في اليوم العالمي لمهارات الشباب، تحدث عدد من الشباب العراقي، ذكورا واناثا، لـ"العربي الجديد"، عن واقعهم وطموحاتهم. تؤكد يسرا (29 سنة)، رغبتها في العمل كمبرمجة حاسبات بحسب تخصصها، هي عاطلة عن العمل منذ أن تخرجت من الجامعة قبل سبع سنوات، وتبيّن أن عدم قدرتها على المشي بشكل طبيعي بسبب مرض شلل الأطفال، تسبب في حرمانها من العمل في شركات أهلية عدة، كونهم يختارون حسب المظهر وليس الكفاءة.
ونوهت إلى أن الإعاقة يجب ألا تكون سببا في حرمان مئات الآلاف من الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة من العمل؛ فالكثير من المعاقين حركيا لديهم القدرة والكفاءة على العمل، مشيرة إلى أن عملها كمبرمجة سيمكنها اقتصاديا ويحسن حالتها النفسية بدل الكبت والشعور بالدونية بسبب نظرة المجتمع وقساوة أرباب العمل، حسب قولها.
ويقول مؤيد عمران (24 سنة) "كنت صغيرا، عندما أحضر لي صديق والدي صندوقا من المكعبات لأشكل منه قطعا من المباني، وفي كل مرة كان يحضر لي هدية كانت مرتبطة بالهندسة والبناء، لكني اضطررت بسبب ظروف عائلتي والفقر الذي يحيطنا إلى النفور من كل شيء، بعدما تحطم حلمي بإكمال دراستي وتحقيق رغبتي بدخول كلية الهندسة، فتركت الدراسة كونها أصبحت عبئاً لا يأتي برغيف خبز لمن يتضور جوعا كحالنا".
ويتابع "دخلت التنافس المحموم والصراع على لقمة العيش، واليوم أستخدم هذه العربة التي صنعتها بنفسي لبيع أدوات منزلية"، لافتاً الى أن العراقيين، خصوصاً الشباب منهم الذين يفكرون في مستقبل وظيفي أو تكوين أسرة أصبحوا كمن يحلم بالمستحيل.
وأعرب عن أمله أن يتغير الوضع الراهن في البلاد، وأن تقوم الحكومة والجهات ذات العلاقة بالنظر إلى حال الشباب وطموحاتهم وتهيئة الفرص أمامهم لإثبات قدرتهم على الابداع، حتى يتمكن من إكمال دراسته وتحقيق حلمه بأن يكون مهندسا. وأشار في الوقت نفسه إلى أنه يعمل جاهدا ليل لنهار ولساعات إضافية رغبة في توفير المال اللازم للدراسة، حتى لو تقدم في العمر.
وكشفت وزارة التخطيط العراقية، أنّ عدد سكان العراق بلغ 36 مليون نسمة، وأن عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 24 سنة يقدر بنحو 7.3 ملايين نسمة، ويمثلون ما نسبته 20.3 في المائة. أما الفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة فقد بلغت نسبتهم 10.8 في المائة، والفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة فكانت نسبتهم 9.5 في المائة.
إلى ذلك، يقول أستاذ علم النفس، عدنان عباس، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن الحديث عن مهارات لأي شعب دون ذكر الشباب، هُم عصب الحياة وقادة المستقبل، ولأنهم يعتبرون المادة الرئيسية والأساسية لجميع المهارات، إلا أنّ الواقع الذي نعيشه في العراق جعل الشباب غير فاعل خلال عقود متتالية، بل إن كثيرين منهم أصبحوا يعيشون دون هدف واضح وتتلقفهم المشاريع المبهمة التي تقودها أيادٍ خفية لتمزيق أهم شريحة في المجتمع، ما جعل من هؤلاء الشباب، وفي ظل نسبة بطالة تجاوزت الـ30 في المائة، أشبه بالعجينة اللّينة التي يمكن تشكيلها حسب أهواء ورغبات، إما بسبب حاجتهم إلى العمل أو بسبب خوفهم من البطش".
ويضيف لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وما أفرزه من الدمار والنزوح والقتل والتشريد، وحتى اللحظة، وهي قد تكون الفترة الأكثر مرارة وضياعا، إضافة إلى ما خلفته سنوات الحصار الاقتصادي مطلع التسعينيات، فإن كل هذه الأمور دفعت بالشباب نحو مصير مجهول وضياع الأماني والتطلعات، ما دفع كثير منهم إلى الهجرة بحثا عن ملاذ آمن يتنفسون فيه الحرية ويحاولون تحقيق ذاتهم بعيدا عن الصراع الدائم الذي تعيشه بلادهم، حتى أنّ كثيرين منهم دفعوا حياتهم ثمنا لحلم الخلاص عبر البحار.
وينوه عباس إلى أنّ الشباب العراقي يعيش حياة يملأها التخبط، خصوصاً بعد عام 2014، حين نزح أكثر من ثلاثة ملايين عراقي داخل البلاد، وزاد الحرمان والإكراه والخوف. ويدعو الجهات المعنية إلى أن تعي خطورة ما يعانيه الشباب داخل البلد، وتعمل على توفير ما يمكن أن ينتشلهم من حالة الاحباط التي يشعرون بها، من خلال إتاحة الفرصة لهم للانخراط بسوق العمل بعد صقل مهاراتهم وما يمتلكونه من أدوات وهوايات يمكن تنميتها بدورات تدريبية تلبية لحاجاتهم النفسية والاجتماعية.
ويؤكد أن العراق بحاجة ماسة اليوم إلى تلك المهارات، ولا يتم ذلك إلا من خلال النهوض بالشباب وفتح الطريق أمام تحقيق أحلامهم وإثبات قدراتهم الابداعية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في ديسمبر/كانون الأول 2014 القرار 145 / 69 باعتبار يوم 15 يوليو/تموز، يوما عالميا لمهارات الشباب. ويهدف اليوم إلى تلبية احتياجات الشباب وتحقيق تطلعاتهم لا سيما في البلدان النامية.
ويشير تقرير صدر عن منظمة العمل الدولية في 2015 إلى أن منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تزالان حتى الآن تسجلان أعلى معدلات البطالة بين الشباب. وتوقع أن يرتفع عدد العاطلين في العالم إلى 200 مليون شخص خلال 2016 و 2017، بزيادة 2.3 مليون شخص، بينهم 10 في المائة في الدول العربية.