19 أكتوبر 2019
الوجه الثالث للنظام السوري وداعش
في فوضى الفعل ورد الفعل، والتي تصبغ يوميات السوريين في داخل وطنهم المذبوح، تتراكم الأحداث لترسم وتوضح أكثر فأكثر، تفاصيل التشويه، المقصود في معظم الحالات، لوجه الثورة السورية الذي لم يشأ أحد أن يستمر في نقائه.
قبل أيام، استعرض "جيش الإسلام"، بوقاحةٍ، يبدو أنه صار مشهوداً له بها، أحد "ابتكاراته" في طرق "الدفاع عن المدنيين" في مدينة دوما المنكوبة، وذلك باستخدام "مدنيين" آخرين دروعاً بشرية في وجه طائرات النظام والطيران الروسي. وكانت الحجة الذميمة استخدام "موالين" من ضباط ونساء ضباط، سبق أن أسرهم جيش الإسلام في دوما، بهدف إحراج النظام، ليخفف من قصفه المستمر على المدينة، والذي راح ضحيته، الأسبوع الماضي، سبعون قتيلا في يوم واحد. وكانت الطريقة وضع هؤلاء "الموالين" في أقفاص حديدية، وتوزيعها في الأماكن المأهولة "بالمدنيين" والأسواق والشوارع الرئيسية، وعلى أسطح البنايات.
تم تنفيذ الفكرة المبتكرة وتسويقها على أنها مطلب ملح من أهالي دوما، ورافق التنفيذ التقاط الصور للمساجين في الأقفاص، ونشرها لتصل إلى النظام، لعلّه يرتعد خوفاً على مواليه، ويرقّ قلبه عليهم، وبالتالي، على مدنيي دوما. وربما كان الأسوأ الفيديوهات التي نشرها "جيش الإسلام" تحت اسم "مناشدة الضباط ونسائهم النظام بأن ينقذهم ويوقف القصف"، لكن "غباء" من قاموا بمحادثة السجناء داخل الأقفاص منعهم من التدقيق في ما ينشرونه. تحدث السجناء أنهم يساندون أهل دوما أهلاً لهم وإخوة في الوطن، وأنهم يطالبون النظام بالتوقف عن "هذه الأعمال المهينة" التي يقصف بها المدنيين في دوما. وقالت إحدى النساء إنه تم أسرهم منذ سنتين ونصف، وتلقوا معاملة حسنة طوال تلك الفترة، وكانوا "يعيشون المعاناة والرعب من القصف مع أهالي المدينة كأفراد من المجتمع نفسه، وأنهم مستعدون للقيام بما أجبروا على القيام به الآن، لحماية السكان المدنيين في المنطقة".
تحدث السجناء من داخل الأقفاص، وكأنهم معارضون شرسون لكل ما يقوم به النظام. لكن، ما حصل، ببساطة، أن طائرات النظام عادت لتقصف المدينة، كما كانت تقصفها، وكأن شيئا لم يكن، وهو ما كان متوقعاً تماماً.
النتيجة الوحيدة التي حصل عليها جيش الإسلام هي التأكيد على أنه لا يختلف عن النظام، الذي يدّعي أنه يحاربه، أو عن مليشياته الطائفية في الفوعة التي سبق ونفذت الابتكار نفسه منذ زمن، أو عن تنظيم داعش الذي ألهمه بفكرة الأقفاص. بل إنه وجه آخر لكل هؤلاء، مع اختلاف في الحجة، أو الدافع "المبرر"، لدى بعضهم، ومع بعض الاختلاف في شكل الأقفاص التي صنعت، هنا، بشكل مزركش تميزت به عن أقفاص الفوعة وداعش.
استخدام المدنيين دروعا بشرية فكرة مرفوضة بالمطلق، مهما كانت الدوافع وراءها، ووضع النساء والرجال في أقفاص تشبه أقفاص الحيوانات فكرة سادية ولاإنسانية تتلذذ بالإذلال والإهانة، والرعب الذي جعل السجناء يظهرون وكأنهم يقومون بعمل إنساني "طوعاً" كفيل بإيقاظ كل مشاعر القهر في العالم. والتلاعب والتفنن في تشويه ثورة السوريين المحقة، بعد كل ما قدموه ويقدموه، شيء لا مجال للتغاضي عنه، أو تبريره، خصوصاً بعد أن أدرك الجميع في السنوات الماضية، فيما لا يحتمل الشك، أن النظام لا يأبه بأحد من أتباعه، أو الموالين له، وهو على استعداد كامل للتضحية بالجميع، في سبيل استمراره، ضباطاً أو مدنيين علويين، لا فرق.
ربما ليس غريباً أن يفعل جيش الإسلام ما فعله، لكن المؤسف حقاً أن النظام بما فعله بالسوريين، في السنوات الماضية، استطاع إيصالهم إلى درجةٍ من الحقد والكراهية، جعلتهم يخسرون جزءاً من إنسانيتهم، ويفقدون البوصلة، فيبررون الخطأ، بحجة أن الآخر سبق وارتكبه.
قبل أيام، استعرض "جيش الإسلام"، بوقاحةٍ، يبدو أنه صار مشهوداً له بها، أحد "ابتكاراته" في طرق "الدفاع عن المدنيين" في مدينة دوما المنكوبة، وذلك باستخدام "مدنيين" آخرين دروعاً بشرية في وجه طائرات النظام والطيران الروسي. وكانت الحجة الذميمة استخدام "موالين" من ضباط ونساء ضباط، سبق أن أسرهم جيش الإسلام في دوما، بهدف إحراج النظام، ليخفف من قصفه المستمر على المدينة، والذي راح ضحيته، الأسبوع الماضي، سبعون قتيلا في يوم واحد. وكانت الطريقة وضع هؤلاء "الموالين" في أقفاص حديدية، وتوزيعها في الأماكن المأهولة "بالمدنيين" والأسواق والشوارع الرئيسية، وعلى أسطح البنايات.
تم تنفيذ الفكرة المبتكرة وتسويقها على أنها مطلب ملح من أهالي دوما، ورافق التنفيذ التقاط الصور للمساجين في الأقفاص، ونشرها لتصل إلى النظام، لعلّه يرتعد خوفاً على مواليه، ويرقّ قلبه عليهم، وبالتالي، على مدنيي دوما. وربما كان الأسوأ الفيديوهات التي نشرها "جيش الإسلام" تحت اسم "مناشدة الضباط ونسائهم النظام بأن ينقذهم ويوقف القصف"، لكن "غباء" من قاموا بمحادثة السجناء داخل الأقفاص منعهم من التدقيق في ما ينشرونه. تحدث السجناء أنهم يساندون أهل دوما أهلاً لهم وإخوة في الوطن، وأنهم يطالبون النظام بالتوقف عن "هذه الأعمال المهينة" التي يقصف بها المدنيين في دوما. وقالت إحدى النساء إنه تم أسرهم منذ سنتين ونصف، وتلقوا معاملة حسنة طوال تلك الفترة، وكانوا "يعيشون المعاناة والرعب من القصف مع أهالي المدينة كأفراد من المجتمع نفسه، وأنهم مستعدون للقيام بما أجبروا على القيام به الآن، لحماية السكان المدنيين في المنطقة".
تحدث السجناء من داخل الأقفاص، وكأنهم معارضون شرسون لكل ما يقوم به النظام. لكن، ما حصل، ببساطة، أن طائرات النظام عادت لتقصف المدينة، كما كانت تقصفها، وكأن شيئا لم يكن، وهو ما كان متوقعاً تماماً.
النتيجة الوحيدة التي حصل عليها جيش الإسلام هي التأكيد على أنه لا يختلف عن النظام، الذي يدّعي أنه يحاربه، أو عن مليشياته الطائفية في الفوعة التي سبق ونفذت الابتكار نفسه منذ زمن، أو عن تنظيم داعش الذي ألهمه بفكرة الأقفاص. بل إنه وجه آخر لكل هؤلاء، مع اختلاف في الحجة، أو الدافع "المبرر"، لدى بعضهم، ومع بعض الاختلاف في شكل الأقفاص التي صنعت، هنا، بشكل مزركش تميزت به عن أقفاص الفوعة وداعش.
استخدام المدنيين دروعا بشرية فكرة مرفوضة بالمطلق، مهما كانت الدوافع وراءها، ووضع النساء والرجال في أقفاص تشبه أقفاص الحيوانات فكرة سادية ولاإنسانية تتلذذ بالإذلال والإهانة، والرعب الذي جعل السجناء يظهرون وكأنهم يقومون بعمل إنساني "طوعاً" كفيل بإيقاظ كل مشاعر القهر في العالم. والتلاعب والتفنن في تشويه ثورة السوريين المحقة، بعد كل ما قدموه ويقدموه، شيء لا مجال للتغاضي عنه، أو تبريره، خصوصاً بعد أن أدرك الجميع في السنوات الماضية، فيما لا يحتمل الشك، أن النظام لا يأبه بأحد من أتباعه، أو الموالين له، وهو على استعداد كامل للتضحية بالجميع، في سبيل استمراره، ضباطاً أو مدنيين علويين، لا فرق.
ربما ليس غريباً أن يفعل جيش الإسلام ما فعله، لكن المؤسف حقاً أن النظام بما فعله بالسوريين، في السنوات الماضية، استطاع إيصالهم إلى درجةٍ من الحقد والكراهية، جعلتهم يخسرون جزءاً من إنسانيتهم، ويفقدون البوصلة، فيبررون الخطأ، بحجة أن الآخر سبق وارتكبه.