15 نوفمبر 2024
عن سمير القنطار
عندما سمع الحكم عليه في محكمةٍ إسرائيلية بالسجن 542 سنة وستة أشهر، في العام 1980، سأل سمير القنطار القاضي الذي نطق بالحكم عن سبب الشهور الستة، في سخريةٍ ظاهرةٍ، زاد عليها قوله إن إسرائيل لن تدوم خمسمائة عام. تُستدعى إلى البال تلك الواقعة مع تواتر تفاصيل مقتل هذا المناضل اللبناني السابق في غارة إسرائيلية عدوانية على بنايةٍ في ريف دمشق، الليلة قبل الماضية، كان يرابط فيها، فيما يتولى مسؤوليات عسكرية ميدانية منذ شهور في حرب النظام السوري المعلومة ضد الشعب والثورة. وتستنفر الجريمة الإسرائيلية سؤالاً عن السبب الذي يدفع القنطار (مواليد 1962)، إلى أن يصير واحداً من شبيحة بشار الأسد، وينقطع إلى القتال ضد أشواق السوريين بالتخلّص من نظام الاستبداد والقتل، بعد أن كان من أيقونات الحالمين العرب بالتحرّر، في سنوات احتجازه أسيراً في سجون العدو الصهيوني، والتي طالت 29 عاماً، وانتهت بعد عملية تبادل بين حزب الله وإسرائيل، مشهورة التفاصيل في 2008. وفي البال أنه قال، مرّة، إنه، كمواطن عربي، قضيته المركزية فلسطين، وجد من واجبه أن يقوم بالعملية الفدائية التي قادها في إبريل/ نيسان 1979، في نهاريا، وقتل فيها أفراد أسرة إسرائيلية.
أما وأن خِسّة العصابة الحاكمة في تل أبيب مؤكّدة، حين تُقدِم على قتل أسير محرّر، في عدوان صاروخي، مطمئنٍ إلى وداعة مضادات الدفاع الجوية السورية والروسية، فليس هذا الأمر الذي يستحق إنفاق الوقت في التملّي فيه، بل هي قصة سمير القنطار نفسه التي اكتملت في هذا العدوان الذي أكمل رواية القنطار عن نفسه في كتابه "قصتي" (تحرير حسان الزين، دار الساقي، بيروت، 2011)، والذي تتعرّف، في صفحاته التي تزيد عن الخمسمائة، على شخص هذا الفدائي، فيغشاك إعجاب مستحقٌ بجسارته، وتُصادف في الكتاب تأملات ذهنية وفكرية ومرويات شائقة، وإن كنت تتمنى أن تطالع فيه عن أحلام سمير القنطار وهواجسه ومخاوفه وأشواقه ومتاعبه، إبّان كان يغالب ظلمة السجون والزنازين والعسف، وهو الذي توعّده مناحيم بيغن بأن يذوق عذاباً مميتاً لا يعرفه الشيطان، بعد أسره عقب العملية الفدائية التي لم يكن القنطار يكترث باتهامه أنه قتل طفلةً فيها، ففي عُرفه "لا مدنيين في إسرائيل"، على ما قال في واحدةٍ من مقابلاتٍ تلفزيونية، أُجريت معه بعد الإفراج عنه، وأفرط فيها بالحديث عن أولوية الأولويات، أي مقاومة إسرائيل التي أَنذرها بالرجوع إليها، وظل ينعتها دولة "هشة وضعيفة".
لم يكن مطلوباً من سمير القنطار أن يعود إلى فلسطين مقاوماً وفدائياً، وإنما أن لا يبتذل حاله إلى حدٍ مؤسف، عندما استنزف رصيده وصورته، في انحيازه السافر إلى استهداف السوريين وثورتهم في بلدهم. وكان في وسعه أن يغلّب الحكمة، ويُؤثر دور الناصح للنظام الذي يواليه، ويظنه ممانعاً عن حق، فيعمل على كف أذى هذا النظام ضد الشعب المستضعف، بالصواريخ والبراميل المتفجرة وغاز السارين، ما تسبب بتدمير سورية وتقوية شياطين الإرهاب وخفافيشه. ومن المخزي أن لا يكون في وسع النظام المذكور أن يحمي بلده من الاستباحة التي تستسهلها إسرائيل أنّى شاءت، إنْ إرادت قتل عماد مغنية أو ضرب منشأة في دير الزور، أو تحليق طيرانها فوق قصر الأسد، أمثلة لا غير. يتسلّح هذا النظام الذي والاه سمير القنطار بصواريخ روسية متطورة، ويجيز للمقاتلات الروسية أن تقتل مئات السوريين كما تشاء في الأرياف والمدن والبلدات، ثم يعجز عن حماية أتباعه من طراز سمير القنطار الذي توهّم أنه يدافع عن سورية، عندما يشارك في جرائم استهداف من يتوقون من ناسها إلى الخلاص من نظامٍ لا شطط في نعته بأنه نظام احتلال حاكمٍ بقوة القهر، وأضعف من ذبابة أمام إهاناته الإسرائيلية المعتادة. لم يكن القنطار يُكابر عندما انخرط في جرائم النظام المهان فقط، وإنما كان ينتحر، ويذبح نفسه بنفسه، وإنْ قضى في انتقامٍ إسرائيلي رخيص.. ومدان طبعاً.
أما وأن خِسّة العصابة الحاكمة في تل أبيب مؤكّدة، حين تُقدِم على قتل أسير محرّر، في عدوان صاروخي، مطمئنٍ إلى وداعة مضادات الدفاع الجوية السورية والروسية، فليس هذا الأمر الذي يستحق إنفاق الوقت في التملّي فيه، بل هي قصة سمير القنطار نفسه التي اكتملت في هذا العدوان الذي أكمل رواية القنطار عن نفسه في كتابه "قصتي" (تحرير حسان الزين، دار الساقي، بيروت، 2011)، والذي تتعرّف، في صفحاته التي تزيد عن الخمسمائة، على شخص هذا الفدائي، فيغشاك إعجاب مستحقٌ بجسارته، وتُصادف في الكتاب تأملات ذهنية وفكرية ومرويات شائقة، وإن كنت تتمنى أن تطالع فيه عن أحلام سمير القنطار وهواجسه ومخاوفه وأشواقه ومتاعبه، إبّان كان يغالب ظلمة السجون والزنازين والعسف، وهو الذي توعّده مناحيم بيغن بأن يذوق عذاباً مميتاً لا يعرفه الشيطان، بعد أسره عقب العملية الفدائية التي لم يكن القنطار يكترث باتهامه أنه قتل طفلةً فيها، ففي عُرفه "لا مدنيين في إسرائيل"، على ما قال في واحدةٍ من مقابلاتٍ تلفزيونية، أُجريت معه بعد الإفراج عنه، وأفرط فيها بالحديث عن أولوية الأولويات، أي مقاومة إسرائيل التي أَنذرها بالرجوع إليها، وظل ينعتها دولة "هشة وضعيفة".
لم يكن مطلوباً من سمير القنطار أن يعود إلى فلسطين مقاوماً وفدائياً، وإنما أن لا يبتذل حاله إلى حدٍ مؤسف، عندما استنزف رصيده وصورته، في انحيازه السافر إلى استهداف السوريين وثورتهم في بلدهم. وكان في وسعه أن يغلّب الحكمة، ويُؤثر دور الناصح للنظام الذي يواليه، ويظنه ممانعاً عن حق، فيعمل على كف أذى هذا النظام ضد الشعب المستضعف، بالصواريخ والبراميل المتفجرة وغاز السارين، ما تسبب بتدمير سورية وتقوية شياطين الإرهاب وخفافيشه. ومن المخزي أن لا يكون في وسع النظام المذكور أن يحمي بلده من الاستباحة التي تستسهلها إسرائيل أنّى شاءت، إنْ إرادت قتل عماد مغنية أو ضرب منشأة في دير الزور، أو تحليق طيرانها فوق قصر الأسد، أمثلة لا غير. يتسلّح هذا النظام الذي والاه سمير القنطار بصواريخ روسية متطورة، ويجيز للمقاتلات الروسية أن تقتل مئات السوريين كما تشاء في الأرياف والمدن والبلدات، ثم يعجز عن حماية أتباعه من طراز سمير القنطار الذي توهّم أنه يدافع عن سورية، عندما يشارك في جرائم استهداف من يتوقون من ناسها إلى الخلاص من نظامٍ لا شطط في نعته بأنه نظام احتلال حاكمٍ بقوة القهر، وأضعف من ذبابة أمام إهاناته الإسرائيلية المعتادة. لم يكن القنطار يُكابر عندما انخرط في جرائم النظام المهان فقط، وإنما كان ينتحر، ويذبح نفسه بنفسه، وإنْ قضى في انتقامٍ إسرائيلي رخيص.. ومدان طبعاً.