ما إن تسلك الطريق الممتد من ولاية شانلي أورفا التركية، باتجاه مدينة أكشا قلعة الحدودية، حتى تدرك بأنك ضمن منطقة عسكرية تكاد تكون قاعدة تتم من خلالها كل التحضيرات اللوجستية للعملية العسكرية الجارية في شمال سورية.
فعلى طول الخمسين كيلومتراً حتى تصل إلى معبر أكشا قلعة الحدودي، تصادفك عشرات المصفحات العسكرية والآليات الثقيلة التي تحمل عتاداً عسكرياً من دبابات ومجنزرات عبر الطريق باتجاه ساحة المعركة، كما لا يخلو طريق أكشا قلعة الوعر من سيارات الإسعاف وعربات البث التي تحاول نقل الحدث من على الشريط الحدودي.
ولا تقتصر عمليات النقل على الجنود والعتاد التركي، وإنما يتم نقل فصائل "الجيش الوطني" التابع للمعارضة من مناطق ريف حلب الشمالي، إلى ساحة المعركة من خلال الأراضي التركية، لتدخل مجدداً الأراضي السورية عبر مدينة أكشا قلعة.
وفي الأحياء المشرفة على الجانب السوري من المدينة، كان سكان أكشا قلعة، قبل يوم أمس الأحد، يرون أعلام مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في الجانب الآخر من الحدود، ويتوخون الحذر الشديد من القذائف الآتية من هناك بين الفينة والأخرى، لا سيما أنّها أدت، قبل بضعة أيام، لمقتل ثلاثة أشخاص، أحدهم رضيع سوري، وإصابة نحو سبعين آخرين.
غير أنّ المشهد انعكس اليوم، إذ بات السكان يشاهدون على الطرف المقابل، علم الثورة السورية بعد السيطرة على مدينة تل أبيض، من قبل "الجيش الوطني" والجيش التركي، والتي أدت إلى تبديد حالة خوف الأهالي من القذائف، فيما بدأ لاجئون سوريون ممن لجؤوا إلى الطرف التركي يترقبون لحظة عودتهم إلى مدينتهم.
لا يميز الزائر لمدينة أكشا قلعة بين سكانها وبين السوريين اللاجئين فيها؛ فالجميع يتحدث اللغة العربية باللهجة البدوية، والجميع تربطهم صلات قرابة عشائرية على طرفي الحدود.
أكثر ما يميز سكان مدينة أكشا قلعة هو الكرم والبساطة في التعامل مع أي زائر للمدينة؛ لذلك لا يتكلف الزائر عناء شديداً في التعرف على أي مكان في المنطقة، إذ لا يتوانى أي من سكان المنطقة عن تأدية أي خدمة لأي زائر.
ولا تخفى محاولة أي مواطن من المنطقة إبداء ولائه وتعاطفه الشديدين مع تركيا، لدرجة تصل حدود التملق النابع ربما من خوف أكثر منه تأييد متأتٍّ عن قناعة.
ويتجمع، في ساحة قرب المشفى العام في المدينة، مئات الصحافيين، والعديد من عربات البث التي تحاول أن تنقل الحدث من خلال بث مباشر على الحدود، للإيحاء بأنها في قلب الحدث، على الرغم من ندرة المصادر، وبعد المنطقة عن ساحة المعركة نسبياً، كما تشهد المدينةن وخاصة مكان تجمع الصحافيين، تواجداً أمنياً ملحوظاً.