أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن الهدف الرئيس من زيارة نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، لكل من مصر والأردن وإسرائيل، هو العمل على "تعزيز أواصر التحالف" بين كل من الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، و"الدول العربية السنية المعتدلة" من جهة أخرى، إلى جانب محاولة تحسين فرص التوصل إلى تسوية إقليمية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وإن كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد أعادت إلى الأذهان مجددا أن بنس كان وراء دفع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، فإن نائب الرئيس الأميركي سيُقدم على خطوة أخرى في سياق "استفزاز الفلسطينيين والعرب والمسلمين"، من خلال قيامه بـ"زيارة رسمية" لحائط البراق بوصفه "حائط المبكى"، كما يزعم اليهود، وهو ما لم يقدم عليه أي مسؤول أميركي قبله، إذ إن جميع المسؤولين الأميركيين الذين زاروا المكان زاروه بـ"صفة شخصية".
وقال معلق الشؤون الأميركية في صحيفة "هارتس"، حمي شليف، إن زيارة بنس تهدف، بشكل أساسي، إلى "تعزيز تحالف إسرائيل والولايات المتحدة مع "الدول السنية"، على اعتبار أن هذا التطور مطلب أساسي لمواجهة الإسلام المتطرف وإيران".
وفي تحليلٍ نشره موقع الصحيفة، اليوم الأحد، أشار شليف إلى أن "هناك ما يبرر القلق الفلسطيني من توثيق التحالف بين إسرائيل والدول العربية، على اعتبار أن هذا سيكون على حسابهم"، مضيفا أنه "من غير المستهجن أن يعمد أقطاب حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب إلى استقبال بنس "استقبال الأبطال"، ذلك لأنهم يرون فيه الشخص الذي وقف وراء حرف السياسات الأميركية في الشرق الأوسط لتكون ملائمة لمصالح إسرائيل، إلى جانب دوره في دفع ترامب إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، واتخاذه قرار نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس".
وحسب شليف، فإنه بخلاف ترامب، فإن "مواقف بنس المؤيدة لإسرائيل تنطلق من دوافع دينية أيدولوجية بصفته "إنجليكانيا خلاصيا متشددا"، وهذا ما يجعله لا يتردد في التعبير عن تأييد إسرائيل في كل مواقفها، بغضّ النظر عن طابعها".
وذكر المتحدث ذاته أن "أي قرار إسرائيلي بضم الضفة الغربية سيلاقي تأييدا لدى بنس"، مرجحا أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وفريقه، يتمنون في قرارة أنفسهم لو تمت إقالة ترامب تحت أي مسوغ من أجل أن يحلّ محله بنس.
ومن أجل أن يوضح طابع "المنطلقات الأيدولوجية" لبنس تجاه إسرائيل، قال شليف إنه "يمكن احتسابها بأنها تقع على يمين الليكود، وعلى يسار حزب "البيت اليهودي"، الذي يمثل غلاة اليمين الديني في إسرائيل"، موضحا أن نائب الرئيس الأميركي في نظر الفلسطينيين يمثل "الرابط القاتل بين عقيدة مسيحية خلاصية وتأثير يهودي كاسح"، مشيرا إلى أنه "يعبر عن صوت التيار الإنجليكاني المتشدد الذي يرى في دعم إسرائيل اللامحدود مطلبا لتحقيق عقيدة الألفية السعيدة".
وشبّه معلق الشؤون الأميركية في صحيفة "هارتس"، نائب الرئيس الأميركي، بـ"حاخامات الصهيونية الدينية"، الذين يتبنون المواقف الدينية الأكثر تشددا في إسرائيل، مشيرا إلى أن "بعض قيادات اليهود الأميركيين الأكثر تماثلا مع اليمين الإسرائيلي، وضمنهم الملياردير شيلدون أدلسون، يراهنون على مواقف بنس وأمثاله في تجاوز المؤسسات اليهودية التي تناضل من أجل تأمين مصالح إسرائيل مثل "أيباك""، بزعم أن هذه المنظمات "معتدلة أكثر من اللازم".
من ناحيته، قال الكاتب الإسرائيلي جويل روسنبيرغ، الذي ينشر مقالات في كل من صحيفتي "نيويورك تايمز" و"جيروسلم بوست"، إن زيارة بنس تهدف إلى محاولة دفع صيغة "التسوية الإقليمية" للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، التي يطلق عليها "صفقة القرن"، إلى جانب "تعزيز التحالف الأميركي- الإسرائيلي الذي تضرر خلال حكم أوباما، والتوافق على نمط التعاطي مع النووي الإيراني".
وفي تحليل نشره موقع "جيروسلم بوست"، اليوم، ذكر روسنبيرغ أن "بنس سيبحث في تل أبيب آفاق التعامل مع الاتفاق الذي وقّعته القوى العظمى مع إيران بشأن برنامجها النووي، استنادا إلى الخطاب الأخير الذي ألقاه ترامب"، داعيا الإدارة الأميركية إلى الإسراع في "تعزيز استقرار نظامي الحكم في مصر والأردن" بوصفهما "حليفين حيويين للولايات المتحدة"، محذرا من أن "عدم الإسراع في تقديم الدعم لهذين النظامين يمكن أن يفضي إلى تراجع المصالح الأميركية في المنطقة".
وحثّ، أيضا، على ضرورة استئناف المساعدات العسكرية والاقتصادية لنظام السيسي، وضمن ذلك تزويده بطائرات بدون طيار لمواجهة "التهديدات الإرهابية".
وفيما يتعلق بالأردن، حث روسنبيرغ، إدارة ترامب، على التوقيع على مذكرة تلتزم واشنطن بموجبها بتقديم دعم مالي للمملكة بقيمة 1.5 مليار دولار، كمساعدات عسكرية واقتصادية، لتمكينها من مواجهة تبعات استقبال مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.
من ناحيتها، أشارت تال شليف، المعلقة السياسية في موقع "وللا"، إلى أن بنس كان وراء قرار ترامب تقليص الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عقابا للفلسطينيين بسبب رفضهم قرار الاعتراف بالقدس، وإعلانهم قطع الاتصالات مع الإدارة الأميركية.
وفي تقرير نشره الموقع اليوم، أبرزت شليف أن بنس، كعضو سابق في الكونغرس وكحاكم ولاية إنديانا، زار إسرائيل خمس مرات في 15 سنة، مشيرة إلى أنه سيكون المسؤول الأميركي الأول الذي سيلقي خطابا أمام الكنيست منذ أن ألقى الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن، خطابه أمامه في 2008.