قدّرت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الأحد، أنّ التباين في مواقف كل من إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية والدول العربية بشأن مستقبل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب من شأنه أن يؤثر سلباً على فرص التوصل إلى وقف إطلاق نار نهائي.
وفي تقرير أعدّه معلقها للشؤون العربية تسفي برئيل، لفتت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي تقترح الولايات المتحدة إعادة السلطة الفلسطينية لإدارة حكم القطاع بعد الحرب، فإنّ إسرائيل ترفض أي دور للسلطة في القطاع.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ ما يفاقم الأمور تعقيداً هو "حقيقة أنّ هناك خلافات داخل السلطة الفلسطينية بشأن دورها المستقبلي في قطاع غزة، فضلاً عن أنّ التصور الذي قدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن حلّ الصراع (لا يبدو منطقياً)".
وبحسب برئيل، فإنّ دعوة السيسي إلى إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح في حدود 4 يونيو/ حزيران من عام 1967، وعاصمتها القدس، "لا يمكن تحقيقها"، قائلاً إنّ طرحه الخطة يدل على "حالة الاضطراب والإحباط والعجز التي تعاني منها مصر في التعاطي مع مستقبل الأوضاع في قطاع غزة بعد الحرب".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ مقترح السيسي لحلّ الصراع لا يجيب عن الكثير من الأسئلة، منها: "هوية الجهة التي ستدير الأوضاع في قطاع غزة، وكيف بالإمكان تجريد حماس من سلاحها؟ وما هي حدود الدولة الفلسطينية؟ وماهية الأجهزة التي ستدير الأمن في قطاع غزة؟ وهل سيكون لحماس أي دور في الدولة العتيدة؟ وما هي المرجعية الفلسطينية التي ستتولى إدارة الحكم فيها؟".
وفي ما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، أوضح برئيل أنّ ممثلي السلطة قدّموا تصورات متباينة لمستقبل دور السلطة في قطاع غزة، حيث إنه في حين قال رئيس السلطة محمود عباس إنه مستعد لأن تتولى السلطة إدارة قطاع غزة فقط في إطار حل سياسي للصراع، فإنّ الناطق باسمه نبيل أبو ردينة تحدّث عن استعداد السلطة لإدارة قطاع غزة والضفة الغربية وفق ما تنص عليه اتفاقيات أوسلو والقانون الدولي، وهو الموقف الذي تراجع عنه لاحقاً أبو ردينة في مقابلة تلفزيونية.
وخُلص التقرير إلى أنّ التباين بين مواقف السلطة الفلسطينية ومصر والولايات المتحدة يدل على حجم الصعوبات التي تعترض تصور الرئيس الأميركي جو بايدن لليوم التالي للحرب على قطاع غزة، من منطلق أنه لا يوجد لواشنطن شريك في تصورها القائم على تمكين السلطة من إدارة الحكم في القطاع.
في المقابل، لفت معلق الشؤون العربية في الصحيفة إلى أنه على الرغم من أنّ الولايات المتحدة ما زالت تؤيد إعلان إسرائيل القضاء على حركة حماس هدفاً لحربها على القطاع، إلا أنّ واشنطن باتت تشكك في معقولية تحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى ما صدر عن بايدن في المؤتمر الصحافي الأخير الذي عقده، والذي أشار فيه إلى أنّ القضاء على حماس يمثل تحدياً "صعباً".
واعتبر برئيل أنّ حديث بايدن عن "صعوبة" القضاء على حركة حماس يعني أنّ الولايات المتحدة باتت تشكك في واقعية أحد أهداف الحرب الرئيسة على قطاع غزة، متوقعاً أن تعمل إدارة بايدن على وضع استراتيجية لإنهاء الحرب، تأخذ بعين الاعتبار مستقبل إدارة غزة في اليوم التالي.
ونقل التقرير عن مصدر دبلوماسي قوله إنّ "بايدن يرفض حتى الآن مقترحاً تقدّمت به الدول العربية لتمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار، من منطلق أنّ تمرير القرار يؤثر سلباً على فرص إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس". وفي المقابل، كما يشير برئيل، فإنّ "بايدن يرى أنه يمكن الشروع في مناقشة سُبل إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة في ظل تواصل الحرب".
وختم برئيل تقريره بالقول إنّ "تصور بايدن هذا يواجه تحديين أساسيين، وهما: إصرار إسرائيل على القضاء على حركة حماس، ورفضها إعادة السلطة إلى القطاع".
وفي سياق متصل، علّق الصحافي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الفلسطينية شلومو إلدار منتقداً دوائر صنع القرار في إسرائيل والغرب، بسبب انشغالها في "الحديث عن اليوم التالي لحكم حركة حماس في قطاع غزة بعد الحرب الحالية التي يشنها جيش الاحتلال عليها".
وفي تحليل نشرته صحيفة "هارتس"، شدد إلدار على أنّ "حركة حماس ستواصل الحفاظ على وجودها في القطاع حتى بعد انتهاء الحرب الحالية".