لم يكن تييري فريمو (1960)، غريباً عن مهرجان "كانّ" السينمائي، عندما طُلب منه أن يتولّى منصب "المندوب الفني"، عام 1999. فهو، القادم من دراسة "التاريخ الاجتماعي"، التي وضع فيها بحثاً أكاديمياً عن بدايات "بوزيتيف"، إحدى أعرق وأهم المجلات السينمائية النقدية في فرنسا، كان مسؤولاً رسمياً عن برمجة الأفلام، منذ الدورة الـ57 (12 ـ 23 مايو/ أيار 2004).
كما أنه منخرطٌ في الهمّ السينمائيّ، منذ شبابه، بتأثير من والده، عاشق الفن السابع. تابع دراسات جامعية أتاحت له التنقيب التحليلي الأكاديمي في شؤون السينما، قبل أن يعمل إلى جانب المخرج الفرنسي برتران تافيرنييه، كمدير فني لـ"مؤسّسة لوميير"، أي تلك المعنية بالأخوين أوغست ولوي لوميير، صانعي السينماتوغراف، ما جعله يجتهد في ترميم أفلامهما، وصولاً إلى تحقيق فيلم وثائقي عنهما، بعنوان "لوميير! المغامرة بدأت" (2017).
يُعتَبر فريمو صانع مهرجانات وتظاهرات سينمائية مختلفة. انجذابه إلى الأخوين لوميير جعله يُفاوض إدارة مهرجان "كانّ" على مسألة أساسية: في مقابل موافقته على أن يُصبح المندوب الفني للمهرجان، على الإدارة أن تسمح له بالبقاء رئيساً لـ"مؤسّسة لوميير". ومنذ نهاية عام 2003، بدأ يدير لجنتي استشارة واختيارات: أولى مهتمة بالأفلام الفرنسية، وثانية معنية بالأعمال الأجنبية. أما منصب المندوب العام، فاستلمه عام 2007، مُكلَّفاً بمهمتين أساسيتين، في وقتٍ واحد: المحتوى الفني للمهرجان، وأجهزته الإدارية واللوجستية.
أعاد تييري فريمو الاستديوهات الأميركية الكبيرة إلى الـ"كروازيت"، فاتحاً أمام أفلامها ونجومها أبواب "قصر المهرجانات"، ومادّاً لهم "السجادة الحمراء"، انطلاقاً من قناعة لديه، تتمثّل بقوله، ذات مرة: "أفضِّل فيلماً تجارياً ناجحاً، على فيلم مؤلِّف فاشل". في الوقت نفسه، أتاح فرصاً عديدة لمخرجين مختلفي الأساليب، لتقديم أفلامهم في المهرجان، أكانت أفلامَ نوع أو تحريك. كما خصّص حيزاً كبيراً للأفلام الوثائقية، والتزم "سينما نضالية"، مع ما يُمكن أن تُشكّله من تساؤلات ثقافية وفنية وإيديولوجية.
من لمساته التجديدية، اختياره ـ عام 2007 ـ فيلم "بيبي لو موكو" (1937)، للفرنسي جوليان دوفيفييه، ليكون أول فيلم كلاسيكي مُرمَّم حديثاً، يعرض في خانة "كلاسيكيات كانّ" (التي أُنشئت عام 2004). والخانة هذه ساهمت في إعادة مشاهدة بعض أجمل كلاسيكيات الفن السابع، بترميم تقني حديث، علماً أن الفيلم الفرنسي هذا رُمِّم بتقنية "ديجيتال".
يقول تييري فريمو: "فيلمٌ جيّد في مهرجانات برلين وتورنتو والبندقية، يُمكنه إنقاذ الاختيارات. لكن فيلماً سيئاً في (كانّ) يقتل فعل الاختيار". لكنه، عشية بدء الدورة الـ70، يُفسّر ما قاله سابقاً (2010): "هذه طريقة متسرّعة لاختصار الأمور. علينا ألاّ ننسى أن (كانّ) مهرجانٌ خاص بالمحترفين وأهل المهنة والصحافة، بينما يستقبل مهرجانا برلين وتورنتو جمهوراً من المُشاهدين". يُضيف أن الفرق "جوهريٌّ" بين الوضعين: "في (كانّ)، يُمكننا إخفاء فيلم هشّ، وإطلاق فرضيات، والسماح لمؤلِّفٍ بأن يكبر. اليوم، كل شيء بات يخضع لتقييم مستقل، ولأحكام متعلّقة بمقاييس المطالب والحاجات".
إلى ذلك، يرى فريمو أن السينمائيّ الإسباني بدرو ألمودوفار (1949) ـ رئيس لجنة التحكيم الخاصّة بالمسابقة الرسمية، في الدورة الجديدة هذه ـ "يحتفظ بعلاقات معقّدة مع مسابقة تنافسية لم تجعله يضحك أبداً". يُضيف أنه بات يراه اليوم أهدأ وأكثر ميلاً إلى تصالح مع فكرة السباق نحو الجوائز: "تمكّن من تجاوز مسألة عدم حصوله على (السعفة الذهبية)، عن فيلمه (كل شيء عن أمّي) (1999)". يصفه بالقول إنه يُدرك تماماً موقعه في تاريخ السينما: "إنه شخص مليء بالشكوك"، فعندما طلب فريمو منه أن يكون رئيس لجنة التحكيم، للمرة الأولى، رفض متسائلاً: "هل سأكون بالمستوى المطلوب؟". يُعبِّر فريمو عن إعجابه الكبير بتواضع ألمودوفار، وبهذا التساؤل النقدي عن الذات.
نديم...
كما أنه منخرطٌ في الهمّ السينمائيّ، منذ شبابه، بتأثير من والده، عاشق الفن السابع. تابع دراسات جامعية أتاحت له التنقيب التحليلي الأكاديمي في شؤون السينما، قبل أن يعمل إلى جانب المخرج الفرنسي برتران تافيرنييه، كمدير فني لـ"مؤسّسة لوميير"، أي تلك المعنية بالأخوين أوغست ولوي لوميير، صانعي السينماتوغراف، ما جعله يجتهد في ترميم أفلامهما، وصولاً إلى تحقيق فيلم وثائقي عنهما، بعنوان "لوميير! المغامرة بدأت" (2017).
يُعتَبر فريمو صانع مهرجانات وتظاهرات سينمائية مختلفة. انجذابه إلى الأخوين لوميير جعله يُفاوض إدارة مهرجان "كانّ" على مسألة أساسية: في مقابل موافقته على أن يُصبح المندوب الفني للمهرجان، على الإدارة أن تسمح له بالبقاء رئيساً لـ"مؤسّسة لوميير". ومنذ نهاية عام 2003، بدأ يدير لجنتي استشارة واختيارات: أولى مهتمة بالأفلام الفرنسية، وثانية معنية بالأعمال الأجنبية. أما منصب المندوب العام، فاستلمه عام 2007، مُكلَّفاً بمهمتين أساسيتين، في وقتٍ واحد: المحتوى الفني للمهرجان، وأجهزته الإدارية واللوجستية.
أعاد تييري فريمو الاستديوهات الأميركية الكبيرة إلى الـ"كروازيت"، فاتحاً أمام أفلامها ونجومها أبواب "قصر المهرجانات"، ومادّاً لهم "السجادة الحمراء"، انطلاقاً من قناعة لديه، تتمثّل بقوله، ذات مرة: "أفضِّل فيلماً تجارياً ناجحاً، على فيلم مؤلِّف فاشل". في الوقت نفسه، أتاح فرصاً عديدة لمخرجين مختلفي الأساليب، لتقديم أفلامهم في المهرجان، أكانت أفلامَ نوع أو تحريك. كما خصّص حيزاً كبيراً للأفلام الوثائقية، والتزم "سينما نضالية"، مع ما يُمكن أن تُشكّله من تساؤلات ثقافية وفنية وإيديولوجية.
من لمساته التجديدية، اختياره ـ عام 2007 ـ فيلم "بيبي لو موكو" (1937)، للفرنسي جوليان دوفيفييه، ليكون أول فيلم كلاسيكي مُرمَّم حديثاً، يعرض في خانة "كلاسيكيات كانّ" (التي أُنشئت عام 2004). والخانة هذه ساهمت في إعادة مشاهدة بعض أجمل كلاسيكيات الفن السابع، بترميم تقني حديث، علماً أن الفيلم الفرنسي هذا رُمِّم بتقنية "ديجيتال".
يقول تييري فريمو: "فيلمٌ جيّد في مهرجانات برلين وتورنتو والبندقية، يُمكنه إنقاذ الاختيارات. لكن فيلماً سيئاً في (كانّ) يقتل فعل الاختيار". لكنه، عشية بدء الدورة الـ70، يُفسّر ما قاله سابقاً (2010): "هذه طريقة متسرّعة لاختصار الأمور. علينا ألاّ ننسى أن (كانّ) مهرجانٌ خاص بالمحترفين وأهل المهنة والصحافة، بينما يستقبل مهرجانا برلين وتورنتو جمهوراً من المُشاهدين". يُضيف أن الفرق "جوهريٌّ" بين الوضعين: "في (كانّ)، يُمكننا إخفاء فيلم هشّ، وإطلاق فرضيات، والسماح لمؤلِّفٍ بأن يكبر. اليوم، كل شيء بات يخضع لتقييم مستقل، ولأحكام متعلّقة بمقاييس المطالب والحاجات".
إلى ذلك، يرى فريمو أن السينمائيّ الإسباني بدرو ألمودوفار (1949) ـ رئيس لجنة التحكيم الخاصّة بالمسابقة الرسمية، في الدورة الجديدة هذه ـ "يحتفظ بعلاقات معقّدة مع مسابقة تنافسية لم تجعله يضحك أبداً". يُضيف أنه بات يراه اليوم أهدأ وأكثر ميلاً إلى تصالح مع فكرة السباق نحو الجوائز: "تمكّن من تجاوز مسألة عدم حصوله على (السعفة الذهبية)، عن فيلمه (كل شيء عن أمّي) (1999)". يصفه بالقول إنه يُدرك تماماً موقعه في تاريخ السينما: "إنه شخص مليء بالشكوك"، فعندما طلب فريمو منه أن يكون رئيس لجنة التحكيم، للمرة الأولى، رفض متسائلاً: "هل سأكون بالمستوى المطلوب؟". يُعبِّر فريمو عن إعجابه الكبير بتواضع ألمودوفار، وبهذا التساؤل النقدي عن الذات.
نديم...