ووفقاً لمصادر عسكرية عراقية، فقد باشرت قوات من الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب بعمليات قصفٍ مدفعي وصاروخي فضلاً عن قصف جوي لطيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن، طاولت مناطق باب الطوب، وباب البيض، وسوق المعاش، وشارع الموصلي، وشارع الأغا، وشارع الباشوات، تمهيداً لبدء تحرك القوات برياً نحو المنطقة.
وأوضح ضباط في الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، أن "القصف يهدف إلى تشتيت جيوب وخلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتدمير حواجز الصد التي أقاموها في المنطقة القديمة"، مبيناً أن "الهدف هو التوغل حتى نهاية المنطقة القديمة، وصولاً إلى الجامع الذي ألقى فيه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، خطبة خلافته المزعومة عام 2014".
وتحوي المنطقة القديمة على معالم أثرية وتراثية مهمة، كما يتواجد نحو 150 ألف مدني داخل المنطقة وحدها. وسجّل، اليوم، مقتل ما لا يقل عن 30 مدنياً بالقصف الصاروخي والجوي على المنطقة التي يعاني أهلها من الجوع بعد دخول حصارهم شهره الثاني.
وفي هذا الصدد، حذر عضو مجلس محافظة نينوى (الحكومة المحلية) محمد الحمداني لـ"العربي الجديد"، من أن المدينة القديمة على وشك تسجيل مجزرة أو اثنتين، في حال استمر القصف الجوي بهذا المنوال.
ولفت إلى أن "أي ممرات آمنة حقيقية لم تتوفر، حتى الآن، والمعارك مستمرة، منذ فجر اليوم، وهناك عشرات الآلاف من المدنيين مكدسين داخل منازلهم، واعتقد أنهم سيموتون جوعاً، إن لم تطاولهم الصواريخ والقذائف داخل منازلهم".
ميدانياً، أكد قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، في تصريح صحافي، أنّ "قوات الشرطة الاتحادية تواصل تقدّمها في المحور الغربي مسنودة بغطاء جوي من طيران الجيش والطيران المسيّر والقصف المدفعي، باتجاه منطقة الفاروق المحيطة بجامع النوري".
واستغل تنظيم "داعش" توقف المعارك، أخيراً، ولجأ لتلغيم شوارع وأزقة ومداخل الموصل القديمة بشكل كثيف، لمنع أي تقدّم للقطعات العراقية، كما استطاع خلال هذه الفترة من تحصين نفسه داخل المدينة.
في المقابل، طالب مسؤولون محليون التحالف الدولي، بتنفيذ إنزال جوي على مناطق تنظيم "داعش" إن كان حلاً لتقليل الخسائر البشرية. وقالت النائبة في البرلمان عن الموصل، نورة البجاري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخطط التي نفذتها القوات العراقية في الساحل الأيسر ركزت على توفير ممرات آمنة واسعة لنزوح المدنيين، وكانت المعركة في حينها أقل بكثير من ناحية الخسائر في صفوف المدنيين من معركة الساحل الأيمن".
وأشارت إلى أنّ "العمليات التي نفذتها قوات الحشد الشعبي في غرب الموصل، دفعت أهالي القرى والأطراف في تلك المناطق للنزوح إلى الساحل الأيمن وأصبح في داخله أعداد كبيرة من النازحين من غرب المدينة، بالإضافة إلى أهالي المدينة الأصليين، الأمر الذي شكّل خطراً كبيراً على الأهالي المتواجدين على خط النار".
وأضافت أنّ "حصار القوات العراقية لـ"داعش" داخل المدينة من كافة المنافذ، وإن كان في ذلك مؤشر إيجابي، لكنّه يعد، في الوقت نفسه، سلبياً، لناحية أن الضرر الأكبر وقع على المدنيين". مبينةً أنّ "التنظيم أجبر على البقاء داخل المدينة وعدم الهرب منها، واتخذ المدنيين دروعاً بشرية وجعلهم بمواجهة النار واحتمى بهم".
ورأت المتحدثة أنّه "كان من المهم أن يتم فتح ممرات لانسحاب التنظيم، وتستطيع طائرات التحالف أنّ تتابعهم وتقتلهم في طريق الهرب، وحتى في حال ذهابهم إلى الرقة سيكون قتلهم هناك، أفضل من أن يحتموا بالمدنيين داخل الموصل وتتعقد المعركة"، مطالبة بـ"تعديل خطط المعركة في الساحل الأيمن، وأن تكون خططاً تراعي هذا الواقع الميداني، وأن تجعل حماية المدنيين الهدف الرئيس لها".
كما أكدت النائبة عن الموصل أنّ "دور قوات التحالف الدولي في معركة الموصل مع القوات العراقية مهم جدّاً، على اعتبار أن لها (قوات التحالف) الخبرة الأكبر باقتحام المدن"، مطالبةً بـ"تنفيذ إنزال جوي للتحالف على المناطق التي يتواجد بها التنظيم".