في سياق ما تعرّض له المالكي، طالب حزب الدعوة يوم الأربعاء، أنصاره بـ"التهيؤ لصولة فرسان ثانية ضد الخارجين عن القانون والغوغاء"، في إشارة إلى معارك عام 2008 بين القوات الحكومية وأنصار الصدر، التي قام بها المالكي خلال توليه رئاسة الوزراء خصوصاً في البصرة، وأسفرت عن مئات القتلى والجرحى في صفوف الجانبين قبل أن يتدخل المرجع الديني علي السيستاني، وينهي الأزمة التي كادت أن تمتد لمدن وسط العراق وبغداد وأطلق على تلك الأزمة اسم صولة الفرسان من قبل المالكي.
ووفقاً لمصادر سياسية عراقية، فإن "رئيس الوزراء حيدر العبادي رفض طلباً من المالكي بإرسال قوات جهاز مكافحة الإرهاب إلى البصرة والناصرية، لمعاقبة من وصفهم الأخير بالغوغائيين". وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "رفض العبادي جاء تحت حجة أن القوات الموجودة تقاتل داعش، ويجب عدم إثارة المحافظات المستقرة من أجل تظاهرة خرجت على المالكي"، مشيرة إلى أن "جميع محاولات المالكي لإرسال قوات إلى البصرة قد فشلت حتى صباح الخميس".
من جهته، رفض رئيس الوزراء في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، التعليق على بيان حزب "الدعوة" الذي دعا أنصاره لـ"التهيؤ والدفاع عن رموزه"، معلّقاً بشكل مقتضب على الموضوع قائلاً "منذ سنة وثلاثة أشهر نتعرض لتظاهرات، ونريد أن يفهم الجميع أن مكتسب حرية التعبير عن الرأي مكفول للجميع ومن حق الجميع التظاهر". في إشارة إلى مهاجمة المالكي المتظاهرين ومطالبة أنصاره بالتحشيد لمواجهتهم.
مع العلم أن قيادات سياسية في التحالف الوطني الحاكم، أبدت مخاوفها يوم الخميس، من دفع المالكي بعض فصائل "الحشد" للاصطدام بالتيار الصدري ومليشيات "اليوم الموعود" و"سرايا السلام" التابعة للصدر، وذلك بعد إعلان زعيم مليشيا "حزب الله العراقي" واثق البطاط، في بيان بثّ على قنوات تلفزيونية عراقية محلية، أنه "سنصبغ شوارع العراق بالدم في حال التعرض للمالكي"، الذي وصفه بـ"الرمز".
ووصف البطاط من خرجوا في التظاهرات ضد المالكي، بأنهم "دواعش"، مهدداً بقتل من يوجه أي "إساءة لرموزنا، قائلاً "نرفض الإساءة لأي شخص من رموزنا، ولن نسمح بتكرار ذلك، لأن ما حدث بلطجة وخروج على القانون".
بدوره، كشف قيادي في التيار الصدري لـ"العربي الجديد"، أن "المالكي، وبعد طرده من محافظات ذي قار وميسان والبصرة، تعرّض لعارض صحي، وطلب من زعيم مليشيا حزب الله واثق البطاط توجيه تهديد مبطن للسيد مقتدى الصدر، لأن المالكي يعتبر أن الصدر هو من يقف وراء إهانته من قبل الجماهير الغاضبة في المحافظات الجنوبية".
وأضاف القيادي أن "المالكي يتحرّك حالياً في سياق فصائل بالحشد لكسبها إلى جانبه من خلال المال، وهو يملك الكثير منه بسبب جمعه المليارات من أموال العراقيين خلال فترة حكمه". وختم قائلاً "هذا لن ينفعه ولن تسعفه زيارات طهران أو بيروت فهو غير مرحب به اليوم وبات ورقة محترقة". كما علّق عضو التيار حسين البصري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بالقول إن "المالكي بات يحشد فصائل مسلحة يعلم أنها تتقاطع مع التيار الصدري فكرياً وسياسياً". وأضاف أنه "عليه أن يعلم حجمه جيداً، فهو قد انتهى سياسياً وشعبياً، وباتت سمعته في الحضيض".
من ناحيته، اعتبر القيادي بالتيار الصدري، النائب في البرلمان العراقي، رسول الطائي، أن "التظاهر ضد المالكي حق مشروع"، طالباً في بيان له "عدم التهديد بصولة فرسان أو جرذان" على حد وصفه. وبيّن أن "نعت المتظاهرين بالخارجين عن القانون ليست جديدة على المالكي، فهو سبب دمار العراق". بدوره، ردّ عباس الموسوي، المستشار الإعلامي للمالكي، على ما حصل بأنه "محاولة لقتل المالكي سياسياً وجسدياً"، مشيراً في بيان له إلى أن "التظاهرات لم تكن عفوية بل مدبرة من قبل جهات سياسية".
وكانت جماهير مدن ذي قار وميسان والبصرة اتفقت على أن "المالكي تسبب بما يمر به العراق من أزمات أمنية واقتصادية واجتماعية"، موضحين ذلك من خلال هتافاتهم والشعارات التي رفعوها، وكانت الألفاظ قاسية. وكانت جماهير ذي قار انتفضت لدى زيارة المالكي لها، يوم الخميس 8 ديسمبر/كانون الأول الحالي، ثم في اليوم الثاني وجد المالكي الرفض نفسه من قبل جماهير ميسان، وفي اليوم الثالث، من قبل جماهير البصرة.
ورفع المتظاهرون الأحذية تعبيراً عن سخطهم من رئيس الوزراء السابق، كما رددوا هتافات اتهموا من خلالها نائب رئيس الجمهورية بانتهاج "الدكتاتورية" خلال فترة حكمه وأنه المتسبب في كثير من الجرائم، منها مجزرة سبايكر، التي قتل فيها أكثر من 1700 جندي عراقي على يد تنظيم "داعش". واتهموه أيضاً بـ"نشر الفساد في البلاد"، و"تسليم" مدينة الموصل إلى "داعش"، الذي تمدد منها ليسيطر على أجزاء واسعة من البلاد، كما اتهموه بالوقوف وراء انتشار أعمال عنف طائفي، لا سيما من خلال دعمه لمليشيات معينة.