لم يكتفِ الأمن العام اللبنانيّ باتخاذ إجراءات بحقّ اللاجئين السوريين والفلسطينيين، وبحقّ العمّال والعاملات الأجانب في لبنان. بالأمس اتخذ إجراءً من نوع آخر بحقّ اللبنانيين. المخرج والكاتب لوسيان بورجيلي هو الهدف هذه المرّة. بعد أن تقدّم الأخير بطلب تجديد جواز سفره، وفي الوقت المحدد لاستلامه، تبلّغ بأنّ "جواز سفره لم يحضر ولن يحضر".
قدّم بورجيلي طلب تجديد جوازه ليتمكّن من السفر إلى بريطانيا، وذلك لتمثيل لبنان في مهرجان "the lift festival" ليُقدّم مسرحيّة بعنوان "the vanishing state" والتي تتحدّث عن اتفاقية سايكس بيكو. يروي بورجيلي لـ"العربي الجديد" ما حصل معه في الأمن العام، والغضب واضح على وجهه. يقول: "لم يقل العنصر سبب عدم تسلّمي جواز سفري، وأنا قد قدّمتُ طلباً مستعجلاً. طلب منّي فقط أن أتذكّر ما فعلتُ في العام 2013". وكان بورجيلي قد كتب وأخرج مسرحيّة بعنوان "بتقطع أو ما بتقطع". وأحدث العمل المسرحي ضجة واسعة العام الماضي. ليس فقط لأنّ العمل يتناول جزءاً من مهام المديريّة العامة للأمن العام اللبناني، أي الرقابة على الأعمال الفنيّة وغيرها، إنّما أيضاً لأنّ الأخير منع المسرحية من العرض. لم يستلم بورجيلي أيّ كتابٍ أو ردّ يُعلمه بالمنع أو سببه، إنّما تلقّى فقط عدم اكتراث. ويدلّ عدم الردّ لأكثر من أربعة أشهر في لبنان على رفض العمل.
ليس جديداً على الأمن العام حجز جوازات سفر الأشخاص الذين يتحدّثون عن الرقابة والفساد، أو حتّى ينتقدون إجراءاته، والمماطلة قبل إعادة تسليم الجوازات. فقد تمّ حجز جوازات سفر عدد من الصحافيين والمدونين اللبنانيين والسوريين، كان منهم سمير قصير، الذي اغتيل في يونيو/حزيران من العام 2005. بعد اغتياله، نال قصير جائزة حريّة التعبير مع "index and censorship". وقد رُشّح بورجيلي لنفس الجائزة أيضاً.
لم يُصدر الأمن العام اللبنانيّ تعليقاً على الموضوع الذي تحوّل سجالاً إعلامياً وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. لكن "شبكة مهارات"، والتي تُعنى بحقوق الإعلام والحريّات الإلكترونيّة، نقلت عن مديرية الإعلام في الأمن العام قولها إنّ "الموضوع إداريّ وروتينيّ، وعلى بورجيلي الانتظار لأنّ طلبه قُدّم قبل 24 ساعة فقط"، معتبرةً أنّ "الموضوع يندرج في إطار الأمور الشخصيّة والإداريّة". وقد حاول "العربي الجديد" الاتصال بالمسؤول الإعلامي في الأمن العام لكنه لم يرد على الاتصال.
من جهته، يعرب بورجيلي عن انزعاجه من حجز جوازه، ويقول: "نجحوا في إزعاجي. لقد حجزوا حُريّتي". ويسأل: "أيّ بلد يحجز حريّة الأشخاص فيه؟ هذا انتهاك لحريّتي بالتحرّك والتنقّل". يعتبر بورجيلي أنّه يجب محاسبة من قام بحجز جواز سفره من دون سبب. ويقول: "ما حصل معي يدلّ على أن الكلام ممنوع في هذا البلد".
يسأل بورجيلي عن "حدود صلاحيّات الأمن العام". ويضيف: "ليس لدينا سلطة. كمواطنين وإعلاميين ونشطاء، ليس لدينا سلطة. السلطة بيدهم، وهم من يحرّكوننا".