اليوم الأول في مؤتمر الحزب الشيوعي: كلام عن "صين جديدة"

16 أكتوبر 2022
افتتح المؤتمر بحضور أكثر من ألفي مندوب قدموا من جميع أرجاء البلاد (Getty)
+ الخط -

أسدل الستار في العاصمة الصينية بكين على اليوم الأول لافتتاح أعمال مؤتمر الحزب الشيوعي الـ20 الذي يعقد مرة كل خمس سنوات، والذي من المقرر أن يشهد في ختامه الإعلان عن تمديد ولاية الرئيس شي جين بينغ لفترة ثالثة، بالإضافة إلى تشكيلة القيادة الجديدة التي سترافقه.

وافتتح المؤتمر الذي حضره أكثر من ألفي مندوب قدموا من جميع أرجاء البلاد، اليوم الأحد، بخطاب للرئيس شي، أسهب فيه بالحديث عن إنجازات الحزب خلال السنوات الخمس الماضية، كما قدم لمحة عن مسار الحزب والسياسات التي سيتبعها خلال السنوات المقبلة، ما يشير إلى أن قرار تمديد ولايته قد اتخذ بالفعل، وبانتظار فقط إعلانه في نهاية المؤتمر بعد نحو أسبوع والمصادقة عليه.

وما كان لافتاً في هذه الدورة أن خطاب الرئيس شي استمر ساعة و45 دقيقة، وهو أقصر بكثير من خطابه في المؤتمر السابق عام 2017، الذي استمر ثلاث ساعات و40 دقيقة، الأمر الذي تسبب حينها بإحراج كبير للرئيس السابق جيانغ زيمين، حيث شوهد أكثر من مرة وهو يتثائب أثناء الخطاب، وكذلك الرئيس السابق هو جينتاو، الذي كان ينظر إلى ساعته في الفقرات الأخيرة من خطاب الرئيس.

وشهد المؤتمر أيضاً غياب الرئيس السابق جيانغ زيمين، 96 عاماً، لأول مرة منذ نهاية ولايته عام 2003، حيث دأب على حضور جميع المؤتمرات السابقة. وكانت شائعات قد انتشرت خلال الفترة الماضية عن تحديد إقامته من قبل الحزب بسبب تقدمه بالسن، والخوف من أن يفشي أسراراً تمس الدولة.

في المقابل، حضر هذه الدورة الرئيس السابق هو جينتاو، 79 عاماً، وكذلك سونغ بينغ البالغ من العمر 105 سنوات، وهو أكبر عضو في الحزب الشيوعي (عضو سابق في اللجنة الدائمة).

كما كان لافتاً في اليوم الأول ارتداء جميع أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وعددهم ثلاثمائة، ملابس موحدة (بدلة سوداء وقميص أبيض، وربطة عنق حمراء). عدا عن ظهورهم جميعًا بشعر أسود داكن، بالرغم تجاوزهم 60 عاماً.

وفي أدبيات الحزب الشيوعي، تولى أهمية كبيرة لمظهر القادة، ويُعتبر ذلك التزاماً سياسياً بالدرجة الأولى، فضلاً عن أنه يعكس مبادئ الانضباط والتوافق والتكافؤ في القيم الاشتراكية التي يتبناها الحزب.

الصورة
كان لافتًا ارتداء جميع أعضاء اللجنة المركزية للحزب وعددهم 300 ملابس موحدة (Getty)

"نصف سكان الصين تابعوا خطاب الرئيس شي"

في موازاة ذلك، حظي افتتاح المؤتمر، وتحديداً خطاب الرئيس شي، بمتابعة واسعة في الأوساط الصينية. فحسب منصة ويتشات، تم عمل 250 مليون مشاركة للخطاب في نصف الساعة الأولى من انطلاق المؤتمر، بينما ذكر موقع "ويبو" (المعادل الصيني لموقع "تويتر")، أن فعاليات اليوم الأول حظيت بحوالي 650 مليون مشاهدة على منصات التواصل الصينية، ما يعني أن نصف سكان الصين تقريباً تابعوا هذا الحدث السياسي.

وكانت مراكز حكومية قد خصصت شاشات ضخمة في الشوارع والميادين العامة في أغلب المدن والمناطق الصينية لنقل خطاب الرئيس، وقد تزامن ذلك في عطلة نهاية الأسبوع في البلاد، حيث يكون الطلاب والموظفون والعاملون في إجازة رسمية.

وعن متابعة فعاليات المؤتمر، قالت مي تشون، وهي عضوة في الشبيبة الشيوعية بمقاطعة قوانغ دونغ: "كان يوماً وطنياً بامتياز، لقد تابعت بنفسي كيف جلس أفراد المجتمع، كباراً وصغاراً، أمام الشاشات لمتابعة خطاب الرئيس".

وأضافت، في حديث مع "العربي الجديد": "ربما لم ننتظر شيئاً، وربما لن يتمخض المؤتمر عن قرارات حاسمة أو مصيرية، ولكن الشعور بأن لديك قيادة قوية قادرة على المضي قدماً في البلاد نحو مزيد من الرفعة والازدهار هو مدعاة للفخر والاعتزاز".

"عصر جديد تكون فيه الصين رأس الحربة"

بدورها، أفردت وسائل الإعلام الرسمية الصينية مساحة كبيرة للاحتفاء بالمؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي، وصورت الحدث على أنه محطة مفصلية في تاريخ الصين الحديث، إذ تحدثت صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية على صدر صفحتها الأولى، وتحت عنوان "انطلاق مسيرة جديدة"، عن كيف سيقود الحزب الشيوعي الصيني البلاد إلى الهدف المئوي الثاني، المتمثل في "بناء دولة اشتراكية حديثة مزدهرة وقوية وديمقراطية بحلول عام 2049".

وقالت الصحيفة إن مؤتمر الحزب هو "بداية رحلة جديدة لتنمية الصين ودورها في الشؤون الدولية، وإن العالم يراقب عن كثب الحدث السياسي المهم تاريخياً، ليرى كيف تتغلب الصين، تحت القيادة القوية للحزب الشيوعي، على التحديات التي تواجه تنمية البلاد"، ولفتت إلى أن ذلك من شأنه أن يعزز اليقين في عالم يسوده الاضطراب.

من جهتها، قالت صحيفة "الشعب" الناطقة باسم الحزب الشيوعي، في افتتاحيتها، بإن بكين تسعى إلى "خلق وضع جديد للاشتراكية ذات الخصائص الصينية خلال الفترة المقبلة"، وأشارت إلى أن "أهداف تجديد الأمة الصينية قد تتجاوز حدود المجتمع الصيني، لتصل إلى بناء مجتمع دولي ذي مصير مشترك".

حول ذلك، يقول المحلل السياسي في معهد كانتون للدراسات الاستراتيجية تشونغ مين، في حديث لـ"العربي الجديد": "قد نشهد خلال الفترة المقبلة صراحة ومباشرة أكبر على مستوى الخطاب السياسي في الحديث عن أهداف استراتيجية تتجاوز حدود الصين".

وأوضح تشونغ مين أن أهداف المئوية الثانية، بالرغم من خطوطها الإنشائية، فإنها تنطوي على خطط عابرة للقارات، وأن ذلك نابع من شعور الحزب الشيوعي بأنه قادر على تسويق نجاحاته في الخارج، في ظل حالة الفوضى والانكفاء الأميركي والشعور العام بأن العالم بأسره على حافة الهاوية. ولفت إلى أن "مؤتمر الحزب الـ20 قد يكون تأسيساً لمرحلة مختلفة، وعصر جديد تكون فيه الصين رأس الحربة في معركة الدفاع عن التعددية وتأثيث مصير مشترك للبشرية".