23 أكتوبر 2024
ليو يان دونغ في المنطقة
في جولة رسمية في المنطقة، زارت نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، ليو يان دونغ، تركيا والأردن وإيران وجنوب أفريقيا. في عمّان، حضرت السيدة ليو ندوة خاصة بمناسبة الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الأردن والصين، والتي بدأت العام 1977، شارك فيها ممثلون للعلاقات الشعبية بين الطرفين، خصوصا على صعيدي السياحة والثقافة.
قلتُ أمام السيدة ليو، إن بناء علاقات استراتيجية بين العالم العربي والصين يلزمه إقامة صلات ثقافية عميقة، فالاكتفاء بالمسار التجاري، كما هو حاصل لدى معظم الدول العربية حالياً، يجعل العلاقات ذات طبيعة مصلحية مؤقتة، فيما أن الأساس الثقافي يتيح بناء علاقات حضارية مستقبلية تخدم الطرفين، كما تخدم البشرية جمعاء. ومن أجل تحقيق ذلك، ثمة حاجة ملحة لإيجاد مساحات واسعة من العلاقات الشعبية بين الطرفين، لا الرسمية فقط، فمشكلة التعاون الحالي بين العرب والصين، ليست فقط أنه يتركّز في البعد التجاري، بل كذلك أن العلاقات بين الطرفين تأخذ طابعاً نخبوياً، ما يعني أن كل طرف ما يزال يمثل للآخر، ما يشبه "العالم البعيد المجهول".
العرب اليوم، أعني الذين يراقبون منهم الأحداث بعين بصيرة، يتطلعون إلى نجاح الصين باحترام كبير، سواء من حيث تجربتها الحضارية المدهشة التي من الإنصاف القول إنها تشبه، في مقدماتها، الطموحات النهضوية العربية التي انطلقت منذ نحو مئتي سنة، لكنها تعثرت، مرة بعد مرة، خصوصا في السعي إلى المواءمة بين الأيديولوجيا والبراغماتية التي نادى بها المفكرون العرب الأوائل، ونجحت فيها الصين نجاحاً جعلها قوة حضارية صاعدة. أو من حيث رؤيتها المستقبلية للعالم، وسعيها الثابت إلى أن يكون لها قدر ذو اعتبار تحت الشمس. ما يعزّز الحاجة إلى بناء علاقات استراتيجية متينة معها، ذات جذور ثقافية متينة.
بالنسبة للأردن، فإنه، على الصعيد الثقافي، من الدول العربية التي حققت نجاحاتٍ إيجابية تجاه الصين، إلى جانب مصر وتونس، ويتبدّى ذلك في افتتاح معهدي كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية في عمّان، اعتباراً من العام 2008، حيث يلقى تعلّم هذه اللغة اهتماماً متزايداً بين الشباب الأردنيين، هذا إلى جانب تدريس اللغة الصينية في جامعات ومدارس أردنية. كذلك، يشارك الأردن في إيفاد مئات من الطلبة للدراسة في الصين، وتحضر إلى الأردن فرق فنية صينية سنوياً، ويجري تبادل الوفود الثقافية بين الجانبين باستمرار. وتعد السفارة الصينية حالياً لتأسيس المركز الثقافي الصيني في عمّان.
كذلك بنى الأردن علاقة مهمة مع الصين على الصعيد الأكثر شيوعاً: الاقتصادي. وأبرز ما تحقق في هذا المجال، توقيع الأردن سبع اتفاقيات مع الصين خلال انعقاد دورة منتدى التعاون الاقتصادي العربي الصيني في مدينة ينتشوان الصينية، عاصمة مقاطعة نينشيا، في سبتمبر/ أيلول 2015. وشملت تلك الاتفاقيات مجالات الطاقة والسكك الحديدية والاتصالات وتوليد الكهرباء بالطاقة المتجددة، وبقيمة إجمالية بلغت سبعة مليارات دولار أميركي.
وإذا كان هذا يعني أن الأردن مهتم، بالدرجة الأولى، بجذب الاستثمار الصيني في مجال الصناعة، فذلك يمكن أن يكون مفيداً على المدى البعيد في مجال نقل شيء من التكنولوجيا المتطورة وتدريب الكوادر البشرية عليها، فضلاً عن فوائده الاقتصادية المباشرة. وقد بلغ حجم الاستثمارات الصينية في الأردن حتى العام 2015 نحو 180 مليار دولار، فيما بلغ حجم الصادرات الأردنية للصين خلال العام 2014 نحو 187 مليون دولار، في مقابل واردات بقيمة 4,2 مليارات دولار في العام نفسه، وهو ما يعكس اختلالاً كبيراً في الميزان التجاري، قياساً إلى الحاصل بين الصين والدول العربية النفطية، بفعل الاستيراد الصيني المتزايد من النفط العربي.
ما يجب قوله، أخيراً، إن الصين تتعامل ثقافياً مع العالم العربي باعتباره كتلة واحدة، مركزة على التعاطي الثقافي معه من خلال جامعة الدول العربية، وإذا كان الأمر يمكن رده إلى أن منتدى التعاون العربي الصيني يمر من خلال الجامعة، فإن التصرّف الصيني يبدو طبيعياً تجاه دولٍ تتحدّث لغة واحدة، وتتمتع بثقافة واحدة، وهو ما يستدعي تصرفاً عربياً شبيهاً، قوامه الاقتراب الثقافي نحو الصين كتلة واحدة أيضاً.
قلتُ أمام السيدة ليو، إن بناء علاقات استراتيجية بين العالم العربي والصين يلزمه إقامة صلات ثقافية عميقة، فالاكتفاء بالمسار التجاري، كما هو حاصل لدى معظم الدول العربية حالياً، يجعل العلاقات ذات طبيعة مصلحية مؤقتة، فيما أن الأساس الثقافي يتيح بناء علاقات حضارية مستقبلية تخدم الطرفين، كما تخدم البشرية جمعاء. ومن أجل تحقيق ذلك، ثمة حاجة ملحة لإيجاد مساحات واسعة من العلاقات الشعبية بين الطرفين، لا الرسمية فقط، فمشكلة التعاون الحالي بين العرب والصين، ليست فقط أنه يتركّز في البعد التجاري، بل كذلك أن العلاقات بين الطرفين تأخذ طابعاً نخبوياً، ما يعني أن كل طرف ما يزال يمثل للآخر، ما يشبه "العالم البعيد المجهول".
العرب اليوم، أعني الذين يراقبون منهم الأحداث بعين بصيرة، يتطلعون إلى نجاح الصين باحترام كبير، سواء من حيث تجربتها الحضارية المدهشة التي من الإنصاف القول إنها تشبه، في مقدماتها، الطموحات النهضوية العربية التي انطلقت منذ نحو مئتي سنة، لكنها تعثرت، مرة بعد مرة، خصوصا في السعي إلى المواءمة بين الأيديولوجيا والبراغماتية التي نادى بها المفكرون العرب الأوائل، ونجحت فيها الصين نجاحاً جعلها قوة حضارية صاعدة. أو من حيث رؤيتها المستقبلية للعالم، وسعيها الثابت إلى أن يكون لها قدر ذو اعتبار تحت الشمس. ما يعزّز الحاجة إلى بناء علاقات استراتيجية متينة معها، ذات جذور ثقافية متينة.
بالنسبة للأردن، فإنه، على الصعيد الثقافي، من الدول العربية التي حققت نجاحاتٍ إيجابية تجاه الصين، إلى جانب مصر وتونس، ويتبدّى ذلك في افتتاح معهدي كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية في عمّان، اعتباراً من العام 2008، حيث يلقى تعلّم هذه اللغة اهتماماً متزايداً بين الشباب الأردنيين، هذا إلى جانب تدريس اللغة الصينية في جامعات ومدارس أردنية. كذلك، يشارك الأردن في إيفاد مئات من الطلبة للدراسة في الصين، وتحضر إلى الأردن فرق فنية صينية سنوياً، ويجري تبادل الوفود الثقافية بين الجانبين باستمرار. وتعد السفارة الصينية حالياً لتأسيس المركز الثقافي الصيني في عمّان.
كذلك بنى الأردن علاقة مهمة مع الصين على الصعيد الأكثر شيوعاً: الاقتصادي. وأبرز ما تحقق في هذا المجال، توقيع الأردن سبع اتفاقيات مع الصين خلال انعقاد دورة منتدى التعاون الاقتصادي العربي الصيني في مدينة ينتشوان الصينية، عاصمة مقاطعة نينشيا، في سبتمبر/ أيلول 2015. وشملت تلك الاتفاقيات مجالات الطاقة والسكك الحديدية والاتصالات وتوليد الكهرباء بالطاقة المتجددة، وبقيمة إجمالية بلغت سبعة مليارات دولار أميركي.
وإذا كان هذا يعني أن الأردن مهتم، بالدرجة الأولى، بجذب الاستثمار الصيني في مجال الصناعة، فذلك يمكن أن يكون مفيداً على المدى البعيد في مجال نقل شيء من التكنولوجيا المتطورة وتدريب الكوادر البشرية عليها، فضلاً عن فوائده الاقتصادية المباشرة. وقد بلغ حجم الاستثمارات الصينية في الأردن حتى العام 2015 نحو 180 مليار دولار، فيما بلغ حجم الصادرات الأردنية للصين خلال العام 2014 نحو 187 مليون دولار، في مقابل واردات بقيمة 4,2 مليارات دولار في العام نفسه، وهو ما يعكس اختلالاً كبيراً في الميزان التجاري، قياساً إلى الحاصل بين الصين والدول العربية النفطية، بفعل الاستيراد الصيني المتزايد من النفط العربي.
ما يجب قوله، أخيراً، إن الصين تتعامل ثقافياً مع العالم العربي باعتباره كتلة واحدة، مركزة على التعاطي الثقافي معه من خلال جامعة الدول العربية، وإذا كان الأمر يمكن رده إلى أن منتدى التعاون العربي الصيني يمر من خلال الجامعة، فإن التصرّف الصيني يبدو طبيعياً تجاه دولٍ تتحدّث لغة واحدة، وتتمتع بثقافة واحدة، وهو ما يستدعي تصرفاً عربياً شبيهاً، قوامه الاقتراب الثقافي نحو الصين كتلة واحدة أيضاً.