11 نوفمبر 2024
حلب في اتحاد الأدباء العرب
كان الظنّ أن اتحاد الكتاب العرب (في سورية) يمثّل المنتسبين إليه فحسب، لكن مستجداً طرأ، أخيراً، فاجأنا بأنه ينطق، أيضاً، باسم الشعب السوري، كله، فالبيان الذي أصدره، قبل أيام، رئيس هذا الاتحاد، نضال الصالح، طالب الأمانة العام لاتحاد الكتاب والأدباء العرب بسحب بيانها الذي تعاطفَ مع الضحايا في حلب، فوراً، و"الاعتذار من الشعب السوري". والظاهر أن غضب الأجهزة السورية إيّاها من بيان الأمين العام، الشاعر الإماراتي حبيب الصايغ، هو ما دفع الصالح إلى الجهر بزعله وانفعالِه الثقيليْن، بل والمزاودة أيضاً على رؤسائه في هذه الأجهزة، وإلا فإن أرطالاً من الدهشة تُباغت من يقرأ "توجيه أشدّ عبارات الاستنكار والاستهجان" لما ورد في بيان الصايغ، بالنظر إلى أن هذا البيان خلا تماماً من تعيين أي مسؤوليةٍ على نظام الأسد ومليشياته وحلفائه وجيشه في جريمة القتل والتهديم التي استهدفت ناس حلب وأسواقها ومستشفياتها أخيراً. بل إنه استحقّ السخرية التي لوحق بها، عندما آثر التعمية على هذه المسؤولية، وذهب إلى منحىً ملائكيّ النّبرة، في قوله إن (الصراع!) في حلب "لا يُراعي حرمة الدم، ولا حقّ المدنيين العزّل في حياةٍ آمنة"، وحين اكتفى برفض "كل الأعمال التي تتنافى وحق الإنسان في الأمن، وفي العيش الكريم".
كان على الأمين العام، حبيب الصايغ، أن يسترشد بقاموس جيش الأسد، ومعجم وكالة الأنباء السورية (انفردت بنشر بيان نضال الصالح)، فيتحدّث بيانُه (المستهجن في مقالةٍ سابقةٍ لصاحب هذه الكلمات، 7/5/2016) عن إرهابيين يقتلون المدنيين في حلب، فيتصدّى لهم الجيش السوري المغوار. هذا هو منطوق بيان الصالح، والذي يفيدنا بأن حلب تعرّضت "لوابلٍ من قذائف الحقد والجنون والرعونة والطيش، مستهدفةً المدنيين وبيوتهم ومساجدهم وكنائسهم"، ويفيدنا بأنه كان الأدْعى من الصايغ أن يعود إلى الصالح نفسه (بصفته مساعد الأمين العام)، وإلى اتحاد الكتاب العرب (هذا هو اسم الاتحاد السوري)، "لمعرفة ما يجري في سورية حقاً، لا زيفاً ولا تشويهاً". ويرمي بيانُ الصالح بيانَ زميله الصايغ بأنّ ثمّة إرادة سياسية وراءه، "لا تكتفي بتشويه الحقائق وتزييفها، بل تتجاوز ذلك إلى الإمعان في إراقة الدم السوري".
لم يحتمل اتحاد نضال الصالح، الملتحق بسلطة القتل الحاكمة في دمشق، بياناً بائساً خجولاً، يكتفي بتعاطفٍ عائم، مع مدنيين يسقطون ضحايا ما سمّاه صراعاً يجري في حلب. وبذلك، يجوز اعتبار هذا الاتحاد شريكاً مع جلاوزة النظام الذي يتبَعُه، في خنق سورية وتهديمها، وفي تعذيب مختطفين وأسرى، بلا عددٍ، يحتجزهم الأخير في سجونه وأقبيته. وبدلاً من التلويح بمعاقبة الاتحاد الصغير هذا، بادر الأمين العام، حبيب الصايغ، إلى إصدار بيانٍ آخر، يعقّب فيه على الاتهامات الثقيلة التي رماه بها (مساعده!) الصالح، وعمد إلى شرح موقفه، المعلن مسبقاً، عدم التأشير إلى أي مسؤوليةٍ على أي أحدٍ بشأن الجاري في سورية، فالأمانة العامة "ليست طرفاً في المعادلة الداخلية السورية". وكان المأمول أن يجد الصايغ في سلوك الصالح، الفوقي البوليسي، مناسبةً لإعلان موقفٍ، شديد الوضوح، يُساند شعب سورية في تطلعاته وأشواقه للتحرّر من نظام الاستبداد، وفي تطهير البلاد من عصابات الإرهاب الأسود، لا سيّما وأن الصايغ رفض تصوير الأمانة العامة بأنها ضد الشعب السوري. كان هذا هو المأمول من الشاعر المعروف، غير أنه آثر الطلب من زميله السوري أن يعيد قراءة البيان الأسبق جيداً "بعيداً عن أيِّ انفعالٍ آني، أو موقفٍ سياسي مسبق". وأغلب الظن أن الاستجابة لهذا الطلب المزحة مستبعدة، تماماً كما هو بعيدٌ عن أفهام أذرع السلطة الحاكمة في دمشق ما نوّه إليه الصايغ في بيانِه المستجدّ عن "احترام الاختلاف في فضاء الحرية الإيجابي".
.. مختتم القول، يحسن الطلب، هنا، من الصالح والصايغ، وزملائهما في الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، المسروق لصالح الثورات المضادّة في العالم العربي، ألا يُشغلوا أنفسهم بأهل حلب المكلومين، فهم ليسوا معنيين بمطالعة بيانات هؤلاء وحردهم من بعضهم.
كان على الأمين العام، حبيب الصايغ، أن يسترشد بقاموس جيش الأسد، ومعجم وكالة الأنباء السورية (انفردت بنشر بيان نضال الصالح)، فيتحدّث بيانُه (المستهجن في مقالةٍ سابقةٍ لصاحب هذه الكلمات، 7/5/2016) عن إرهابيين يقتلون المدنيين في حلب، فيتصدّى لهم الجيش السوري المغوار. هذا هو منطوق بيان الصالح، والذي يفيدنا بأن حلب تعرّضت "لوابلٍ من قذائف الحقد والجنون والرعونة والطيش، مستهدفةً المدنيين وبيوتهم ومساجدهم وكنائسهم"، ويفيدنا بأنه كان الأدْعى من الصايغ أن يعود إلى الصالح نفسه (بصفته مساعد الأمين العام)، وإلى اتحاد الكتاب العرب (هذا هو اسم الاتحاد السوري)، "لمعرفة ما يجري في سورية حقاً، لا زيفاً ولا تشويهاً". ويرمي بيانُ الصالح بيانَ زميله الصايغ بأنّ ثمّة إرادة سياسية وراءه، "لا تكتفي بتشويه الحقائق وتزييفها، بل تتجاوز ذلك إلى الإمعان في إراقة الدم السوري".
لم يحتمل اتحاد نضال الصالح، الملتحق بسلطة القتل الحاكمة في دمشق، بياناً بائساً خجولاً، يكتفي بتعاطفٍ عائم، مع مدنيين يسقطون ضحايا ما سمّاه صراعاً يجري في حلب. وبذلك، يجوز اعتبار هذا الاتحاد شريكاً مع جلاوزة النظام الذي يتبَعُه، في خنق سورية وتهديمها، وفي تعذيب مختطفين وأسرى، بلا عددٍ، يحتجزهم الأخير في سجونه وأقبيته. وبدلاً من التلويح بمعاقبة الاتحاد الصغير هذا، بادر الأمين العام، حبيب الصايغ، إلى إصدار بيانٍ آخر، يعقّب فيه على الاتهامات الثقيلة التي رماه بها (مساعده!) الصالح، وعمد إلى شرح موقفه، المعلن مسبقاً، عدم التأشير إلى أي مسؤوليةٍ على أي أحدٍ بشأن الجاري في سورية، فالأمانة العامة "ليست طرفاً في المعادلة الداخلية السورية". وكان المأمول أن يجد الصايغ في سلوك الصالح، الفوقي البوليسي، مناسبةً لإعلان موقفٍ، شديد الوضوح، يُساند شعب سورية في تطلعاته وأشواقه للتحرّر من نظام الاستبداد، وفي تطهير البلاد من عصابات الإرهاب الأسود، لا سيّما وأن الصايغ رفض تصوير الأمانة العامة بأنها ضد الشعب السوري. كان هذا هو المأمول من الشاعر المعروف، غير أنه آثر الطلب من زميله السوري أن يعيد قراءة البيان الأسبق جيداً "بعيداً عن أيِّ انفعالٍ آني، أو موقفٍ سياسي مسبق". وأغلب الظن أن الاستجابة لهذا الطلب المزحة مستبعدة، تماماً كما هو بعيدٌ عن أفهام أذرع السلطة الحاكمة في دمشق ما نوّه إليه الصايغ في بيانِه المستجدّ عن "احترام الاختلاف في فضاء الحرية الإيجابي".
.. مختتم القول، يحسن الطلب، هنا، من الصالح والصايغ، وزملائهما في الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، المسروق لصالح الثورات المضادّة في العالم العربي، ألا يُشغلوا أنفسهم بأهل حلب المكلومين، فهم ليسوا معنيين بمطالعة بيانات هؤلاء وحردهم من بعضهم.