لا تزال الاشتباكات مستمرة في منطقة شرقي الفرات بين "الجيش الوطني" السوري المدعوم من تركيا، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، بالإضافة إلى اشتباكات بين قوات النظام السوري و"الجيش الوطني"، على الرغم من وجود اتفاق روسي تركي حدد مناطق انتشار كل قوة من هذه القوات، وعلى الرغم من موافقة كل الأطراف في المنطقة على هذا الاتفاق، في الوقت الذي يستمر فيه تصعيد قوات النظام المدعومة من روسيا في كل من ريفي إدلب الجنوبي والغربي. فمنذ الاتفاق الروسي التركي، في التاسع عشر من الشهر الماضي حول منطقة شرقي نهر الفرات، لم تنقطع الاشتباكات بين "قسد" المدعومة من وحدات تابعة لقوات النظام، وبين "الجيش الوطني" التابع للمعارضة والمدعوم من الجيش التركي. ويحاول الطرفان الحصول على أكبر مكاسب على الأرض، خصوصاً حول مدينة تل تمر الاستراتيجية التي يحتدم الصراع عليها، في سعي "الجيش الوطني" للسيطرة عليها كونها تُعد عُقدة طرق، إذ يمر منها طريق الحسكة - رأس العين، كما يتفرع منها الطريق الدولي "إم 4" الآتي من حلب إلى مدينتي الحسكة والقامشلي.
في غضون ذلك، سيّرت الشرطة الروسية دورية عسكرية في محيط بلدة عامودا شمال الحسكة، في إطار الاتفاق بين موسكو وأنقرة، والذي كان قد نصّ على أن الشرطة العسكرية الروسية ستُخرج عناصر "قسد" وأسلحتهم حتى مسافة 30 كيلومتراً من الحدود التركية شرق الفرات. كما نصّ على نشر حرس الحدود التابع للنظام على الحدود السورية التركية في محافظة الحسكة، باستثناء مدينة رأس العين التي باتت منطقة نفوذ تركي بلا منازع.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بانطلاق الدورية الروسية-التركية المشتركة الرابعة من نوعها ضمن مناطق شمال وشمال شرق سورية، مشيراً إلى أن الدورية انطلقت من قرية شيريك الحدودية في ريف الدرباسية وجابت قرى واقعة غرب وجنوب غرب الدرباسية. وأوضح المرصد أن الدورية تتألف من 6 عربات روسية ومثلها تركية، مشيراً إلى أن القوات الروسية وضعت أسلاكاً شائكة على عرباتها بالإضافة إلى تصفيحها بشكل أكبر، بعد عمليات الرشق بالحجارة والأحذية التي تعرضت لها الدوريات الثلاث الماضية. وأكد المرصد استمرار الاشتباكات بوتيرة متفاوتة العنف، على محاور شمال بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، وشرق مدينة رأس العين وفي المنطقة الواقعة بين تل تمر وأبو رأسين، بين "الجيش الوطني"، من جهة، و"قوات سورية الديمقراطية" من جهة أخرى، مشيراً إلى أن هذه الاشتباكات تترافق مع استهداف متبادل بالقذائف والرشاشات الثقيلة.
وحول أسباب استمرار الاشتباكات شرقي نهر الفرات، على الرغم من وجود اتفاق روسي تركي كان من المفترض أن ينزع فتيل الصراع، قال القيادي في "الجيش الوطني" مصطفى سيجري، لـ"العربي الجديد"، إن "روسيا لم تف بتعهداتها للجانب التركي، وما زالت المجموعات الإرهابية تفرض السيطرة الكاملة على المنطقة المتفق عليها بين الطرفين". وأضاف: "قواتنا تشتبك مع المجموعات التابعة للأسد والتي تقاتل سوية مع حزب العمال الكردستاني". وشدد على "أن المعارك سوف تستمر حتى يتم طرد المجموعات الإرهابية من كامل المنطقة المتفق عليها".
من جهتها، اتهمت "قسد" منذ أيام تركيا باحتلال 1100 كيلومتر مربع من الأراضي، تضم 56 قرية، بالإضافة إلى "العديد من المزارع والقصبات في كل من شمال بلدة عين عيسى وشرق مدينة كوباني (عين العرب) وشرق رأس العين وشمال غرب تل تمر منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بين الولايات المتحدة وتركيا في 17 أكتوبر الماضي". وغير بعيد عن هذه التطورات، قُتل ستة مدنيين على الأقل جراء تفجير سيارتين ودراجة مفخخة في مدينة القامشلي في شمال شرق سورية أمس، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الإثنين، أن بلاده ستصر على استعادة السلطات السورية سيطرتها على كامل أراضي البلاد، وبأسرع وقت ممكن، بما في ذلك مناطق حقول النفط التي استولى عليها الأميركيون. وجاءت تصريحات الوزير الروسي تعليقاً على أنباء أفادت بأن الجيش الأميركي نشر أخيراً مركبات مدرعة ودبابات ثقيلة من طراز "أبرامز" حول حقول النفط السورية في شمال البلاد. كما جاءت بعد تصريحات رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، مارك ميلي، الأحد، والتي أكد فيها أن أعداد القوات الأميركية التي ستبقى في سورية، بين 500 و1000 جندي. وتضع الولايات المتحدة يدها على أهم حقول النفط في سورية في ريفي دير الزور والحسكة، إذ تؤكد أنها ستمنع الأسد من استعادة السيطرة عليها، وهو ما يثير حفيظة الجانب الروسي.