لم يقف عمر فاضل عند حد في حلمه، بدأ عازفاً للكمان، وأكمل مسيرة أبيه؛ العواد العراقي الأشهر، محمد فاضل في صناعة العود، حتى زاد في انتشار الاسم وحافظ على مهنيته، طلب منه أن يصنع قيثارة تقدم كهدية، ومن هنا اشتعلت الفكرة.
يقول عمر محمد فاضل، أحد أبرز المهتمين بصناعة القيثارة السومرية بشكلها المعروف والتي عثر عليها في أحد المعابد السومرية جنوب العراق، لـ"العربي الجديد"، إن القيثارة أصل كل موسيقى في العالم، وفيها أوتار تحاكي الروح في خلوتها أو في اجتماعها مع الآخرين.
يضيف "يعود اكتشافها إلى 2500 ق.م؛ أي ما يزيد عن 4000 عام. ويعد الاكتشاف الأول لها في العراق متمثلاً بعمق الحضارات الإنسانية". يوضح: "حرصت على استخدام نفس المواد التي اعتمدها السومريون في صنع القيثارة، وبعد البحث وصلت إلى عين في مدينة هيت للقير ومنها بنى العراقيون الزقورة والجنائن المعلقة والحضارات الأولى باستخدام القير من هذه العين، فاستعملته أنا أيضاً في بناء وتركيب القيثارة السومرية، وكذلك استخدمت بعض الأحجار في تزيينها كاللازورد والأحجار الكريمة".
تقنياً، يوضح لنا فاضل: "بما أنهم وجدوا أن الآلة مكونة من 11 وتراً، فبالتأكيد هناك سلم موسيقي وتسلسل، ومن خلال ذلك كونت الفكرة عن كيفية استخدام السلم الموسيقي للقيثارة السومرية". يضيف: "تتكون القيثارة من ذراعين اثنين متقابلين يعتليهما وتد، وعلى الوتد تنتشر المفاتيح، فعمدت إلى صنع المفتاح بحروف سومرية".
يقول: "اخترت 11 وتراً للقيثارة وجعلتها قريبة للحنجرة الصوتية حيث بدأت من الفا (فا صول لا سي دو ري مي فا صول لا سي)؛ يعني أوكتاف ونصف، وصنعت قيثارة أخرى بدأت من سي، كي أنجز قيثارة "التو وسيبرانو وباص".
استطاع الغرب ان يطور القيثارة السومرية وينجز آلة اسمها الهارب تتكوّن من 72 وتراً، وحالياً تشترك آلة الهارب في السمفونيات؛ فالغرب أخذ المفيد من الحضارة السومرية واستفاد منه كموسيقى ولم يعتمد شكل القيثارة بل فكرتها، ومنذ أكثر من ألف عام يعتبر الهارب من أهم الآلات الأوروبية ومعتمد على 72 وتراً، وهي فكرة مأخوذة من القيثارة السومرية، حتى آلة البيانو كذلك فكرتها مستنسخة من القيثارة السومرية، فالبيانو عبارة عن قيثارة مقلوبة وعليها منظومة مطارق تضرب على الأوتار.
ولذلك عمد فاضل على أن يظهر القيثارة بشكلها المتعارف عليه من دون تغيير في أصل شكلها ومضمونها. يقول: "وفي عام 1990 صنعت أول قيثارة سومرية ولكن بحجم مختلف عما تشاهدونه اليوم؛ إذ توصلت عبر البحث إلى المسافات الحقيقية". يضيف: "شاركت في العديد من المعارض بقيثارتي السومرية ونلت جوائز، واليوم أقوم بإعداد فرقة تعزف على القيثارة السومرية. يصعب علينا اليوم أن نصنع قيثارة سومرية برأس ذهب كما كانت وأحجار نادرة، فاستعنت بالبدائل الأقل تكلفة، لكن في حال توفر الإمكانية فيمكننا صنعها".