تجاهلت تركيا، أمس الخميس، جميع الضغوط التي تدعوها لوقف العملية العسكرية في شمال سورية، والتي دخلت يومها الثاني، أمس الخميس، وسط تضارب بشأن المدى الذي توغلت فيه هذه القوات وسيطرتها مع فصائل سورية معارضة على قرى حدودية. واستبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اجتماع مجلس الأمن الدولي بطلب من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبولندا لبحث العملية التركية والوضع في سورية، بالدفاع عن الهجوم التركي وبتهديد كل الدول الأوروبية المعارضة بفتح الأبواب أمام اللاجئين، فيما كانت روسيا والنظام السوري يحاولان الاستفادة من المعركة الدائرة بين الأكراد وتركيا لإعادة التقارب بين أنقرة ودمشق من جهة، والأكراد والنظام من جهة أخرى.
أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يواجه اتهامات في واشنطن ومن دول حليفة بأنه منح الضوء الأخضر لتركيا لبدء هجومها، حاول، أمس، الدفاع عن نفسه بالقول إنه يتحدث مع تركيا والأكراد، لكنه حذر من أن أنقرة ستتضرر مالياً بشدة إذا "لم تلتزم بالقواعد". وقال ترامب، في تغريدة: "أحاول إنهاء الحروب التي لا نهاية لها. وأتحدث إلى كلا الطرفين". وأضاف "أقول إن تركيا ستتضرر مالياً بشدة وبالعقوبات إذا لم يلتزموا بالقواعد. إنني أراقب عن كثب". ولفت إلى أن تركيا كانت تخطط لهذا الهجوم منذ زمن.
وفي حين سقط قتلى وجرحى مدنيون على طرفي الحدود، أمس، إلى جانب الإعلان عن خسائر عسكرية وحديث أردوغان عن مقتل العشرات من مقاتلي "قسد"، فقد برزت حركة النزوح الكبيرة من المناطق التي تدور فيها الاشتباكات العنيفة لتتخطى الـ60 ألف نازح. وفي حين تحدثت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين عن فرار عشرات الآلاف، فقد دعت كافة الأطراف إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك إتاحة وصول وكالات الإغاثة. وقالت إن مئات الآلاف من المدنيين "في شمال سورية باتوا في طريق التعرض للأذى الآن. ويجب ألا يكون المدنيون والبنية التحتية المدنية هدفاً".
ودفعت المطالبة الدولية المتصاعدة الموجهة لتركيا بإيقاف العملية فوراً وانسحاب الجيش من شمال شرقي سورية، أردوغان إلى تهديد الغرب بفتح الباب مجدداً أمام موجة لاجئين. وقال أردوغان في خطاب أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية في أنقرة، أمس الخميس، متوجهاً لدول الاتحاد الأوروبي: "إن حاولتم وصف عملية نبع السلام بالاحتلال، فإن عملنا سهل جداً، نفتح أبوابنا ونرسل إليكم 3.6 ملايين لاجئ". وأكد أنه "ليست لدينا أي مشكلة مع إخوتنا الأكراد"، موجهاً نقداً لاذعاً للجانبين المصري والسعودي اللذين أعلنا رفضهما للعملية العسكرية التركية في شمال شرقي سورية. وقال "على السعودية أن تنظر لنفسها في المرآة. على السعودية أن تراجع مواقفها بشأن اليمن بعد مقتل عشرات الآلاف من المدنيين". وأضاف "السلطات المصرية عاجزة عن تحقيق الديمقراطية في بلدها". ونفى استهداف الأكراد عامة، مشدداً على أن هدف الحملة العسكرية التركية فقط "وحدات حماية الشعب" الكردية. وقال "ما نحاول القيام به هو منع إقامة كيان إرهابي على حدودنا الجنوبية"، مضيفاً "من منبج حتى الحدود العراقية، سنبدد الغيوم السوداء القائمة في سماء الشعب السوري منذ ثماني سنوات". ولفت إلى أن "العملية مستمرة حالياً بمشاركة جميع وحداتنا، وقتل 109 إرهابيين حتى الآن".
من جهته، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو أن القوات التركية تنوي التوغل لمسافة 30 كيلومتراً في شمال سورية، وبعمق 120 كيلومتراً، وأن عمليتها ستستمر حتى يتم "تحييد جميع الإرهابيين". وكرر أن تركيا تهدف إلى إنشاء "منطقة آمنة" تسمح بعودة "طوعية وآمنة" للاجئين السوريين.
اقــرأ أيضاً
وبعد تمهيد مدفعي وجوي مكثف، بدأ عصر الأربعاء الماضي، توغل الجيش التركي وفصائل تابعة للمعارضة السورية في الأراضي السورية. وأكدت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن فصائل المعارضة السورية المنضوية في "الجيش الوطني"، والتي تشارك في العملية سيطرت على قرى في ريفي تل أبيض الغربي والشرقي، قبل أن تبدأ التحرك نحو تل أبيض ورأس العين. كما أكدت المصادر أن الجيش التركي أقام قاعدة على الفور بين منطقتي تل أبيض ورأس العين بالقرب من منطقة بير عاشق. وأوضحت أن الجيش التركي وفصائل المعارضة توغلا شرق تل أبيض بنحو 4 كيلومترات وغربها بالمسافة نفسها، وسيطرا على عدة قرى، منها اليابسة وتل فندر.
وأعلنت تركيا، أمس الخميس، أن قواتها سيطرت على أهداف كانت قد حددتها في سورية. وكتبت وزارة الدفاع التركية، في تغريدة، أن "أبطالنا من القوات الخاصة الذين يشاركون في عملية نبع السلام يواصلون التقدم شرقي الفرات". وقالت، في بيان ثانٍ، إنه "تمت السيطرة على الأهداف المحددة". وأعلن الجيش التركي أنه أصاب 181 هدفاً للمقاتلين الأكراد في ضربات جوية وقصف بالمدفعية منذ بداية العملية.
وأكدت مصادر محلية في منطقة تل أبيض، لـ"العربي الجديد"، أن عدداً كبيراً من مسلحي "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية ثقلها الرئيسي وتسيطر على جل منطقة شرقي الفرات، تركوا أسلحتهم وفروا. وقالت إن "عدداً من الهاربين لا يتقنون العربية، ولا يعرفون جغرافية المنطقة، حيث سألوا الأهالي عن كيفية الهروب، ما يؤكد أنهم ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني المصنف ضمن التنظيمات الإرهابية، وهم قادمون من جبال قنديل، على الحدود العراقية التركية". وقالت مصادر ميدانية إن القوات التركية قطعت الطريق الواصل بين مدينتي تل أبيض، شمال الرقة، ورأس العين، شمال الحسكة، وذلك بالتوغل نحو 5 كيلومترات غرب رأس العين، وقطع الطريق عند نقطة قرية تل أرقم. ولفتت المصادر إلى أن القوات التركية، وبغطاء جوي، بدأت بالدخول إلى الأراضي السورية في محيط قرية علوك، شرق رأس العين، لافتة إلى أن الهجوم التركي، بهذه الحالة، يحيط بمدينة رأس العين من الشرق والغرب.
من جانبه، قال القيادي في الجيش السوري الحر العميد فاتح حسون إن الأمور الميدانية "تجري وفقاً لما هو مخطط له"، مضيفاً، في حديث مع "العربي الجديد": "حققت العملية خلال الساعات الأولى نجاحات في المناطق التي انتشرت فيها القوات المحررة". وأضاف "وفق متابعاتنا، فقد كانت مقاومة مليشيا قسد ضعيفة، وفر العديد منهم من المواجهة وتركوا أماكنهم، وهو ما قاموا به سابقاً في عملية غصن الزيتون في منطقة عفرين مطلع العام الماضي". وعزا "سبب عدم مقاومة قوات سورية الديمقراطية إلى أن مقاتلي هذه القوات لا يتمتعون بالكفاءة العسكرية ولا الخبرة القتالية، ولَم يكتسبوا هذه الخبرة من معاركهم السابقة"، مضيفاً "قتالهم لداعش لم يكن بشكل ذاتي ومستقل، فقد كان المطلوب منهم التقدم إلى مناطق كان طيران التحالف يحرقها قبل تقدم القوات البرية". وتابع أن "انسحاب القوات الأميركية وتركها لمليشيا قسد في المواجهة، من دون طيران ومدفعية وخبراء عسكريين، أظهر حقيقة مقاتلي هذه القوات". وتابع "قد نجد مقاومة منهم، دفاعية بسبب زرعهم للألغام وتنفيذهم لكمائن، وإطلاقهم لمقاتلي داعش لتنفيذ بعض الهجمات الانتحارية. لكن بالمحصلة هم سيتراجعون عن المناطق المستهدفة شيئاً فشيئاً".
في موازاة ذلك، تؤكد "قوات سورية الديمقراطية" أنها لن تستسلم للجيش التركي. وقالت، في بيان، إنها صدت هجوماً على مدينة تل أبيض، شمالي محافظة الرقة، مشيرة إلى أن الاشتباكات الضارية تجري على كامل الحدود بين البلدين. وأضاف البيان "قواتنا تصدت للهجوم البري للجيش التركي والفصائل الموالية له وكبدتهم خسائر فادحة وردتهم على أعقابهم". وأشارت، في بيان آخر، إلى أن الهجمات، التي طاولت "كامل الخط الحدودي"، أسفرت عن مقتل 3 من مقاتليها و5 مدنيين وإصابة العشرات، فيما أعلنت مصادر طبية تركية مقتل أربعة أشخاص في سقوط قذيفة هاون على بلدة أقجة قلعة الحدودية التركية. وكانت قناة "إن تي في" التركية قد ذكرت أن 23 مدنياً تركياً جرحوا جراء سقوط قذائف وصواريخ على بلدات جيلان بينار، وأقجة قلعة، وبيرجيك، ونصيبين.
وكانت قيادة "قسد" قد هددت بتحويل الحدود السورية التركية، شرق الفرات، والبالغ طولها نحو 450 كيلومتراً، إلى ميدان مواجهة مفتوحة مع الجيش التركي وفصائل المعارضة. وفيما أكد مصدران في وحدات حماية الشعب أن الولايات المتحدة لم تزودها بأسلحة ثقيلة يمكن أن تفيد في التصدي للطائرات أو الدبابات التركية، قال أحدهم إن المقاتلين الأكراد حصلوا من مصادر أخرى على صواريخ مضادة للدبابات.
وحاولت "الإدارة الذاتية" اللعب على وتر مخاوف الدول من فرار عناصر تنظيم "داعش". وقالت، في بيان، إن "سجناً يضم أخطر المجرمين من أكثر من 60 دولة تعرض لقصف تركي، وإن هجوم تركيا على سجونها يهدد بحدوث كارثة". وأشارت إلى أن القصف استهدف جزءاً من سجن جركين في مدينة القامشلي. وحذر المسؤول في "قسد" بدران جيا كرد، في تصريح لوكالة "رويترز"، من أن "عدد قوات الأمن التي تحرس محتجزي داعش سيتقلص مع تصعيد القوات التركية هجومها". وقال "بكل تأكيد هذا الهجوم سيخفف ويضعف نظام الحراسة والحماية لهؤلاء الدواعش في السجون الذين يعدون بالآلاف". وأضاف "هذا الأمر قد يؤدي إلى فرارهم أو إلى تصرفات قد تخرج من سيطرة القوات الأمنية، لكون الأعداد التي تقوم بحراسة السجون تتقلص كلما اشتدت المعارك، وهذا الأمر يشكل خطورة كبيرة".
من جانبه، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن "فشل" الهجوم البري التركي على جميع المحاور التي حاولت القوات التركية التقدم إليها ضمن المنطقة الممتدة من شرق نهر الفرات وصولاً إلى غرب نهر دجلة. وأشار إلى أن "قوات سورية الديمقراطية والمجالس العسكرية صدت الهجمات التي شنتها القوات التركية والفصائل الموالية لها على محاور تل أبيض ورأس العين والمالكية وقرى بريف عين العرب (كوباني) والدرباسية ومحاور أخرى في المنطقة"، قبل أن يقر لاحقاً بسيطرة القوات المهاجمة على قرية بئر عاشق الواقعة شرق مدينة تل أبيض "بمساعدة خلايا نائمة في القرية"، حسب تعبيره.
إلى ذلك، يراقب النظام السوري تطور الأوضاع في منطقة شرقي نهر الفرات. وذكرت وكالة "سانا"، التابعة للنظام، أن "5 أشخاص قتلوا، وجرح 9، في رأس العين، نتيجة العدوان التركي". وحتى أمس، الخميس، لم تعلن العشائر العربية، التي تقطن شرق الفرات ويشكل أبناؤها أكثر من 80 في المائة من عدد سكان المنطقة، موقفاً واضحاً إزاء ما يحدث في ظل حديث عن اشتباكات جرت في مدينة رأس العين بين قبيلة البقارة و"قوات سورية الديمقراطية" التي تخشى انشقاق أبناء العشائر عنها. وزعم النظام، بحسب مصادر إعلامية تابعة له، أن زعماء العشائر بالمنطقة "أعلنوا عن جهوزيتهم لأن يقفوا صفاً واحداً مع الدولة السورية والدفاع عن مناطقهم". وتنتشر في منطقة رأس العين العديد من العشائر العربية، منها عدوان وحرب والنعيم والبقارة.
أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يواجه اتهامات في واشنطن ومن دول حليفة بأنه منح الضوء الأخضر لتركيا لبدء هجومها، حاول، أمس، الدفاع عن نفسه بالقول إنه يتحدث مع تركيا والأكراد، لكنه حذر من أن أنقرة ستتضرر مالياً بشدة إذا "لم تلتزم بالقواعد". وقال ترامب، في تغريدة: "أحاول إنهاء الحروب التي لا نهاية لها. وأتحدث إلى كلا الطرفين". وأضاف "أقول إن تركيا ستتضرر مالياً بشدة وبالعقوبات إذا لم يلتزموا بالقواعد. إنني أراقب عن كثب". ولفت إلى أن تركيا كانت تخطط لهذا الهجوم منذ زمن.
وفي حين سقط قتلى وجرحى مدنيون على طرفي الحدود، أمس، إلى جانب الإعلان عن خسائر عسكرية وحديث أردوغان عن مقتل العشرات من مقاتلي "قسد"، فقد برزت حركة النزوح الكبيرة من المناطق التي تدور فيها الاشتباكات العنيفة لتتخطى الـ60 ألف نازح. وفي حين تحدثت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين عن فرار عشرات الآلاف، فقد دعت كافة الأطراف إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك إتاحة وصول وكالات الإغاثة. وقالت إن مئات الآلاف من المدنيين "في شمال سورية باتوا في طريق التعرض للأذى الآن. ويجب ألا يكون المدنيون والبنية التحتية المدنية هدفاً".
وبعد تمهيد مدفعي وجوي مكثف، بدأ عصر الأربعاء الماضي، توغل الجيش التركي وفصائل تابعة للمعارضة السورية في الأراضي السورية. وأكدت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن فصائل المعارضة السورية المنضوية في "الجيش الوطني"، والتي تشارك في العملية سيطرت على قرى في ريفي تل أبيض الغربي والشرقي، قبل أن تبدأ التحرك نحو تل أبيض ورأس العين. كما أكدت المصادر أن الجيش التركي أقام قاعدة على الفور بين منطقتي تل أبيض ورأس العين بالقرب من منطقة بير عاشق. وأوضحت أن الجيش التركي وفصائل المعارضة توغلا شرق تل أبيض بنحو 4 كيلومترات وغربها بالمسافة نفسها، وسيطرا على عدة قرى، منها اليابسة وتل فندر.
وأعلنت تركيا، أمس الخميس، أن قواتها سيطرت على أهداف كانت قد حددتها في سورية. وكتبت وزارة الدفاع التركية، في تغريدة، أن "أبطالنا من القوات الخاصة الذين يشاركون في عملية نبع السلام يواصلون التقدم شرقي الفرات". وقالت، في بيان ثانٍ، إنه "تمت السيطرة على الأهداف المحددة". وأعلن الجيش التركي أنه أصاب 181 هدفاً للمقاتلين الأكراد في ضربات جوية وقصف بالمدفعية منذ بداية العملية.
وأكدت مصادر محلية في منطقة تل أبيض، لـ"العربي الجديد"، أن عدداً كبيراً من مسلحي "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية ثقلها الرئيسي وتسيطر على جل منطقة شرقي الفرات، تركوا أسلحتهم وفروا. وقالت إن "عدداً من الهاربين لا يتقنون العربية، ولا يعرفون جغرافية المنطقة، حيث سألوا الأهالي عن كيفية الهروب، ما يؤكد أنهم ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني المصنف ضمن التنظيمات الإرهابية، وهم قادمون من جبال قنديل، على الحدود العراقية التركية". وقالت مصادر ميدانية إن القوات التركية قطعت الطريق الواصل بين مدينتي تل أبيض، شمال الرقة، ورأس العين، شمال الحسكة، وذلك بالتوغل نحو 5 كيلومترات غرب رأس العين، وقطع الطريق عند نقطة قرية تل أرقم. ولفتت المصادر إلى أن القوات التركية، وبغطاء جوي، بدأت بالدخول إلى الأراضي السورية في محيط قرية علوك، شرق رأس العين، لافتة إلى أن الهجوم التركي، بهذه الحالة، يحيط بمدينة رأس العين من الشرق والغرب.
من جانبه، قال القيادي في الجيش السوري الحر العميد فاتح حسون إن الأمور الميدانية "تجري وفقاً لما هو مخطط له"، مضيفاً، في حديث مع "العربي الجديد": "حققت العملية خلال الساعات الأولى نجاحات في المناطق التي انتشرت فيها القوات المحررة". وأضاف "وفق متابعاتنا، فقد كانت مقاومة مليشيا قسد ضعيفة، وفر العديد منهم من المواجهة وتركوا أماكنهم، وهو ما قاموا به سابقاً في عملية غصن الزيتون في منطقة عفرين مطلع العام الماضي". وعزا "سبب عدم مقاومة قوات سورية الديمقراطية إلى أن مقاتلي هذه القوات لا يتمتعون بالكفاءة العسكرية ولا الخبرة القتالية، ولَم يكتسبوا هذه الخبرة من معاركهم السابقة"، مضيفاً "قتالهم لداعش لم يكن بشكل ذاتي ومستقل، فقد كان المطلوب منهم التقدم إلى مناطق كان طيران التحالف يحرقها قبل تقدم القوات البرية". وتابع أن "انسحاب القوات الأميركية وتركها لمليشيا قسد في المواجهة، من دون طيران ومدفعية وخبراء عسكريين، أظهر حقيقة مقاتلي هذه القوات". وتابع "قد نجد مقاومة منهم، دفاعية بسبب زرعهم للألغام وتنفيذهم لكمائن، وإطلاقهم لمقاتلي داعش لتنفيذ بعض الهجمات الانتحارية. لكن بالمحصلة هم سيتراجعون عن المناطق المستهدفة شيئاً فشيئاً".
وكانت قيادة "قسد" قد هددت بتحويل الحدود السورية التركية، شرق الفرات، والبالغ طولها نحو 450 كيلومتراً، إلى ميدان مواجهة مفتوحة مع الجيش التركي وفصائل المعارضة. وفيما أكد مصدران في وحدات حماية الشعب أن الولايات المتحدة لم تزودها بأسلحة ثقيلة يمكن أن تفيد في التصدي للطائرات أو الدبابات التركية، قال أحدهم إن المقاتلين الأكراد حصلوا من مصادر أخرى على صواريخ مضادة للدبابات.
وحاولت "الإدارة الذاتية" اللعب على وتر مخاوف الدول من فرار عناصر تنظيم "داعش". وقالت، في بيان، إن "سجناً يضم أخطر المجرمين من أكثر من 60 دولة تعرض لقصف تركي، وإن هجوم تركيا على سجونها يهدد بحدوث كارثة". وأشارت إلى أن القصف استهدف جزءاً من سجن جركين في مدينة القامشلي. وحذر المسؤول في "قسد" بدران جيا كرد، في تصريح لوكالة "رويترز"، من أن "عدد قوات الأمن التي تحرس محتجزي داعش سيتقلص مع تصعيد القوات التركية هجومها". وقال "بكل تأكيد هذا الهجوم سيخفف ويضعف نظام الحراسة والحماية لهؤلاء الدواعش في السجون الذين يعدون بالآلاف". وأضاف "هذا الأمر قد يؤدي إلى فرارهم أو إلى تصرفات قد تخرج من سيطرة القوات الأمنية، لكون الأعداد التي تقوم بحراسة السجون تتقلص كلما اشتدت المعارك، وهذا الأمر يشكل خطورة كبيرة".
من جانبه، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن "فشل" الهجوم البري التركي على جميع المحاور التي حاولت القوات التركية التقدم إليها ضمن المنطقة الممتدة من شرق نهر الفرات وصولاً إلى غرب نهر دجلة. وأشار إلى أن "قوات سورية الديمقراطية والمجالس العسكرية صدت الهجمات التي شنتها القوات التركية والفصائل الموالية لها على محاور تل أبيض ورأس العين والمالكية وقرى بريف عين العرب (كوباني) والدرباسية ومحاور أخرى في المنطقة"، قبل أن يقر لاحقاً بسيطرة القوات المهاجمة على قرية بئر عاشق الواقعة شرق مدينة تل أبيض "بمساعدة خلايا نائمة في القرية"، حسب تعبيره.
إلى ذلك، يراقب النظام السوري تطور الأوضاع في منطقة شرقي نهر الفرات. وذكرت وكالة "سانا"، التابعة للنظام، أن "5 أشخاص قتلوا، وجرح 9، في رأس العين، نتيجة العدوان التركي". وحتى أمس، الخميس، لم تعلن العشائر العربية، التي تقطن شرق الفرات ويشكل أبناؤها أكثر من 80 في المائة من عدد سكان المنطقة، موقفاً واضحاً إزاء ما يحدث في ظل حديث عن اشتباكات جرت في مدينة رأس العين بين قبيلة البقارة و"قوات سورية الديمقراطية" التي تخشى انشقاق أبناء العشائر عنها. وزعم النظام، بحسب مصادر إعلامية تابعة له، أن زعماء العشائر بالمنطقة "أعلنوا عن جهوزيتهم لأن يقفوا صفاً واحداً مع الدولة السورية والدفاع عن مناطقهم". وتنتشر في منطقة رأس العين العديد من العشائر العربية، منها عدوان وحرب والنعيم والبقارة.