الناس يموتون جوعاً في غزة والاحتلال يتذرع بـ"فوضى إسرائيلية"

17 أكتوبر 2024
سيدة في غزة تحاول إعداد الطعام من بقايا الخبز، 15 أغسطس 2024 (عمر القطاع/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني سكان شمال غزة من الجوع بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية ومنع المساعدات، رغم الانتقادات الدولية ومحاولات إسرائيل التنصل من المسؤولية.
- تتضمن "خطة الجنرالات" حصار وتجويع شمال غزة لتهجير السكان، مما أدى إلى انتقادات دولية وضغوط لزيادة المساعدات، مع تهديدات بفرض حظر على الأسلحة وتحديات قانونية.
- استجابة للضغوط، عقدت إسرائيل مشاورات لزيادة المساعدات، معلنة السماح بدخول 50 شاحنة، لكنها تستمر في استخدام المساعدات كورقة ضغط لتحسين صورتها الدولية.

يموت الناس جوعاً في قطاع غزة، وخصوصاً في شماله، بفعل سياسة التجويع الإسرائيلية، وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية. لكن مسؤولين إسرائيليين يحاولون التنصل من مسؤولية إسرائيل عن ذلك، عقب الانتقادات الشديدة التي طاولتها خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول غزة، أمس الأربعاء، وتبرير ما يحدث بأنه "فوضى إسرائيلية" غير مقصودة، رغم كل الشواهد وتصريحات مسؤولين إسرائيليين، حتى منذ بداية الحرب، التي نادت بالإبادة والتجويع.

تحدث مندوبو عدة دول الأربعاء عن "خطة الجنرالات" الإسرائيلية التي تحثّ صراحة على حصار شمال غزة وتجويع سكانه وتهجيرهم. كذلك ظهرت في الأيام الأخيرة أدلة على بدء الاحتلال بتطبيق أجزاء منها، حتى بشهادات واضع الخطة الجنرال غيورا آيلاند ومسؤولين في الجيش، وسبق أن أشار "العربي الجديد" إلى بعضها في تقارير سابقة نقلاً عن وسائل إعلام عبرية.

وزعم موقع واينت العبري، اليوم الخميس، أن تحقيقاته في الأروقة الإسرائيلية أظهرت أنه "لم يكن هناك أي قرار على الإطلاق بفرض مجاعة أو وقف المساعدات عن شمال قطاع غزة. فما حدث ليس أكثر من فوضى إسرائيلية أدت إلى أزمة جرّت خلفها عاصفة عالمية"، في إشارة إلى الانتقادات التي وُجهت للاحتلال خلال جلسة مجلس الأمن.

بحسب المزاعم الواردة في تقرير الموقع العبري، حول "الفوضى الإسرائيلية"، فقد "بدأ الأمر بمناقشة أقيمت عند (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو أمر فيها الجيش بالاستعداد لتولّي توزيع المساعدات الإنسانية خلال ستة أسابيع، رغم معارضة رئيس الأركان (هرتسي هليفي). هذه الفترة لم تنتهِ بعد، والجيش الإسرائيلي لم يقدّم بعد خطة. وفي أعقاب اجتياح مخيّم جباليا للاجئين شماليّ قطاع غزة، قررت إسرائيل إغلاق حاجز إيرز (بيت حانون)، وفي الوقت نفسه، تقرر وقف توزيع المساعدات عبر القطاع الخاص بعد التوصّل إلى استنتاج بوقوع الكثير من عمليات التهريب هناك".

ونقل الموقع ذاته عن مسؤولين إسرائيليين مطّلعين لم يسمّهم، قولهم: "تم غضّ النظر (عمّا يحصل) من قبل أشخاص في الجيش، ظنّوا أنّ من الضروري الاستعداد لخطة الجنرالات، لأن هذا هو اتجاه الرياح التي هبّت من المستوى السياسي، لكن خلاصة القول هي أن التوجيهات لم تتغير ولو لحظة واحدة"، على حد زعمهم.
 
وسيتعيّن على دولة الاحتلال أن تقرر كيف تتصرف بعد الانتقادات التي طاولتها وما "إذا كانت ستعيد الشركات الخاصة التي تقوم بتوزيع المساعدات، أو تستخدم شركات حراسة خاصة تؤمّن نقلها، أو أنها ستعتمد على المنظمات الدولية، التي لا تستطيع إدخال أكثر من 350 شاحنة يومياً"، وفقاً للموقع العبري، الذي أضاف أنه "في جميع الحالات، لن يكون ذلك كافياً. حُشرَت إسرائيل في الزاوية، وسيتعيّن عليها أيضاً اتخاذ قرارات صعبة في ضوء الإنذار الأميركي والتهديد بفرض حظر على الأسلحة"، منها بشأن السماح بزيارة الصليب الأحمر للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وتجميد التشريع ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، "وكل ذلك في أعقاب قرار لم يُتخذ"، وعقّد وضع إسرائيل أيضاً أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

تقارير عربية
التحديثات الحية

خطة الجنرالات

دفعت الانتقادات العالمية شديدة اللهجة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى عقد مشاورات عاجلة أمس، في ظل مطالبة إسرائيل بزيادة حجم المساعدات الإنسانية التي تسمح بدخولها إلى القطاع. وخلصت المشاورات إلى أنه في مواجهة الانتقادات المتزايدة في العالم، وليس فقط من قبل الولايات المتحدة، يجب على إسرائيل زيادة المساعدات التي تسمح بدخولها إلى غزة، بعد أن أعلنت أمس سماحها بدخول 50 شاحنة إلى شمال القطاع.

كذلك اتُّفق خلال المشاورات على أن يقوم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، بصياغة رد مؤقت على مطالب الأميركيين، بينما من المتوقّع انعقاد المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) ​​يوم الأحد المقبل، لمناقشة متعمّقة حول قضية المساعدات الإنسانية، وكذلك حول مطالب الولايات المتحدة الأخرى.

سبق أن أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي زيادة المساعدات الإنسانية التي تسمح بدخولها، مع بداية نظر محكمة العدل الدولية في لاهاي، بالدعوى التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا واتهمت فيها إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة شعب. لكن إسرائيل المتغطرسة التي تتحدى حتى حلفاءها وعلى رأسهم الولايات المتحدة، أكبر الداعمين لها بهذه الحرب، وشريكتها الفعلية من خلال مدّها بالسلاح وكل احتياجاتها، تناور أمام العالم وتواصل جرائم الإبادة.

ورغم محاولة نفيها تطبيق "خطة الجنرالات" في شمال القطاع، نقل موقع والاه العبري أمس اعتراف مسؤولين إسرائيليين كبار، لم يسمّهم، بأنه على الرغم من استياء تل أبيب من الإنذار الأميركي شديد اللهجة، إلا أن الرسالة تمثّل فرصة منحتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل لتصحيح تدهور الوضع، والعودة إلى تنفيذ السياسة التي وضعها "الكابنيت"، وبموجبها، يُسمَح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. ويعني هذا أن الاحتلال يتعامل مع المساعدات الإنسانية باعتبارها ورقة تمنحه مزيداً من "الشرعية" لمواصلة جرائم الإبادة وحرق الناس أحياءً، والتدمير في غزة.

ونقلت صحيفة هآرتس، يوم الأحد الماضي، اعتقاد مسؤولين في جيش الاحتلال لم تسمّهم بأن ما يُنفَّذ الآن يمهد الطريق لاتخاذ قرار من قبل المستوى السياسي بتجهيز شماليّ قطاع غزة لتنفيذ خطة الحصار والتجويع التي وضعها اللواء في الاحتياط غيورا آيلاند (خطة الجنرالات)، وبموجبها يُخلى جميع سكان شمال قطاع غزة إلى مناطق إنسانية في جنوب القطاع، بينما أولئك الذين يختارون البقاء في الشمال سيُعتبرون ناشطين في حركة حماس، وسيكون بالإمكان المساس بهم. وفيما سيحصل سكان جنوب قطاع غزة على مساعدات إنسانية وفق الخطة الإسرائيلية، سيُجوَّع سكان الشمال إذا قرروا البقاء هناك.

 
قبل نحو أسبوع، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن العملية العسكرية الحالية في جباليا، تشكّل نسخة مصغّرة وأولية لمبادرة اللواء في الاحتياط غيورا آيلاند، أو ما يعرف باسم "خطة الجنرالات"، التي اقترح من خلالها نقل نحو 300 ألف من سكان غزة الذين لا يزالون في شمال القطاع إلى جنوبه، بعد إخضاعهم للتفتيش على محور نيتساريم الذي يقسم القطاع الى جزأين. وتتحدث الخطة صراحة عن اعتماد الحصار والتجويع عواملَ أساسية.

وسبق أن أشارت تقارير صحافية إسرائيلية إلى توجه الحكومة نحو تبني الخطة. في الشهر الماضي وجّه 27 وزيراً وعضواً في الكنيست الإسرائيلي من الائتلاف الحاكم رسالة إلى نتنياهو، مطالبين بعقد المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) لتبنّي "خطة الجنرالات".