"شنط رمضان"... رشاوى للفقراء من الأحزاب المصرية
وفسّر مراقبون هذه التحركات بأنها "رشوة سياسية"، خصوصاً أن هذه الأحزاب لا تظهر في الشارع إلا بالتزامن مع موعد الانتخابات، منبهين إلى أن الكثير منها ليس له أي ظهير شعبي بين المواطنين، وتعتمد بشكل كلّي على دعم الأجهزة الأمنية. وباتت هذه الأجهزة، منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في أعقاب الانقلاب العسكري، هي التي تتحكم في قوائم الانتخابات النيابية، والأسماء المرشحة إليها.
وتولى رئيس المحكمة الدستورية السابق، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق حسن، منصب رئيس الحزب في العاشر من مارس/آذار الماضي، خلفاً للنائب في البرلمان أشرف رشاد، بتعليمات مباشرة من الأجهزة الأمنية، ومن دون إجراء انتخابات بشكل مخالف للائحة الحزب، وهو ما جاء في سياق التمهيد لرئاسته مجلس الشيوخ، أو مجلس النواب المقبل، خلفاً لرئيسه الحالي علي عبد العال.
وأعلن حزب "مستقبل وطن" عن تواجده من خلال التبرع بالأموال لأصحاب الأعمال المؤقتة بسبب تفشي كورونا، وهي في الأصل أموال الأجهزة الأمنية المشرفة على أنشطة الحزب، والذي أسس في العام 2014 ليكون ظهيراً سياسياً للسيسي. كما أعلن عن توزيع الآلاف من الشنط الرمضانية في بعض المناطق العشوائية، والتي شهدت كذلك توزيع 165 ألف بطانية خلال الشتاء الماضي.
وعلى مدار الأيام الماضية، وزّع حزب "مستقبل وطن" شنط رمضان على بعض القرى الأكثر احتياجاً في محافظات الدلتا، تحت ذريعة "الدور المجتمعي للحزب في دعم أجهزة الدولة إزاء مواجهة فيروس كورونا، والوصول إلى محدودي الدخل، والمتضررين من الإجراءات الاحترازية للدولة من العمالة غير المنتظمة، على خلفية إغلاق التجمعات والأسواق العشوائية".
ويرى بعض أصحاب المتاجر في مصر، أن عملية شراء "شنط رمضان" من قبل الأحزاب أو رجال الأعمال، هي فرصة لتحريك حالة الركود في السوق المحلية جراء تداعيات فيروس كورونا. ويلفت هؤلاء إلى أن أسعار "الشنط" تختلف بحسب محتوياتها، فالمحال الصغيرة تبيعها بسعر يراوح بين 100 و150 جنيهاً، أما المتاجر الكبرى فتبيعها بنحو 200 جنيه (12 دولارا أميركيا)، على وقع ارتفاع أسعار السلع الغذائية مقارنة بالعام الماضي.
ومن ضمن الأحزاب التي توزع الشنط الرمضانية بخلاف "مستقبل وطن"، أحزاب "المصريين الأحرار" و"الحرية" و"المؤتمر" و"الوفد" و"حماة الوطن" و"الشعب الجمهوري" و"المحافظين". ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية، يتواجد العديد من النواب الحاليين في دوائرهم لتوزيع الشنط والهدايا الرمضانية، لخلق مزيد من التواصل مع الجماهير طمعاً في نيل أصواتهم، وإعادة انتخابهم مرة أخرى.
وسبق أن كشفت مصادر برلمانية لـ"العربي الجديد"، أن ممارسات حزب "مستقبل وطن" خلال الاستفتاء على تعديلات الدستور العام الماضي، أساءت بشدة إلى النظام أمام الرأي العام، ومثلت سبباً رئيسياً في الإطاحة برئيس الحزب السابق أشرف رشاد، بعدما وثقت منظمات المجتمع المدني طباعة اسم وصورة السيسي على "كراتين الغذاء" الموزعة على الناخبين أيام الاستفتاء، فضلاً عن حشدهم بحافلات عليها شعار الحزب إلى اللجان الانتخابية للتصويت، مقابل الحصول على بعض السلع الغذائية.
وعلى الرغم من الغموض الذي يحيط بمصير الاستحقاقات الانتخابية، وتعطل الإجراءات التحضيرية التي كانت السلطة قد بدأت في اتخاذها لتعديل قانون مجلس النواب، ووضع قانون جديد لمجلس الشيوخ، بسبب انشغال السلطة التنفيذية في مواجهة وباء كورونا، إلا أن التحضير القاعدي في الأحزاب الموالية للأجهزة الأمنية ما زال جارياً، وذلك لاختيار قوائم الشخصيات التي ستخوض الانتخابات النيابية المرتقبة.