أثناء الحديث عن Pink، لا بد من أن نذكر دائماً بأنها ليست نجمة "بوب" نمطية، ولا يعود السبب في ذلك إلى اجتهاداتها المستمرة بإنتاج أغان متنوعة بأنماط موسيقية متعددة، مثل البوب والبوب روك والآر آند بي، التي تستخدمها بمرونة وفقاً لما يتناسب مع الحالة الشعورية في كل أغنية على حدة؛ بل إن السبب يتعلق -قبل كل شيء- بشخصية Pink غير التقليدية، التي تكسر كل الصور والمفاهيم النمطية عن نجمات البوب، فصوتها العريض والخشن وصورتها الحازمة وجسدها المليء بالوشوم وإصرارها على الخروج عن قوالب الأنوثة المعلبة التي تلتزم بها نجمات البوب، تلك الأمور التي تميزها منذ أن بدأت مسيرتها قبل 19 عاماً. وخلال هذه المدة أنتجت، Pink ثمانية ألبومات موسيقية، وتمكنت من تحقيق العديد من الجوائز الهامة، أبرزها جائزتا "غرامي"، "بيلبورد".
بالنسبة للألبوم الجديد الذي تقدمه Pink بعد أن وصلت لعامها الأربعين، فإن الثيمة العاطفية هي المسيطرة عليه، كما هو الحال في معظم أغاني البوب، ولكن الألبوم يتميز بنوع خاص من الأغاني العاطفية، يمكن وصفها بأنها واقعية أو حقيقية؛ إذ أن Pink لا تتغنى بعاطفة مثالية تنتمي لعوالم فائقة يكون فيها كل شيء مكتملا، بل تتغنى بالعلاقات العاطفية الحقيقية، التي تتضمن تفاصيل الحياة اليومية بجمالها وقبحها؛ فتسأل في أغنية "Love Me Anyway": "حتى لو رأيت ندوبي ولو كسرت قلبك... هل ستحبني على أية حال؟". وفي أغنية "Miss You Sometime"، تستخدم لغة بسيطة وأسماء علامات تجارية أثناء شرحها لمفهوم الحب.
تتجاوز Pink حدود الواقعية في أغنية "Happy"، التي تبدو وكأنها توثق علاقتها الخاصة بجسدها وزوجها السابق وأطفالها. وعلى الرغم من ذلك، فإن الألبوم عموماً، وأغنية "Happy" خصوصاً، لا تفتقد للشعرية، فتبدأ الأغنية بهذه الكلمات: "منذ أن كنت في السابعة عشرة من عمري، كرهت جسدي. شعرت أنه يكرهني". من الجملة الأولى، تتمكن من مزج الشعرية بالواقعية من خلال حديثها الجريء عن علاقتها بجسدها.
من الأمور المميزة في الألبوم أيضاً، أن Pink تتمكن من رصد مشاعر تلائم أبناء جيلها، أي الجيل الذي عاش مراهقته وعلاقاته العاطفية الأولى قبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي ودخل دوامة العالم التقني بعد تجارب جميلة سبقته، أتاحت له المجال للمقارنة بين نمطين مختلفين من الحياة، وهو الأمر الذي يبدو واضحاً بأغنية "Can We Pretend" التي يشاركها بها Cash Cash: "أتذكُر المحادثات؟ كنا نرقص على الطاولات ونلتقط الصور قبل أن يكون لدينا مكان لنشرها".
وعلى الرغم من أن الألبوم يبدأ بأغان صاخبة ومتفائلة، ولكنه ينتهي بأغان حزينة وكئيبة، تعبر عن مخاوف Pink وهواجسها في سن الأربعين. يبدو ذلك واضحاً في أغنية "Circle Game"، التي تتحدث فيها عن محافظتها على مشاعرها الطفولية رغم إدراكها ووعيها الكامل بأنه بات عليها أن تلعب دور الأم، لتلخص من خلال حديثها عن مثال واحد علاقة الإنسان الغريبة والصعبة مع الزمن.
فتتحدث بالأغنية عن استمرار مخاوفها من ظهور الوحوش في خزانة الملابس منذ أن كانت طفلة، وتؤكد أن الزمن لا يسمح لها بهذه الرفاهية، لكونها أما وعليها أن تلعب دوراً مختلفاً.