08 نوفمبر 2024
رسالة الشارع العربي إلى بن سلمان
أخفق ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في أن يجعل جولته في بعض البلدان العربية فرصةً لتحسين صورته وتلميعها، بعد الزلزال الذي أحدثته جريمة اغتيال الكاتب والصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول. ويلفت الانتباه في الجولة توقيتها الذي يعكس غياب الحد الأدنى من الحنكة والتمرس السياسيين عن ولي العهد. ولعل من السمات التي تصنع الفرق بين رجال السياسة اختيارهم التوقيت المناسب لتمرير سياسة ما أو تسويقها، فتدبيرُ الزمن، والتكيف مع تقلباته، من الموارد الأساسية في العمل السياسي.
عرّض بن سلمان نفسه لحرج كبير، وغير مسبوق في السياسة العربية، حين قام بهذه الجولة، وهو يدرك وقع جريمة اغتيال خاشقجي على الرأي العام العربي. ولو امتلك بعض الخبرة، لكان أجل جولته إلى إشعار آخر، حتى تهدأ العاصفة، و''ينسى'' الناس الجريمة.
تختزل زيارات بن سلمان في جولته مشهدا على قدر كبير من الدلالة التي لا تتوقف عند قضية الصحافي المغدور، بل تتجاوزها نحو التقاطبات التي تعرفها المنطقة على أكثر من صعيد. صحيحٌ أن هذه القضية ألقت بثقلها على الجولة، وحوّلتها إلى ما يشبه الكابوس الذي يقض مضجعه، لكن ذلك يبقى نصفَ الكأس الملآن. ذلك أن خروج متظاهرين في تونس، معترضين على الزيارة، وإن بدا احتجاجا أخلاقيا على التورّط المباشر لمحمد بن سلمان في قتل خاشقجي، والتمثيل بجثته، بما يحيل عليه ذلك من قمعٍ للحقوق والحريات بالنسبة لشعب يتطلع إلى تطوير ديمقراطيته الفتية، إلا أنه، في الوقت نفسه، إدانة صارخة لسياسات محور الثورة المضادة في المنطقة، والذي يمثل بن سلمان أحد عرّابيه الأساسيين، فالتونسيون يدركون جيدا أن ثورتهم مستهدفة من دول هذا المحور (السعودية، الإمارات، مصر)، ليس فقط باعتبارها ''الجمرة الخبيثة'' التي ابتليت بها الأمة العربية، كما جاء على لسان ''محلل'' سعودي، وإنما باعتبارها تؤسس لنموذج ناجح في التحوّل الديمقراطي في المنطقة.
أخذ رفض زيارة بن سلمان في الجزائر منحىً آخر، بانضمام شخصيات سياسية ونقابية وإعلامية وثقافية بارزة إلى الحراك الشعبي الرافض هذه الزيارة، وفي مقدمتها أيقونة الثورة الجزائرية، جميلة بوحيرد. أحس الجزائريون أن استقبال بن سلمان في بلدهم، فضلا عن إساءته إلى ماضيهم الثوري والنضالي، يبدو كأنه مباركة من حكومتهم سياسات الرياض في المنطقة.
ويعكس الرفض الشعبي لجولة بن سلمان في المنطقة، أيضا، صوت الشارع العربي حيال ما يُحاك من مؤامراتٍ تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، والتطبيع الشامل مع الكيان الصهيوني ومباركة جرائمه الوحشية بحق الشعب الفلسطيني، الشيء الذي يرفضه الوجدان الشعبي العربي، في ضوء ما تمثله هذه القضية له. وإذا أضيف إلى ذلك الكارثة الإنسانية التي تسببت فيها الحرب على الشعب اليمني، والحصارَ المفروض على دولة قطر، فإن دلالة هذا الرفض الشعبي تكتمل أكثر.
يتعلق الأمر برفضٍ متنام في الشارع العربي للوهابية السياسية التي باتت عنوانا لمشروع سياسي وثقافي مدمّر، يهدف إلى مصادرة حق الشعوب العربية في القطع مع الاستبداد، والقمع، والفساد، والاستقواء بالمال في سياساتٍ وخياراتٍ تُبقي هذه الشعوب رهينة التخلف والتبعية.
كشفت جولة بن سلمان عن أمر آخر، أن المعادلة التي قامت على تقديم السعودية معوناتٍ ماليةً لبلدانٍ بعينها في مقابل تأييدها سياسات الرياض قد ولى زمنها أو يكاد، لأسباب كثيرة، أبرزها تنامي الوعي الديمقراطي في المنطقة بعد 2011، وتطلع الشعوب العربية إلى إقامة أنظمةٍ منتخبةٍ تقوم على سيادة القانون، واحترام الحقوق والحريات، ومكافحة الفساد. هذا إضافة إلى وقائع كان لها وقع كبير في الشارع العربي، ليس أقلها أهميةً قيادة السعودية حملة مدروسة لعدم التصويت على ترشيح المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026، الأمر الذي ترك جرحا عميقا في نفوس المغاربة.
إذا كان استقبال بن سلمان في بعض عواصم المغرب العربي قد حكمته، إلى حد كبير، اعتباراتٌ بروتوكولية، فإن شعوب تونس وموريتانيا والجزائر نجحت في إيصال رسالة الشارع العربي إلى ولي العهد السعودي، عبر فيها عن رفضه الدال سياسات الأخير في المنطقة.
عرّض بن سلمان نفسه لحرج كبير، وغير مسبوق في السياسة العربية، حين قام بهذه الجولة، وهو يدرك وقع جريمة اغتيال خاشقجي على الرأي العام العربي. ولو امتلك بعض الخبرة، لكان أجل جولته إلى إشعار آخر، حتى تهدأ العاصفة، و''ينسى'' الناس الجريمة.
تختزل زيارات بن سلمان في جولته مشهدا على قدر كبير من الدلالة التي لا تتوقف عند قضية الصحافي المغدور، بل تتجاوزها نحو التقاطبات التي تعرفها المنطقة على أكثر من صعيد. صحيحٌ أن هذه القضية ألقت بثقلها على الجولة، وحوّلتها إلى ما يشبه الكابوس الذي يقض مضجعه، لكن ذلك يبقى نصفَ الكأس الملآن. ذلك أن خروج متظاهرين في تونس، معترضين على الزيارة، وإن بدا احتجاجا أخلاقيا على التورّط المباشر لمحمد بن سلمان في قتل خاشقجي، والتمثيل بجثته، بما يحيل عليه ذلك من قمعٍ للحقوق والحريات بالنسبة لشعب يتطلع إلى تطوير ديمقراطيته الفتية، إلا أنه، في الوقت نفسه، إدانة صارخة لسياسات محور الثورة المضادة في المنطقة، والذي يمثل بن سلمان أحد عرّابيه الأساسيين، فالتونسيون يدركون جيدا أن ثورتهم مستهدفة من دول هذا المحور (السعودية، الإمارات، مصر)، ليس فقط باعتبارها ''الجمرة الخبيثة'' التي ابتليت بها الأمة العربية، كما جاء على لسان ''محلل'' سعودي، وإنما باعتبارها تؤسس لنموذج ناجح في التحوّل الديمقراطي في المنطقة.
أخذ رفض زيارة بن سلمان في الجزائر منحىً آخر، بانضمام شخصيات سياسية ونقابية وإعلامية وثقافية بارزة إلى الحراك الشعبي الرافض هذه الزيارة، وفي مقدمتها أيقونة الثورة الجزائرية، جميلة بوحيرد. أحس الجزائريون أن استقبال بن سلمان في بلدهم، فضلا عن إساءته إلى ماضيهم الثوري والنضالي، يبدو كأنه مباركة من حكومتهم سياسات الرياض في المنطقة.
ويعكس الرفض الشعبي لجولة بن سلمان في المنطقة، أيضا، صوت الشارع العربي حيال ما يُحاك من مؤامراتٍ تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، والتطبيع الشامل مع الكيان الصهيوني ومباركة جرائمه الوحشية بحق الشعب الفلسطيني، الشيء الذي يرفضه الوجدان الشعبي العربي، في ضوء ما تمثله هذه القضية له. وإذا أضيف إلى ذلك الكارثة الإنسانية التي تسببت فيها الحرب على الشعب اليمني، والحصارَ المفروض على دولة قطر، فإن دلالة هذا الرفض الشعبي تكتمل أكثر.
يتعلق الأمر برفضٍ متنام في الشارع العربي للوهابية السياسية التي باتت عنوانا لمشروع سياسي وثقافي مدمّر، يهدف إلى مصادرة حق الشعوب العربية في القطع مع الاستبداد، والقمع، والفساد، والاستقواء بالمال في سياساتٍ وخياراتٍ تُبقي هذه الشعوب رهينة التخلف والتبعية.
كشفت جولة بن سلمان عن أمر آخر، أن المعادلة التي قامت على تقديم السعودية معوناتٍ ماليةً لبلدانٍ بعينها في مقابل تأييدها سياسات الرياض قد ولى زمنها أو يكاد، لأسباب كثيرة، أبرزها تنامي الوعي الديمقراطي في المنطقة بعد 2011، وتطلع الشعوب العربية إلى إقامة أنظمةٍ منتخبةٍ تقوم على سيادة القانون، واحترام الحقوق والحريات، ومكافحة الفساد. هذا إضافة إلى وقائع كان لها وقع كبير في الشارع العربي، ليس أقلها أهميةً قيادة السعودية حملة مدروسة لعدم التصويت على ترشيح المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026، الأمر الذي ترك جرحا عميقا في نفوس المغاربة.
إذا كان استقبال بن سلمان في بعض عواصم المغرب العربي قد حكمته، إلى حد كبير، اعتباراتٌ بروتوكولية، فإن شعوب تونس وموريتانيا والجزائر نجحت في إيصال رسالة الشارع العربي إلى ولي العهد السعودي، عبر فيها عن رفضه الدال سياسات الأخير في المنطقة.