القصر البرجوازي الأبيض الذي تشعر كما لو أنه نهاية الأشرفية وبداية الطريق إلى بيروت الغربية اسمه متحف "سرسق". لقد كان شبه معطّل كمتحف لمدة طويلة، ثماني سنوات وربما أكثر، لكنه ظل يخدم فكرته كقصر يمثّل طبقة مخملية في العاصمة اللبنانية.
وبمناسبة عودته إلى العمل كمتحف في خدمة الفن، ينوي "سرسق" تنظيم فعاليات ثقافية كل خميس، إلى جانب أنشطة أخرى، كتلك التي ستقام هذا السبت تحت عنوان "طبوغرافيا الهبوط"، وهو عرض أدائي يستخدم المشي كوسيلة تعبير.
قد يتوقّف أحدهم عند تعبير "هبوط"، هل هو هبوط مظلّي؟ فكرة المشي تجعله يبدو تدريجياً، إذن فهل هو هبوط طبقي؟ أم أنه بالفعل مجرّد هبوط جغرافي تقتضيه تضاريس المدينة؟ أو ربما يكون فيه من هذا وهذاك.
العرض الذي تقدّمه مجموعة "الدكتافون" للفنون الأدائية، هو رحلة للتعرّف إلى خريطة بيروت من قصر سرسق، مروراً بأزقّة وأدراج حيّ الروم، هكذا حتى بلوغ المخيّم الواقع في منطقة الكرنتينا. من خلال هذا "الهبوط"، يتم استكشاف طبقات بيروت، ليس الاجتماعية والاقتصادية فقط، بل والتاريخية أيضاً.
"طبوغرافيا الهبوط" لا يمكن فصله عن توجّه "الدكتافون" بشكل عام، إذ إنها تعمل على إجراء دراسات في المكان/ الفضاء من أجل خلق عروض حيّة تفتح نقاشاً حول مساحات بيروت بعد الحرب، خاصة وقد تعرضت المدينة إلى عمليات إعادة إعمار وهدم أيضاً، ساهمت في إيضاح جذرية التحوّلات الاجتماعية، وإفقار العلاقة بين بيروت وسكّانها.
يشارك في العرض كل من الفنانة تانيا الخوري والمعمارية/ الباحثة عبير سقسوق والمؤدية والمنتجة بترا سرحال. تعمل الثلاثة على تقديم عروض حية في أماكن عامة ليست مخصّصة لاستقبال وعرض أعمال فنية أو مسرحية أو أدائية في الأساس مثل مقطورة تلفريك أو باص نقل عام أو في قارب صيد.
اقرأ أيضاً: رين متري.. إحداثيات خريطة الخوف اللبناني