استنكر نواب بريطانيون التوجيهات الجديدة التي وضعتها هيئة حكومية تحمّل فيها بعض ضحايا التحرّش والاعتداء الجنسي من الأطفال دون سن 12 عاماً، جانباً من المسؤولية عن الاعتداء، ودعوا وزير العدل ديفيد ليدينغتون، لإعادة النظر في التعديلات كونها "مدمّرة للغاية"، وفق ما أوردت صحيفة "ذا غارديان".
وتنص القواعد الجديدة التي صاغتها هيئة تعويضات الإصابات الجنائية (CICA)، على أنّ طلبات التعويض الخاصة ببعض الأطفال دون 12 عاماً من العمر الذين وقعوا ضحية الاعتداء الجنسي، قد ترفض إذا تبيّن أنهم وافقوا على العلاقة الجنسية، حتى لو أن المعتدي أدين بالاعتداء وسجن.
ووصف أحد الناجين من عصابة روثرهام، التي اغتصبت مئات الأطفال، التوجيهات الجديدة بـ "العار المطلق" التي من شأنها أن تسبب صدمة جديدة للمتقدّمين بطلبات التعويض.
ودعت النائبة العمّالية، ليزا ناندي، وزير العدل للتدخل ووقف تطبيق قواعد (CICA) المعدّلة. ورأت في رسالة وجّهتها للوزير أنه "لا يجوز أن تقترح إحدى الوكالات الحكومية مسألة موافقة الأطفال على العملية الجنسية، فالقانون واضح في هذا المجال، وهذا الاقتراح يبعث رسالة خاطئة عن مدى الجدّية التي يتم فيها التعامل مع الاعتداء على الأطفال".
ولا تقدّم (CICA) التعويضات تلقائياً لجميع ضحايا الاعتداءات الجنسية، على الرغم من أنّ القانون يمنع القيام بنشاط جنسي مع شخص دون الـ 16 من العمر. بيد أنّ الهيئة الحكومية بدأت في مراجعة مبادئها التوجيهية في يوليو/ تموز الماضي، حين تبيّن أنّ أكثر من 700 طفل حرموا من التعويضات.
وتشير التوجيهات المنقحة إلى نماذج عن ادعاءات بالاعتداء الجنسي لم تكن واضحة، إحداها حالة شاب في 18 من عمره جرت محاكمته بسبب ممارسته الجنس مع طفل في الثالثة عشر من العمر. وأخذاً بعين الاعتبار الادعاءات الكاذبة، لاحظت التعديلات، أن هناك حالات استثنائية من مقدمي الطلبات لا تشملهم التعويضات، وذلك خلافاً للقاعدة التي كانت تقضي بالدفع للشخص المشارك في النشاط الجنسي دون الـ 16 من العمر.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور كيفن فيلستيد، مدير الاتصالات في جمعية British False Memory لـ "العربي الجديد"، إنّه "لا يجوز تقويض حق الضحايا الحقيقيين في الحصول على العدالة، كما كان يحدث في الماضي، لم تتوفّر لهم الحماية الكافية، إلى أن تبدّلت الأمور بعد أن طافت إلى السطح قصّة الإعلامي، جيمي سافيل، عندها تشجّع كثيرون ورفعوا صوتهم وبلّغوا عمّا تعرّضوا له".
ولفت إلى أن جمعيتهم تهتم بمواضيع مختلفة، تتعلّق بالتحرّش الجنسي التاريخي، عندما يعجز المرء عن التذكّر وربّما يؤلّف أموراً لم تحدث على الإطلاق، مع تأكيده على وجود ضحايا حقيقيين يستحقّون ألا يتعرّضوا للظلم، رغم وجود منافقين يستغلّون القانون لصالحهم.
وتعتبر بريطانيا من أكثر الدول التي تتمسّك بحقوق ضحايا التحرّش الجنسي، كونها الدولة الوحيدة في أوروبا التي لا يسقط فيها حكم التحرش الجنسي مع مرور الزمن، وتفرض عقوبات قاسية وصارمة على مرتكبي الاعتداء الجنسي.
وتناولت الصحافة البريطانية الثغرات القانونية التي تجعل القضاء عرضة للوقوع في أخطاء، ومنها غياب الأدلة المادية التي لا تعتبر شرطاً لدعم القضية، وسهولة مطالبة الضحايا بتعويضات مادية، وعدم وجود تحذيرات بشأن الادعاءات الكاذبة. وأشارت بعض المقالات إلى أنّ تجاهل تلك الثغرات، أو التقليل من أهميتها على اعتبار أنّ الادعاءات الكاذبة نادرة، قد يكون خطيراً ويوفر مجالاً أوسع للمطالبات الخاطئة أو الانتهازية.