شيّع الآلاف من أهالي محافظة السويداء جنوبيّ سورية، بمشاركة كثيفة من الحراك الشعبي، صباح اليوم الخميس، جثمان المواطن جواد الباروكي، أول قتيل في احتجاجات السويداء، الذي فقد حياته أمس إثر طلق ناري أطلقته الجهات الأمنية التابعة للنظام السوري، لفضّ الاحتجاجات التي نظمها المحتجون أمام مركز التسويات في مدينة السويداء.
وشاركت في التشييع الذي رصده "العربي الجديد" وفود من النساء اللواتي دخلن إلى ساحة سمارة وسط حشود الرجال، حيث قدموا واجب العزاء قبل أن يلتحقن ببيت الجنازة، وهو موقف يحصل لأول مرة في المدينة، فيما حضر شيخا عقل طائفة الموحدين يوسف جربوع وحمود الحناوي التشييع، ودخل وفد كبير من المشايخ يمثلون الشيخ حكمت الهجري.
وشدّد الشيخ يوسف جربوع على "وأد الفتنة التي تلوح في الأفق"، فيما تحدث الشيخ الحناوي عن سلمية الحراك والمطالب المحقة للشعب السوري.
وكانت الهتافات المناهضة للنظام السوري تصدح داخل ساحة سمارة، وتُحيّي القتيل.
وبعد أداء صلاة الجنازة اتجه المحتجون إلى ساحة الكرامة وسط المدينة، مؤكدين استمرار حراكهم السلمي. وهتف المشاركون بشعارات مناهضة للنظام، مؤكدة أن "من يقتل شعبه خائن"، وطالبوا خلالها بإسقاط النظام، ومحاسبة القاتل.
وقال حيّان أبو مغضب، أحد المشاركين بالتشييع، لـ"العربي الجديد": "إن دم الشهيد جواد ليس رخيصاً، وسنثأر بسلميتنا ولن ننجرّ لما يريد نظام القتل والإجرام".
ويرى أبو مغضب أن النظام بتصرفه هذا "أثبت أنه هزم أمام حراك السويداء، الذي جرّده وعرّاه وكشفه على حقيقته"، مشيراً إلى "إفلاس النظام عبر محاولاته الفتنوية لفضّ الحراك، واتجاهه للتصعيد بمحاولة لإحداث الفوضى وافتعال حرب أهلية، ولكن ذلك سيبوء بالفشل مجدداً"، بحسب أبو مغضب.
نقلة نوعية لحراك السويداء
من جانبها، ترى الناشطة الحقوقية سلام عباس أن ما حدث بالأمس رغم مأساويته سيشكل نقلة نوعية لحراك السويداء، من حيث زيادة الزخم الثوري، حيث إن القاعدة الشعبية امتعضت من الاعتداء السافر لقوات الأمن على المحتجين السلميين العزل.
وتراهن عباس على أن السلطة التي حاولت لسبعة أشهر الظهور بمظهر اللامبالي القوي، "بدأت فعلاً تفقد أعصابها وتتصرف بشكل سيرتد عليها بكل تأكيد، وستكون بداية الانهيار".
وشهدت محافظة السويداء ليلة الأمس الأربعاء حتى وقت مبكر من صباح اليوم، توتراً أمنياً، حيث سمعت أصوات انفجارات وإطلاق رصاص، في أرجاء مختلفة من مدينة السويداء لتمتد إلى مدينة شهبا.
وبحسب ما رصده "العربي الجديد"، فإن مجموعات مسلحة غير معروفة أقدمت على مهاجمة أفرع أمنية وفرع حزب البعث في المدينة وحاجز شهبا، وسط إطلاق النار والقذائف في الهواء، دون وقوع أي أضرار بشرية، فيما اقتصرت الأضرار على الماديات.
ويقول الناشط علي حرب، لـ"العربي الجديد"؛ إن ما حدث ليل أمس لم يكن بتقديره أكثر من مسرحية أمنية بامتياز، هدفها بثّ الرعب بين المدنيين وتحريضهم على مناهضة الحراك من جهة، ومحاولة لإخافة المحتجين من جهة ثانية، والتخريب على تشييع جثمان الشهيد من جهة أخرى.
ويرى حرب أن ذلك لن يثبط من عزيمة المحتجين، بل على العكس ما حدث أمس من لحظة مقتل جواد الباروكي، حتى الحدث المفتعل ليلاً، ساهم اليوم بزيادة أعداد المحتجين.
ويعتبر حرب أن النظام فقد السيطرة كلياً في السويداء ولن يعود إليها مجدداً، مؤكداً اقتراب لحظة اجتثاث عصابات الخطف والقتل والفساد.