في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الأكاديمية والفكر السياسي والرواية والكتابة السيرية والعمارة.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر مؤخراً كتاب "الإعداد على البحث وإنتاج المعارف العلمية: حالة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية"، للباحثة اللبنانية هلا عواضة التي تتناول مسائل متعلقة بتكوين الطلاب في مرحلة الدكتوراه، وتستطلع نتاجهم البحثي ومن هناك تسعى إلى تقديم صورة عن واقع التعليم في مؤسسة ملحقة بالسلطة السياسية الطائفية. يتألف الكتاب من ثلاثة أقسام، هي: "الإعداد على البحث ومقدماته النظرية"، و"معهد العلوم الاجتماعية وخياراته المصيرية"، و"الإشراف على البحث ونتاجه المعرفي".
عن "الهيئة العامة لقصور الثقافة"، صدر مؤخراً كتاب "الشيخ إمام.. الإنسان والفنان" لـ سيد مهدي عنبه الذي يعتمد على شهادات خاصة، وعلى حوارات أجراها شخصياً مع صاحب أغنية "اتجمعوا العشاق". يقترح الكتاب ترتيباً زمنياً لمجمل الأغاني التي وضع ألحانها الشيخ إمام، وكتب كلماتها شعراء مثل أحمد فؤاد نجم وتوفيق زيّاد وزين العابدين فؤاد وآدم فتحي، مبيّناً من خلالها تطوّر شخصية الشيخ إمام على المستويين الفنّي والإنساني، إضافة إلى ما تضيئه هذه الأغاني من سياقات سياسية واجتماعية وثقافية في مصر خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
عن "منشورات جامعة كولومبيا" الأميركية صدر حديثاً كتاب "سوف تتوقف الثورة في منتصف الطريق: أوسكار نيماير في الجزائر" للمعماري جيسون أودي. من بين جميع أعمال الحداثة البرازيلية لأوسكار نيماير، فإن مشاريعه في الجزائر هي الأقل شهرة. ابتداءً من عام 1968، كلف الرئيس الجزائري هواري بومدين نيماير ببناء جامعتين وقاعة رياضية أولمبية، فضلاً عن سلسلة من المشاريع الواسعة النطاق التي لم تتحقق أبداً في جميع أنحاء الجزائر. في عام 2013، قام أودي بدراسة استقصائية فوتوغرافية معمقة لهذه المباني كما هي موجودة في الجزائر اليوم.
ضمن سلسلة "دراسات أنثروبولوجية"، صدر مؤخراً عن "دار نينوى" كتاب "المرأة الريفية وواقع تملّكها لجسدها.. دراسة في أنثروبولوجيا الجسد" للباحثة اللبنانية سوسان جرجس. تعيد المؤلفة إشكاليات تحرير المرأة، والتغيير الاجتماعي بشكل عام، إلى صعوبة المساس بالموروث، لا سيما ما يطاول منه التقاليد، خصوصاً ضمن وضع يعرف احتكاكاً متواصلاً بالآخر، ومن هناك تقدّم رصداً للصراعات الرمزية ومنها في علاقة المرأة بجسدها بين التقاليد وتثاقف تغييري. تبيّن جرجس أثر علاقة المرأة بالجسد بمجمل التحوّلات الاجتماعية والبنى الثقافية.
"روسيني" عنوان كتاب سيَري أنجزه الأخوان جان وجان فليب تيالاي صدر مؤخراً عن منشورات "آكت سود". يستفيد العمل من مجال اختصاص مؤلفيه، فالأول مؤرّخ والثاني باحث في الموسيقى، مما يقدّم إضاءات موسّعة حول المرحلة التاريخية التي عاش فيها الموسيقار الإيطالي جياكينو روسيني (القرن التاسع عشر)، إضافة إلى شرح خصوصيات أسلوبه في التأليف الموسيقي. يركّز المؤلفان بالخصوص على تفسير بقاء روسيني في ظل جوزيبي فيردي لدى مستمعي القرنين العشرين والحادي والعشرين، وعلاقة ذلك بتاريخ إيطاليا وتحوّلات الذائقة الموسيقية.
صدرت حديثاً عن "مركز نهوض للدراسات والنشر" في الكويت ترجمة لكتاب "العلمانيّة المُزيَّفة" لعالم الاجتماع والمؤرخ الفرنسي جون بوبيرو، وقد نقله إلى العربية عبدالله المتوكل. يتناول الكتاب العلمانية اليمينية الجديدة التي يعتبر المؤلف بأنها مزيّنة" بقيم مشتركة مثل الديمقراطية والمساواة بين الجنسين وحرية التعبير، لكن ذلك ليس سوى توزير. ينطلق المؤلف من دراسة نموذج زعيمة اليمين الفرنسي، مارين لوبان ليفكك آليات العلمانية الجديدة ويؤكّد ضرورة التشكيك في الهياكل المهيمنة للمجتمع نفسه والمسلمات السياسية.
عن "جداول"، صدر مؤخراً كتاب "سياسة التّقوى، الإحياء الإسلامي والمسألة النِّسْويّة" للأنثربولوجية الأميركية - الباكستانية الراحلة صبا محمود، وقد نقلته إلى العربية عبير العبيداء. في تقديم كتابها، تؤكّد المؤلفة إنه وعلى الرغم من أن هذا الكتاب يتناول السياسة الإسلامية في مصر تخصيصاً فإن جذوره تعود إلى مشاركتها في صياغة سياسة اليسار التقدمية خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في باكستان، وعلى صعيد آخر ترى أن جهود النساء في تغيير الواقع في الباكستان قريبة من نظيرتها في مصر والجزائر وتونس.
صدر مؤخراً عن "جامعة الكوفة" كتاب "دوائر نيتشه، جينيالوجيا المفاهيم" للباحث العراقي عدنان فالح دخيل. يرى الباحث أن نيتشه رأى في الجنون الحالة الاعتيادية والطبيعية التي اقترنت بمصائر العباقرة والقديسين والأنبياء، واعتبر أن ثمة التباساً في النظر إلى مكانة الجنون، فهو الذي هيأ للأفكار الجديدة التي كسرت شوكة الاتباعية وتصديق المعتقدات الخرافية. ومن ثمّ - يرى نيتشه - بأنه لم يبق أمام جميع أولئك المتفوقين المدفوعين بدافع لا يقاوم إلى التحرر من عبودية ما هو سائد حين لا يكونوا مجانين تماماً إلّا أن يصيروا كذلك.
في طبعة مشتركة بين "الروافد الثقافية" و"ابن النديم"، صدرت مؤخراً طبعة جديدة لكتاب "من أجل علم الاجتماع" لـ آلان تورين بترجمة عبدالله عبداللاوي. يضمّ الكتاب مجموعة مقالات ومن محاورها: النظم والصراعات، والعلاقات الاجتماعية والصراعات في مجتمع المابعد الصناعي؛ والهوية الاجتماعية والحركات الاجتماعية. تقترح هذه المقالات تحديد النهج ودور علم الاجتماع في مجتمعاتنا، وتدعو إلى تبني موقف اجتماعي مع فئات النظام الاجتماعي وأيديولوجيات وضغوط القوى المهيمنة بغية كتشاف اكيفية تكوّن المجتمعات وتحوّلها.
بترجمة أنجزها الكاتب التونسي وليد بن أحمد، صدرت مؤخراً عن "دار مسكلياني" رواية "الرجل الذي صَلب المسيح.. الإنجيل برواية بيلاطس" للكاتب البلجيكي الفرنسي إيريك إيمانويل شميت (1960). يعيد المؤلف تركيب حكاية أيّام المسيح الأخيرة ضمن تقليد أدبي أوروبي اشتغل عليه مؤلفون معروفون مثل نيكوس كازانتزاكيس وجوزيه ساراماغو. صدرت الرواية بلغتها الأصلية عام 2000 وهي ثاني أعمال مؤلفها الروائية بعد "طائفة الأنانيين" (1994) وقبلهما عُرف شميت أساساً ككاتب مسرحي بأعمال مثل "مدرسة الشيطان" (1996)، و"ألف نهار ونهار" (2000).