عراقيون يتصدون لمعاناة الموصل بحملة إعلامية

بغداد

كرم سعدي

avata
كرم سعدي
07 مارس 2017
405EF5EA-9F19-4B74-B539-1155EBC974CA
+ الخط -
حفاة، أتعبهم طول الطريق. رجال كبار في السن وشباب ونساء وأطفال، ساروا في طرق موحلة والسماء تنزل بصَبِّها على أجسامهم، فيما الجوع اعتصر بطونهم... كان همُّهم النجاة بأرواحهم، فمدينتهم الموصل لم تعد سوى ساحة لحرب طاحنة.

المعلومات التي ترد من الموصل (شمالي العراق)، تفيد باستمرار تقدم القوات العراقية في الجانب الأيمن منها، حيث لم يتبق مركزٌ لوجود "داعش" في المدينة التي اتخذها التنظيم عاصمة لما أسماها "الدولة الإسلامية" منذ سيطر عليها في يونيو/ حزيران 2014.


وتفيد المعلومات أيضاً باستمرار المعارك، فيما تحيط القوات العراقية بعناصر التنظيم في هذا المكان من جميع الجهات، فضلاً عن هجمات جوية وصاروخية تواصل دك مواقع في المدينة، يفترض أنها تستهدف عناصر التنظيم.


لكن سكان الموصل الهاربين من جحيم المعارك، أكدوا أن تلك الهجمات الجوية والصاروخية توقع قتلى بين المدنيين، حيث يتحصن عناصر التنظيم بين السكان.

وفي أثناء مساعدته الهاربين وتقديم العون بحسب مستطاعه، لم ينجح حسن الشمري، المقاتل في صفوف القوات العراقية، في حبس دموعه، وهو يحاول تهدئة طفلة أصابها الهلع. فقد فقدت والدها وشقيقها في القصف، وهربت مع أمها وأقاربها تحت جنح الظلام، وساروا لمسافات طويلة حتى يصلوا إلى خارج المناطق التي تدور فيها رحى المعارك.



يقول الشمري لـ"العربي الجديد": "لقد شاهدت الكثير من المصائب لكن ما يحدث مع الموصلين أمر آخر".


وأضاف: "رأيت أطفالاً ونساءً وشيوخاً مسنين، تسيل من أرجلهم الدماء من جراء المسير حفاة. بعضهم شقت أقدامهم بقطعة حديد أو زجاج، فهم يسيرون تحت المطر، وفي طرق ترابية، وبعضهم هربوا من بيوتهم حفاة، وآخرون تمزقت أحذيتهم في خلال المسير".


ونزح أكثر من 40 ألف شخص خلال الأسبوع الماضي من المدينة مع اشتداد المعارك في الجانب الأيمن، حيث تشن القوات العراقية منذ 19 فبراير/ شباط الماضي، عملية عسكرية لاستعادة السيطرة عليه، بعد أن أعلنت، في 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، استعادة الجانب الأيسر للمدينة.

وفي هذا الإطار، دشّن ناشطون عراقيون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لمساعدة النازحين، وسعياً لإنقاذ الآلاف من المواطنين المحصورين في المدينة، فضلاً عن الجرحى الموجودين داخلها، بينهم من ما زالوا يئنون تحت أنقاض البنايات التي تعرضت للقصف.


صور كثيرة للهاربين من أهالي الموصل، تحكي قصص المعاناة والألم، من بين أبرزها صورة رجل يحمله طفلته وكانا يبكيان؛ ليتوضح أنه لم يتبق له من عائلته سوى هذه الطفلة؛ فالجميع قتلوا في القصف.


الناشطون العراقيون أطلقوا حملة عبر وسم "#الموصل_مدينة_منكوبة" و"#اكرموا_الموصل"  شهدت تفاعلاً من ناشطين بينهم ناشطون عرب.

إذ وصف الناشط السوري هارون الزير، أن ما يجري على أهل الموصل، ذاته الذي جرى على أبناء وطنه، فيما علقت امرأة جزائرية، معبرة عن ألمها وهي تنشر برفقة تعليقها صور رجلين يبكيان "عندما يبكي الرجال فاعلم أن الهموم فاقت الجبال".

رابطة الإعلاميين العراقيين في الخارج، وهي الجهة الراعية للحملة الإعلامية لدعم أهل الموصل، أكدت على أهمية الوقوف مع سكان الموصل، وهو ما ألجأهم إلى إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتسليط الضوء على معاناة أبرياء الموصل وكارثة الإهمال الإنساني وغياب الخطط المدنية التي يجب أن تكون موازية للخطط العسكرية، وفقاً لرئيس الرابطة محمود محمد القيسي.

وأضاف رئيس رابطة الإعلاميين العراقيين في الخارج، لـ"العربي الجديد" أنه "برغم كل التقارير الدولية المعنية بحقوق الإنسان، حين حذرت مبكراً من موجات نزوح كبيرة؛ هرباً من جحيم معارك الموصل، إلا أن واقع أولئك المدنيين في غاية السوء، كما أظهرته الصور والتقارير الإعلامية".


ونسب القيسي سبب الواقع السيئ المحيط بأهالي الموصل إلى "الإهمال الحكومي المحلي والمركزي، وممثلي المحافظة اتحادياً ومحلياً، وترك النازحين يواجهون مصيرهم بغياب خطة مدنية توازي خطة تحرير المدينة من داعش".

وأشار القيسي إلى أنه "منذ أن وطئت أقدام داعش أرضنا ومع كل حملة عسكرية تُعلن عنها حكومة بغداد، نسارع نحن الإعلاميين والناشطين في تشكيل حملة نهيب فيها بالحكومة والجيش ومليشيات الحشد والبيشمركة أن يكونوا رحماء بالمواطنين المستضعفين، وننبه على شح التجهيزات الإنسانية والاستعدادات الطبية لاستقبال الفارين من جحيم الحرب، ونناشد المنظمات الحقوقية والإنسانية أن تكون على أهبة الاستعداد لتسجيل كل الخروقات وفضحها؛ لعلها تساهم في التقليل منها وإيقاف نزيف الدم العراقي".


لكن كل هذه التحضيرات والتحذيرات والمناشدات تذهب أدراج الرياح، ويتم تجاهلها من قبل حكومة بغداد، بحسب تأكيد القيسي، موضحاً "فلا نجد نحن المتابعين وأولئك الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ متعاوناً إلا سماءً غاضبة، وأرضاً تعيق سير الآلاف منهم" موجهاً نداءه إلى "كل شخص أن يساهم في إغاثتهم طالما حكومتنا لم تكن بقدر المسؤولية".

وكانت وتيرة النزوح في الأيام القليلة الماضية، تسارعت مع اقتراب القتال من المناطق الأكثر كثافة سكانية في جانب الموصل الأيمن، وعبرت وكالات إغاثة عن مخاوفها من أن مخيمات النازحين أصبحت شبه ممتلئة.


وأظهر مؤشر المنظمة الدولية للهجرة لتتبع النزوح من الموصل أن عدد المشردين منذ بدء العملية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تجاوز 206 آلاف، حتى الأحد 5 مارس/ أذار الجاري، بعدما كان 164 ألفاً في 26 فبراير/شباط الماضي.

ذات صلة

الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
لبناني يقرأ رسالة تلقاها على هاتفه لضرورة إخلاء "مناطق وجود حزب الله" (Getty)

منوعات

منذ الساعات الأولى لصباح الاثنين، وبالتزامن مع تصعيد أقرب للحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، بدأ انتشار الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي
المساهمون