مع مراحله المختلفة (الجدوى، التصميم، الإنشاء، التشغيل) بهدف الرصد والمراقبة، والتدخل متى كان ذلك ضرورياً. وتتواصل العملية حتى بعد اكتمال المشروع، ما يستدعي إنشاء وحدة تعمل على الرصد والمراقبة تحقيقاً لأهداف المشروع التنموية والاقتصادية والاجتماعية.
يجري تقييم الأثر البيئي للمشاريع بناءً على شكاوى من المتأثرين، أو من خلال مبادرات حكومية لتحسين البيئة في محيط المشروع وتخفيف الضرر الذي تحدثه بعض العمليات الصناعية. يعتبر التقييم البيئي أداة فاعلة في يد صانعي القرار لتحسين جودة البيئة وتخفيف الضرر الناجم عن المشاريع الصناعية والتجارية. كذلك، هو مهم على صعيد إشراك الجمهور في القرار وفي تحديد مدى تأثير ذلك المشروع على البيئة المحيطة. ويمكن لتقييم الأثر البيئي أن يقدم حلولاً مناسبة لكثير من المشكلات البيئية الناجمة عن المشاريع الأكثر تلويثاً، فهو يفرض على أصحاب المشاريع تعديل العمليات لتكون أكثر صداقة للبيئة. وتلعب مؤسسات المجتمع المدني دوراً مهما في مجالات المراقبة والتقييم، والتعبير عن رأي الناس.
يؤكد الخبراء وجود مدارس مختلفة لدراسة المردود البيئي، لكلٍ منها منهاجه وتوجهاته. وما يجمع بينها هو السعي إلى تطوير المناهج بالاستفادة من مختلف التجارب والنتائج والدروس من شتى أنحاء العالم. وقد برز مؤخراً اتجاه لتوحيد نموذج الدراسة في محاكاة للتفكير المعاصر الذي يرى الكون نظاماً واحداً بالرغم من التباين في التاريخ والجغرافيا والثقافة والبيئة وأساليب وأنماط الحكم بين الشعوب.
تاريخ السودان البيئي حافل بالكثير في مجال دراسة المردود البيئي كما يوثّق البروفسور الراحل مهدي بشير، ما يؤهل البلاد لتكون صاحبة منهاج في هذا المجال. ومن أشهر الدراسات السودانية "تقرير جونقلي" عام 1945.
حتى تؤدي دراسة تقييم الأثر البيئي الدور المطلوب، لا بدّ من تمتع الجهة التي تجريها بالشفافية والموضوعية. كذلك، امتلاك الوسائل العلمية المناسبة والخبرة الكافية، مع الاهتمام برأي الجمهور، وعدم إغفال المعطيات العلمية الناتجة عن الاختبارات أو الدراسات السابقة.
ما يحدث الآن تراجع غير مسبوق في مجال دراسة الأثر البيئي. تشهد على ذلك الآثار البيئية السلبية الناتجة عن مشاريع القطاعين العام والخاص، بل حتى عمليات رصف الشوارع، وإنشاء المجمعات السكنية.
*متخصص في شؤون البيئة