لم يحمل التعديل الحكومي الجزئي في المغرب مفاجآت سياسية كبرى، باعتبار أنه حافظ على لُحمة الأغلبية الحكومية ولم يخرج عنها بإدخال حزب "الاستقلال" إلى الحكومة كما كان يُروَج بشدة من قبل، فيما تم استحداث منصب جديد هو وزير منتدب في وزارة الخارجية مكلف بالشؤون الأفريقية، وتم إسناده لشخصية غير حزبية.
وعيّن العاهل المغربي محمد السادس، عبد الأحد الفاسي الفهري وزيراً لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة عوض محمد نبيل بن عبدالله، الأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية"، كما عيّن القيادي في الحزب نفسه أنس الدوكالي وزيراً للصحة خلفاً للوزير المقال الحسين الوردي. كما عيّن الملك، رئيس جامعة محمد الخامس في الرباط سعيد أمزازي، وزيراً للتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وتمت صباغته أخيراً بألوان "الحركة الشعبية"، خلفاً لمحمد حصاد، ومحمد الغراس من الحزب نفسه وزيراً مكلفاً بالتكوين المهني بدلاً من العربي بن الشيخ.
أما في المنصب الجديد الذي أفرد له العاهل المغربي مساحة من خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، وهو وزارة منتدبة مكلفة بالشأن الأفريقي، فقد كان بمثابة مفاجأة صغيرة، إذ لم يرشَح شيء من قبل عن هوية الوزير المعني، إلى أن تم الإعلان عن اسم محسن الجزولي، وهو رجل أعمال يرأس مؤسسة متخصصة في الاستشارات التجارية تقدّم خدماتها لشركات خاصة في القارة الأفريقية.
وينطوي التعديل الحكومي على عدة ملاحظات ودلالات سياسية رئيسية، الأولى أن التعديل الحكومي حافظ على الأغلبية المشكلة من ستة أحزاب، وهي "العدالة والتنمية" و"التقدم والاشتراكية" و"التجمع الوطني للأحرار" و"الاتحاد الاشتراكي" و"الاتحاد الدستوري" و"الحركة الشعبية"، ولم يتم اللجوء إلى حزب "الاستقلال".
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لحزب "الحركة الشعبية"، أمحند العنصر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن التعديل الحكومي احترم ما كان محدداً في بلاغ الديوان الملكي الذي تحدث عن استبدال الوزراء المعفى عنهم بوزراء جدد، من دون الخوض في إمكانية توسيع التعديل ليصل إلى أحزاب أخرى. وأوضح أن هذا التعديل الحكومي جاء في مستوى تطلعات "الحركة الشعبية"، على الرغم من التأخر في الإعلان عنه لأن الأمر كان يحتاج لمشاورات وتدقيق ضروري في الأسماء المطروحة، والتي يكون قوامها الكفاءة والمسؤولية، والتقيّد بالمبدأ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة.
الملاحظة الثانية التي يستشفها مراقبون من طبيعة التعديل الحكومي المعلن عنه، أن حزب "الاستقلال" وعلى الرغم من أنه لم يدخل الحكومة التي يقودها سعد الدين العثماني، فإنه يترقب دخوله في محطات مقبلة، إذ يجري تحضيره للمشاركة بشكل أو بآخر، خصوصاً بعد "التخلص" من حميد شباط وانتخاب نزار بركة على رأس الحزب، وهو الشخصية المقربة من صنّاع القرار في المملكة.
الملاحظة الثالثة الرئيسية التي تظهر من خلال التعديل الحكومي، هي أن جميع الأسماء المعلن عنها هي أسماء لشخصيات تشغل مناصب وزارية لأول مرة في مسارها المهني، فأنس الدكالي يتولى لأول مرة منصب وزير، والأمر نفسه بالنسبة للفهري والجزولي وأمزازي والغراس، على الرغم من تقلّد بعضهم وظائف داخل قطاعات وزارية.
اقــرأ أيضاً
أما المعطى الرئيسي الرابع الذي يظهر من خلال حيثيات وكواليس التعديل الحكومي، فيتجسد في عدم قدرة بعض الأحزاب على تقديم أسماء جديدة لشغل مناصب وزارية، إذ وجد حزبا "التقدم والاشتراكية" و"الحركة الشعبية" صعوبة بالغة في "إقناع" الديوان الملكي بقائمة المرشحين الذين تم تقديمهم، قبل أن يحظى الوزراء الجدد برضى المؤسسة الملكية.
ويجر المعطى الرابع إلى ملاحظة خامسة تتمثل في أن النخب داخل هذه الأحزاب عجزت عن توفير "بروفايلات وزراء" في قطاعات معينة، وهذا ما يفسر لجوء "الحركة الشعبية" على سبيل المثال إلى "صباغة" سعيد أمزازي، الذي يشغل منصب رئيس جامعة الرباط، بألوان "الحركة الشعبية" قبل أيام قليلة، بهدف إدخاله إلى الحكومة باسم هذا الحزب، ما يدل على الصعوبة التي وجد الحزب نفسه فيها جراء عدم العثور على أسماء في مستوى تقلد هذه المسؤولية الوزارية.
والملاحظة السادسة في التعديل الحكومي أنه تم إسناد منصب الوزير المكلف بالشؤون الأفريقية لشخصية بعيدة عن العمل السياسي والحزبي، بعد أن راجت أخبار متواترة عن إمكانية استئثار حزب "الاستقلال" بهذا المنصب، ليكون بوابة له لدخول الحكومة في تعديل حكومي موسع، وهو ما لم يحصل.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة مراكش، محمد الزهراوي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تعيين شخصية اقتصادية وتكنوقراطية لهذا المنصب يحمل في طياته ثلاث خلفيات أساسية، الأولى، أن المغرب عازم على نهجه القائم على اختراق مجموعة من الدول الأفريقية عبر البوابة الاقتصادية. وأضاف أن الخلفية الثانية لتعيين الجزولي المتخصص في الاستشارات وزيراً منتدباً للشأن الأفريقي تفيد بأن تعيين هذه الشخصية وفق السياق الحالي وبالنظر إلى السياسات المغربية تجاه أفريقيا، غايته تقوية الشراكات والاتفاقيات المبرمة مع مختلف الدول الأفريقية، خصوصاً الاتفاقات التنموية والاجتماعية.
أما الخلفية الثالثة، وفق الزهراوي، فترتبط بطبيعة الشخص المعين، أي محسن الجزولي، وهو تكنوقراطي لم يسبق له أن انخرط في أي حزب سياسي، بحيث إن هذا التعيين يؤشر على أن ملف الدبلوماسية المغربية داخل القارة وإدارته، هو شأن ملكي محض، وهو مجال محفوظ للمؤسسة الملكية.
منصب وزير للشؤون الأفريقية ليس جديداً كلياً في المغرب، إذ سبق إنشاء وزارة بهذا الخصوص في بداية الستينات من قِبل العاهل الراحل الحسن الثاني، أسندت حينها إلى الراحل عبد الكريم الخطيب مؤسس حزب "العدالة والتنمية"، لكنها وزارة سرعان ما تم التخلي عنها، وعادت إلى الظهور مع التعيين الملكي الجديد.
وكان العاهل المغربي قد تحدث عن ضرورة إنشاء هذه الوزارة في خطاب له في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال فيه "يجب القيام بالمتابعة الدقيقة والمستمرة لتقدم تنفيذ البرامج الاجتماعية والتنموية، ومواكبة الأعمال بالتقييم المنتظم والنزيه. ولهذه الغاية، قررنا إحداث وزارة منتدبة بوزارة الخارجية مكلفة بالشؤون الأفريقية، خصوصاً الاستثمار، وخلية للتتبع بكل من وزارتي الداخلية والمالية".
يذكر أن التعديل الحكومي في المغرب يأتي بعد ما يزيد عن ثلاثة أشهر من قرار الملك محمد السادس إعفاء أربعة وزراء من الحكومة الحالية التي يقودها "العدالة والتنمية"، وأيضاً منع 5 وزراء سابقين من تقلد أي منصب وزاري مستقبلاً لعدم رضاه عنهم، بسبب ما تم تسجيله من اختلالات في تنفيذ مشروع تنموي أشرف عليه الملك في 2015، في مدينة الحسيمة، وعلى إثره اندلعت الاحتجاجات في منطقة الريف.
وعيّن العاهل المغربي محمد السادس، عبد الأحد الفاسي الفهري وزيراً لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة عوض محمد نبيل بن عبدالله، الأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية"، كما عيّن القيادي في الحزب نفسه أنس الدوكالي وزيراً للصحة خلفاً للوزير المقال الحسين الوردي. كما عيّن الملك، رئيس جامعة محمد الخامس في الرباط سعيد أمزازي، وزيراً للتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وتمت صباغته أخيراً بألوان "الحركة الشعبية"، خلفاً لمحمد حصاد، ومحمد الغراس من الحزب نفسه وزيراً مكلفاً بالتكوين المهني بدلاً من العربي بن الشيخ.
أما في المنصب الجديد الذي أفرد له العاهل المغربي مساحة من خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، وهو وزارة منتدبة مكلفة بالشأن الأفريقي، فقد كان بمثابة مفاجأة صغيرة، إذ لم يرشَح شيء من قبل عن هوية الوزير المعني، إلى أن تم الإعلان عن اسم محسن الجزولي، وهو رجل أعمال يرأس مؤسسة متخصصة في الاستشارات التجارية تقدّم خدماتها لشركات خاصة في القارة الأفريقية.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لحزب "الحركة الشعبية"، أمحند العنصر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن التعديل الحكومي احترم ما كان محدداً في بلاغ الديوان الملكي الذي تحدث عن استبدال الوزراء المعفى عنهم بوزراء جدد، من دون الخوض في إمكانية توسيع التعديل ليصل إلى أحزاب أخرى. وأوضح أن هذا التعديل الحكومي جاء في مستوى تطلعات "الحركة الشعبية"، على الرغم من التأخر في الإعلان عنه لأن الأمر كان يحتاج لمشاورات وتدقيق ضروري في الأسماء المطروحة، والتي يكون قوامها الكفاءة والمسؤولية، والتقيّد بالمبدأ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة.
الملاحظة الثانية التي يستشفها مراقبون من طبيعة التعديل الحكومي المعلن عنه، أن حزب "الاستقلال" وعلى الرغم من أنه لم يدخل الحكومة التي يقودها سعد الدين العثماني، فإنه يترقب دخوله في محطات مقبلة، إذ يجري تحضيره للمشاركة بشكل أو بآخر، خصوصاً بعد "التخلص" من حميد شباط وانتخاب نزار بركة على رأس الحزب، وهو الشخصية المقربة من صنّاع القرار في المملكة.
الملاحظة الثالثة الرئيسية التي تظهر من خلال التعديل الحكومي، هي أن جميع الأسماء المعلن عنها هي أسماء لشخصيات تشغل مناصب وزارية لأول مرة في مسارها المهني، فأنس الدكالي يتولى لأول مرة منصب وزير، والأمر نفسه بالنسبة للفهري والجزولي وأمزازي والغراس، على الرغم من تقلّد بعضهم وظائف داخل قطاعات وزارية.
أما المعطى الرئيسي الرابع الذي يظهر من خلال حيثيات وكواليس التعديل الحكومي، فيتجسد في عدم قدرة بعض الأحزاب على تقديم أسماء جديدة لشغل مناصب وزارية، إذ وجد حزبا "التقدم والاشتراكية" و"الحركة الشعبية" صعوبة بالغة في "إقناع" الديوان الملكي بقائمة المرشحين الذين تم تقديمهم، قبل أن يحظى الوزراء الجدد برضى المؤسسة الملكية.
ويجر المعطى الرابع إلى ملاحظة خامسة تتمثل في أن النخب داخل هذه الأحزاب عجزت عن توفير "بروفايلات وزراء" في قطاعات معينة، وهذا ما يفسر لجوء "الحركة الشعبية" على سبيل المثال إلى "صباغة" سعيد أمزازي، الذي يشغل منصب رئيس جامعة الرباط، بألوان "الحركة الشعبية" قبل أيام قليلة، بهدف إدخاله إلى الحكومة باسم هذا الحزب، ما يدل على الصعوبة التي وجد الحزب نفسه فيها جراء عدم العثور على أسماء في مستوى تقلد هذه المسؤولية الوزارية.
والملاحظة السادسة في التعديل الحكومي أنه تم إسناد منصب الوزير المكلف بالشؤون الأفريقية لشخصية بعيدة عن العمل السياسي والحزبي، بعد أن راجت أخبار متواترة عن إمكانية استئثار حزب "الاستقلال" بهذا المنصب، ليكون بوابة له لدخول الحكومة في تعديل حكومي موسع، وهو ما لم يحصل.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة مراكش، محمد الزهراوي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تعيين شخصية اقتصادية وتكنوقراطية لهذا المنصب يحمل في طياته ثلاث خلفيات أساسية، الأولى، أن المغرب عازم على نهجه القائم على اختراق مجموعة من الدول الأفريقية عبر البوابة الاقتصادية. وأضاف أن الخلفية الثانية لتعيين الجزولي المتخصص في الاستشارات وزيراً منتدباً للشأن الأفريقي تفيد بأن تعيين هذه الشخصية وفق السياق الحالي وبالنظر إلى السياسات المغربية تجاه أفريقيا، غايته تقوية الشراكات والاتفاقيات المبرمة مع مختلف الدول الأفريقية، خصوصاً الاتفاقات التنموية والاجتماعية.
أما الخلفية الثالثة، وفق الزهراوي، فترتبط بطبيعة الشخص المعين، أي محسن الجزولي، وهو تكنوقراطي لم يسبق له أن انخرط في أي حزب سياسي، بحيث إن هذا التعيين يؤشر على أن ملف الدبلوماسية المغربية داخل القارة وإدارته، هو شأن ملكي محض، وهو مجال محفوظ للمؤسسة الملكية.
وكان العاهل المغربي قد تحدث عن ضرورة إنشاء هذه الوزارة في خطاب له في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال فيه "يجب القيام بالمتابعة الدقيقة والمستمرة لتقدم تنفيذ البرامج الاجتماعية والتنموية، ومواكبة الأعمال بالتقييم المنتظم والنزيه. ولهذه الغاية، قررنا إحداث وزارة منتدبة بوزارة الخارجية مكلفة بالشؤون الأفريقية، خصوصاً الاستثمار، وخلية للتتبع بكل من وزارتي الداخلية والمالية".
يذكر أن التعديل الحكومي في المغرب يأتي بعد ما يزيد عن ثلاثة أشهر من قرار الملك محمد السادس إعفاء أربعة وزراء من الحكومة الحالية التي يقودها "العدالة والتنمية"، وأيضاً منع 5 وزراء سابقين من تقلد أي منصب وزاري مستقبلاً لعدم رضاه عنهم، بسبب ما تم تسجيله من اختلالات في تنفيذ مشروع تنموي أشرف عليه الملك في 2015، في مدينة الحسيمة، وعلى إثره اندلعت الاحتجاجات في منطقة الريف.