05 نوفمبر 2024
ترامب وبن سلمان.. مصالح لن تدوم
لا يمكن أن يؤخذ تصريح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حيال قضية اغتيال الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده على ظاهره، فهو على الرغم من محاولته تبرئة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، من الجريمة، إلا أنه أيضا فتح الباب واسعا أمام العائلة السعودية الحاكمة من أجل إجراء ترتيباتٍ مناسبةٍ، يمكن من خلالها تنحية ولي العهد أو حتى الملك.
لم يعلن ترامب ذلك صراحة، فمعروفٌ أن لديه مصالح قوية وكبيرة جداً ، بعضها شخصي، وهو ما لمّح إليه الرئيس المرتقب للجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، آدم شيف، لمّا أعلن أن اللجنة ستحقق في مقتل خاشقجي، وفي تعامل إدارة ترامب مع هذه القضية.
منح ترامب لبن سلمان متنفساً جديداً، أو هكذا بدا عليه الأمر الثلاثاء الماضي، عندما أذيع بيان ترامب، والذي تضمن، في جزءٍ منه، حديثا عن قضية خاشقجي، حيث قال ترامب إن ابن سلمان ربما يعلم أو لا يعلم بأمر الاغتيال، متحدثاً بعد ذلك عن الأهمية الاستراتيجية للعلاقة بين أميركا والسعودية، قبل أن يعود، في تصريح لاحق، ويقول بصريح العبارة "لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة". ويسعى ترامب إلى استغلال قضية اغتيال خاشقجي إلى أبعد حد، فهو لا يريد أن يضغط الآن من أجل تنحية ابن سلمان، وإنما يريد أن يُبقي القضية سببا للتكسّبين، السياسي والمالي، وهو ما يبدو أن عديدا من دوائر القرار الأميركية والإسرائيلية فهمته، وبدأت بخطة لمساندته.
ولي العهد السعودي، والسعودية من خلفه، في أسوأ أزمة منذ قيام المملكة عام 1932، فعلى الرغم من حجم الأموال التي أنفقت ومازالت تنفق لشراء المواقف، قبل اغتيال خاشقجي وبعده، إلا أن متابعة الإعلام الأميركي، خصوصا في أعقاب بيان الثلاثاء الماضي، تجعلنا ندرك جيدا أن القضية ستبقى جرحاً مفتوحاً في خاصرة السعودية، وأن ترامب سيسعى إلى كسب المزيد، وبعد ذلك، من غير المستبعد أن يضحي بمحمد بن سلمان أو حتى والده الملك.
هناك اليوم مصالح أميركية عديدة في المنطقة تتطلب وجود شخصيةٍ تعيش في أزمة مع المجتمع الدولي، وتملك واشنطن كل الأدلة التي تدينها، من أجل تنفيذ تلك المطالب، فعلى سبيل المثال، تعثّرت صفقة القرن التي عمل عليها صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر مع ابن سلمان، بعد موقفٍ لافتٍ ونادرٍ من الملك سلمان، كما تعثرت مشاريع خصصة شركة أرامكو، درّة التاج السعودي، وأيضا بعد موقفٍ نادر ولافت من الملك سلمان.
ترامب يحتاج إلى السعودية لسد النقص في أسواق النفط عقب وقف بيع النفط الإيراني ضمن حزمة العقوبات الأميركية التي بدأت في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، حيث سعت السعودية إلى سد النقص، وهو ما دفع أسواق النفط إلى أن تتمتع بوفرة عرضٍ أسهمت في خفض أسعار برميل النفط إلى ما دون الخمسين دولاراً للبرميل، ما حدا ترامب إلى توجيه الشكر مجدّدا للسعودية، مطالباً إياها بالمزيد.
وعلى الصعيد الأميركي، فإن وعود السعودية، شراء صفقات أسلحة من الولايات المتحدة بقيمة 110 مليارات دولار، لم تنفذ منها سوى أقل من 20%، ما أزعج كثيراً كبريات شركات السلاح الأميركي، وأيضا أجل تنفيذ مشاريع توظيفٍ عديدة سبق لترامب أن وعد بها ناخبيه.
نعم قد يواجه ترامب مستقبلاً حرباً ضروساً من الكونغرس، وخصوصا بعد عطلة أعياد الميلاد، والتئام شمل أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، خصوصا في ظل لهجة حازمة من عديدين منهم، إلا أنه سيكون وقتها قد نجح في تحقيق أقصى ما يمكن أن يحققه من مصالح، جرّاء سياسة الابتزاز التي يمارسها اليوم على السعودية، بسبب جريمة اغتيال خاشقجي.
في المقابل، يعرف ابن سلمان أن قضيته خاسرة، فالإعلام الأميركي والكونغرس لن يتركاه لينجو من جريمته، وهو ما سيدفعه إلى مزيد من التنازلات، ومحاولة العودة إلى الساحة السياسية، ولو بالحد الأدنى، وهو ما تمثل في جولته العربية التي بدأها من أبو ظبي، وهو الذي لم يكن حريصاً حتى على التواصل مع دول عربية عديدة، ما عدا حلف الأربعة الذي تشكل وبدأ حصار قطر صيف 2017 . كما أن المال السعودي بدأ يتدفق بغزارة على شركات العلاقات العامة في بريطانيا أولاً، بحسب ما ذكرته صحيفة الإندبندنت البريطانية السبت الماضي، ورافقتها جولة للأمير تركي الفيصل، وتصريحاته في وسائل إعلام عالمية عديدة دعا فيها العالم إلى التعامل مع محمد بن سلمان.
ووفقاً لعقليته التجارية، ينظر ترامب إلى جريمة اغتيال خاشقجي بعين التاجر الذي يجب أن يستغل كل شيء لزيادة رصيده، وهو ما لا يزال يسعى إليه، مصطدما بما وصفتها الصحافة الأميركية قيم الولايات المتحدة، بوصفها راعياً لحقوق الإنسان في العالم. ومن هنا، ستستمر المواجهة الحقيقية بين ترامب ومن خلفه محمد بن سلمان، وماكينة الإعلام الأميركي العملاقة.
لم يعلن ترامب ذلك صراحة، فمعروفٌ أن لديه مصالح قوية وكبيرة جداً ، بعضها شخصي، وهو ما لمّح إليه الرئيس المرتقب للجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، آدم شيف، لمّا أعلن أن اللجنة ستحقق في مقتل خاشقجي، وفي تعامل إدارة ترامب مع هذه القضية.
منح ترامب لبن سلمان متنفساً جديداً، أو هكذا بدا عليه الأمر الثلاثاء الماضي، عندما أذيع بيان ترامب، والذي تضمن، في جزءٍ منه، حديثا عن قضية خاشقجي، حيث قال ترامب إن ابن سلمان ربما يعلم أو لا يعلم بأمر الاغتيال، متحدثاً بعد ذلك عن الأهمية الاستراتيجية للعلاقة بين أميركا والسعودية، قبل أن يعود، في تصريح لاحق، ويقول بصريح العبارة "لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة". ويسعى ترامب إلى استغلال قضية اغتيال خاشقجي إلى أبعد حد، فهو لا يريد أن يضغط الآن من أجل تنحية ابن سلمان، وإنما يريد أن يُبقي القضية سببا للتكسّبين، السياسي والمالي، وهو ما يبدو أن عديدا من دوائر القرار الأميركية والإسرائيلية فهمته، وبدأت بخطة لمساندته.
ولي العهد السعودي، والسعودية من خلفه، في أسوأ أزمة منذ قيام المملكة عام 1932، فعلى الرغم من حجم الأموال التي أنفقت ومازالت تنفق لشراء المواقف، قبل اغتيال خاشقجي وبعده، إلا أن متابعة الإعلام الأميركي، خصوصا في أعقاب بيان الثلاثاء الماضي، تجعلنا ندرك جيدا أن القضية ستبقى جرحاً مفتوحاً في خاصرة السعودية، وأن ترامب سيسعى إلى كسب المزيد، وبعد ذلك، من غير المستبعد أن يضحي بمحمد بن سلمان أو حتى والده الملك.
هناك اليوم مصالح أميركية عديدة في المنطقة تتطلب وجود شخصيةٍ تعيش في أزمة مع المجتمع الدولي، وتملك واشنطن كل الأدلة التي تدينها، من أجل تنفيذ تلك المطالب، فعلى سبيل المثال، تعثّرت صفقة القرن التي عمل عليها صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر مع ابن سلمان، بعد موقفٍ لافتٍ ونادرٍ من الملك سلمان، كما تعثرت مشاريع خصصة شركة أرامكو، درّة التاج السعودي، وأيضا بعد موقفٍ نادر ولافت من الملك سلمان.
ترامب يحتاج إلى السعودية لسد النقص في أسواق النفط عقب وقف بيع النفط الإيراني ضمن حزمة العقوبات الأميركية التي بدأت في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، حيث سعت السعودية إلى سد النقص، وهو ما دفع أسواق النفط إلى أن تتمتع بوفرة عرضٍ أسهمت في خفض أسعار برميل النفط إلى ما دون الخمسين دولاراً للبرميل، ما حدا ترامب إلى توجيه الشكر مجدّدا للسعودية، مطالباً إياها بالمزيد.
وعلى الصعيد الأميركي، فإن وعود السعودية، شراء صفقات أسلحة من الولايات المتحدة بقيمة 110 مليارات دولار، لم تنفذ منها سوى أقل من 20%، ما أزعج كثيراً كبريات شركات السلاح الأميركي، وأيضا أجل تنفيذ مشاريع توظيفٍ عديدة سبق لترامب أن وعد بها ناخبيه.
نعم قد يواجه ترامب مستقبلاً حرباً ضروساً من الكونغرس، وخصوصا بعد عطلة أعياد الميلاد، والتئام شمل أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، خصوصا في ظل لهجة حازمة من عديدين منهم، إلا أنه سيكون وقتها قد نجح في تحقيق أقصى ما يمكن أن يحققه من مصالح، جرّاء سياسة الابتزاز التي يمارسها اليوم على السعودية، بسبب جريمة اغتيال خاشقجي.
في المقابل، يعرف ابن سلمان أن قضيته خاسرة، فالإعلام الأميركي والكونغرس لن يتركاه لينجو من جريمته، وهو ما سيدفعه إلى مزيد من التنازلات، ومحاولة العودة إلى الساحة السياسية، ولو بالحد الأدنى، وهو ما تمثل في جولته العربية التي بدأها من أبو ظبي، وهو الذي لم يكن حريصاً حتى على التواصل مع دول عربية عديدة، ما عدا حلف الأربعة الذي تشكل وبدأ حصار قطر صيف 2017 . كما أن المال السعودي بدأ يتدفق بغزارة على شركات العلاقات العامة في بريطانيا أولاً، بحسب ما ذكرته صحيفة الإندبندنت البريطانية السبت الماضي، ورافقتها جولة للأمير تركي الفيصل، وتصريحاته في وسائل إعلام عالمية عديدة دعا فيها العالم إلى التعامل مع محمد بن سلمان.
ووفقاً لعقليته التجارية، ينظر ترامب إلى جريمة اغتيال خاشقجي بعين التاجر الذي يجب أن يستغل كل شيء لزيادة رصيده، وهو ما لا يزال يسعى إليه، مصطدما بما وصفتها الصحافة الأميركية قيم الولايات المتحدة، بوصفها راعياً لحقوق الإنسان في العالم. ومن هنا، ستستمر المواجهة الحقيقية بين ترامب ومن خلفه محمد بن سلمان، وماكينة الإعلام الأميركي العملاقة.