أنتج مؤخراً مغني الراب السوري، المعروف باسم بو كلثوم، أغنية بعنوان "ضُعضُع"، ونشرها في بداية الشهر الحالي على صفحته الرسمية في موقع "ساوند كلاود". ومن خلال الأغنية، أعلن اقتراب موعد إطلاق ألبومه الجديد، والذي سيحمل عنوان "بعبُع".
"العربي الجديد" أجرى لقاءً معه.
"العربي الجديد" أجرى لقاءً معه.
-أخبرنا المزيد من التفاصيل عن العمل الجديد
لم يكن الهدف من أغنية "ضُضُع" التعريف بالألبوم الجديد وحسب، بل كان الهدف من الأغنية التعريف بمفهوم الشخصية الثانوية، أو الشخصية البديلة الطاغية على الألبوم، والتي تحمل اسم "بعبُع"، و"البعبع" هي النسخة الغاضبة والثائرة على الصور النمطية السائدة، وهي شخصية كوميدية ساخرة. واخترت هذه الشخصية لأتكلم وانتقد بها بعض الأمور والأفكار السائدة من زاوية جديدة. وفضّلت قبل طرح الألبوم، أن أقدم شخصية "بعبع" للجمهور، ليبني معها علاقة مسبقة، فالشخصية جديدة كلياً، حتى في طريقة الأداء. إذ اخترت لها طريقة خاصة بغناء الراب، فيها نوع من التمثيل، رغم أن الشخصية تعبر عن جزء حقيقي من أفكاري. واخترت لها، أيضاً، أن تلدغ بحرف السين، وعبرت عن الشخصية بصورة غلاف الألبوم، التي تظهر "بعبع" ذو السن المكسور برسم كاريكاتيري، والتي صممها الفنان السوري، عمار خطاب.
- وهل تقصد بها شخصية سياسية ما؟ وخصوصاً أنها تلثغ بحرف السين، الذي يلثغ به رأس هرم النظام السوري كما يعرف الجميع؟
لا، فالشخصية رمزية، ولا تشير إلى شخصية حقيقية واحدة، وفي سياق الألبوم ستتضح معالم شخصية "البعبع"، والتي تتغذى على أكل رؤوس البشر، وبعدها تتحول إلى وحش مدمر.
- وبالنسبة للألبوم ككل، متى سيكون جاهزاً للطرح في الأسواق؟ ومِمَ يتألف؟ وما هي المواضيع التي يتناولها؟
الألبوم أصبح جاهزاً تقريباً، ومن المفترض أن يتم الإفراج عنه مع بداية العام المقبل، ولكن قد يتم تأخير طرحه حتى الشهر الثالث من سنة 2017 كحد أقصى، بسبب عدم تعاقدي مع شركة منتجة، ولأني أبحث الآن عن شركة تتكفل بعمليات التوزيع. والألبوم يتألف من 15 مقطعاً موسيقياً، بعضها أغان، وبعضها فواصل موسيقية مهمتها الدمج بين الأغاني الرئيسية. ولكن من الممكن أن أضيف إلى المجموعة أغنية واحدة حتى موعد طرح الألبوم. وأريد أن ألفت إلى أن الألبوم الجديد على عكس الألبوم السابق، ليس سياسياً، وليس موجهاً لمن أحب الأغاني السياسية التي قدمتها سابقاً، وإنما سيكون العمل الجديد مركزاً على جمالية الموسيقى أكثر، وسيكون موجهاً لعشاق الهيب هوب بوجه خاص. واخترت للألبوم هذا الشكل لأني لا أرغب بأن أنمّط بفكرة سياسية بالنسبة للجمهور، ولذلك ستقول شخصية "بعبع" في إحدى الأغنيات "اللي سمعني بس كرمال عيون سورية، يبطل"، فأنا أرغب بالتوجه لعشاق الموسيقى بشكل عام، وعشاق موسيقى "الهيب هوب" بشكل خاص، وليس لروّاد السياسة.
هناك عدة أشكال للإنتاج، من بينها "الإنتاج من الصفر"، والتي يبدأ بها العمل الفني من اللاشيء، وهناك أيضاً طريقة "السامبل"، والتي أتبعها في أغلب الأحيان، إذ أعود لأغاني قديمة من السبعينيات أو الثمانينيات، وأعيد العمل عليها لتبدو غريبة عن الأصل، وهناك العديد من الأنواع الأخرى للإنتاج التي لا ألجأ إليها.
وبالنسبة للمؤسسات الثقافية، فالدعم منها معدوم، لأن الأغاني التي أقدمها ليست مناسبة لتذاع على الراديو، وليست مناسبة أيضاً لتمثّل مؤسسة ثقافية. وإذا أردت الحصول على الدعم من هذه المؤسسات، سأضطر للتخلي عن الكثير من الأشياء المتعلقة بالمحتوى الفني، والتي يؤدي غيابها لتلاشي هويتي الفنية، وسيبعدني عن مصداقيتي التي لا أجد نفسي مستعداً للتخلي عنها مقابل الحصول على الدعم المادي. فالعمل مع المؤسسات الثقافية العربية لا يستهويني، لأن هذه المؤسسات مربوطة بثقافة العيب، ومسيسة بشكل يحتم على الفنان التطابق الفكري مع الجهة الممولة، وتفرض الكثير من الخطوط الحمراء التي تحد من إبداع الفنانين، ولهذه الأسباب وغيرها، أفضل أن أبقى فناناً مستقلاً.
- هل تقصد برفضك للمعايير السائدة في المؤسسات الثقافية، أنك تملك معايير مغايرة للعمل الفني؟
فعلياً، أنا أرفض التسليم بوجود أي معايير، ولذلك أفضل أن أبقى مستقلاً، لأن وجود الثوابت التي تفرضها أي مؤسسة لا يناسب شخصيتي الفنية، ولكن لهذا الأمر آثار سلبية، فأنا فعلياً لا أستطيع أن أتخذ من الفن كمهنة ثابتة ووحيدة، ففي أغلب الأحيان لا تكفيني مدخولات منتجاتي الفنية والحفلات للتعيش منها.
- إن من يتابع أغاني "الراب" في المنطقة، سيلاحظ ظاهرة فنية قد تكون الأولى من نوعها، فمغنو "الراب" يقومون بدعم بعضهم بعضاً، لماذا تقومون بذلك؟ وما السر وراء تكتل مغنّي "الراب"؟
في الحقيقة، أنا أشعر بأننا نحن، مغنّي الراب، مجتمع واحد، يشبه لحد بعيد مجموعة من المساجين الذي تضعهم في زنزانة واحدة، فيتسبب ذلك بنشوء علاقة بينهم، وهذا الدعم هو نتيجة لهذه العلاقة. إن ما يجمعنا فعلياً هو رفض شركات الإنتاج والمؤسسات الثقافية لنا، وهذا الرفض جعلنا نعيش ظروفا متشابهة لحد بعيد، تجعلنا أكثر قدرة على فهم بعضنا بعضاً، ومن ناحية أخرى فإن جمهورنا واحد، وعشاق الراب والهيب هوب هم أنفسهم في الوطن العربي، ومن يتابع أعمالي يتابع أعمال أغلب مغنّي الراب العربي الذين يشتركون معي بالنزوع إلى الاستقلالية والتعبير عما هو حقيقي بلغة الشارع، من دون تنميق المؤسسات التي تفضل عادةً المنتجات الفنية المسيسة أو الرمادية التي تراعي التابوهات.