طلب الرئيس الباكستاني عارف علوي، من لجنة الانتخابات، اليوم الأربعاء، تحديد موعد لإجراء انتخابات وطنية جديدة، بينما انعقدت المحكمة العليا لاتّخاذ قرار بشأن مدى شرعية المناورات السياسية التي بموجبها حُلّ البرلمان.
ويتعيّن على المحكمة أن تبتّ في ما إذا كان رئيس الجمعية الوطنية قد خرق الدستور عبر رفضه السماح بإجراء تصويت لحجب الثقة عن رئيس الوزراء عمران خان نهاية الأسبوع الماضي.
ولو أن التصويت حصل، لكانت إطاحة خان من السلطة مؤكدة، لكن الخطوة سمحت له بدفع رئيس البلاد الداعم له إلى حل البرلمان وإصدار أمر بإجراء انتخابات.
وبدأ محامو حزب "حركة الإنصاف" الباكستانية الذي يتزعمه خان دفاعهم اليوم. ولم تحدّد هيئة المحكمة العليا المكونة من خمسة قضاة متى ستصدر حكمها. وقد تأمر بإعادة تشكيل البرلمان، أو بالدعوة إلى انتخابات جديدة، أو تمنع خان من تولي السلطة إذا تبين أنه انتهك الدستور. كذلك يمكنها أن تقرر أنها لا تستطيع التدخل في الشؤون البرلمانية.
ونددت المعارضة بالخطوة التي اعتبرتها "غير شرعية"، وهي ترفض التعاون في تشكيل حكومة موقتة للإشراف على أي اقتراع، لكنّ بياناً من مكتب علوي أفاد بأنه طُلب من اللجنة الانتخابية اقتراح موعد لـ "تنفيذ تفويض الدستور".
حملة انتخابية
بينما قدّمت المعارضة معطياتها إلى المحكمة، بدأ خان بالتحرّك باتّجاه حملته الانتخابية، قائلاً لعمال من حزبه في لاهور، في وقت متأخر الثلاثاء، إنه سيكون أكثر حذراً في اختياره المرشّحين عن حزبه "حركة إنصاف".
وبدأت مشاكل خان قبل أسابيع عندما هددت مجموعة من نواب "حركة إنصاف" المتمرّدين بالتصويت ضدّه، لكن ائتلافه الحاكم الهشّ كان يتفكك في جميع الأحوال.
علّق كثيرون آمالهم على خان عندما انتُخب عام 2018 بناءً على تعهّده القضاء على عقود من الفساد المتجذّر والمحسوبية، لكنه واجه صعوبة في المحافظة على هذا الدعم، في ظل ارتفاع مستوى التضخم وضعف الروبية وتفاقم الديون.
وشهدت باكستان المسلّحة نووياً أزمات سياسية على مدى الجزء الأكبر من تاريخها منذ تأسست قبل 75 عاماً، إذ لم يكمل أي رئيس وزراء ولايته.
ويُنتظر لمعرفة إن كان لدى لجنة الانتخابات القدرة على تنظيم اقتراع في غضون 90 يوماً، بينما أعربت مجموعة رقابة هذا الأسبوع عن "قلق بالغ" من احتمال اندلاع أعمال عنف.
وأفادت "شبكة الانتخابات الحرة والمنصفة"، بأنها "حددت عدة تحديات دستورية وقانونية وعملانية تواجه إجراء انتخابات مبكرة".
وأضافت: "يمكن الإرباك العام والانقسامات السياسية التي برزت بالفعل كنتيجة لذلك أن تترجم إلى عنف".
وبثّ خان مشاعر مناهضة للولايات المتحدة في الأجواء السياسية عبر الإشارة إلى أن المعارضة تواطأت مع واشنطن من أجل "تغيير النظام".
ويصرّ نجم الكريكت السابق على أن القوى الغربية ترغب في إطاحته، نظراً إلى أنه لن يقف إلى جانبها ضد روسيا والصين، وهي قضية لا شك في أنها ستتصدّر أي انتخابات مقبلة.
سوابق قضائية
من غير الواضح متى وكيف ستصدر المحكمة قرارها بشأن القضية، أو إن كان خان سيقبل بقرارها. لكن ثمة سوابق على هذا الصعيد.
في عام 1988، قدّم محمد خان جونيجو التماساً إلى المحكمة بعدما حلّ الجمعية الوطنية رئيس البلاد حينذاك الجنرال ضياء الحق، الذي وصل إلى السلطة من خلال انقلاب عسكري قبل سنوات على ذلك.
وأقرت المحكمة بحل حكومته بشكل غير دستوري، لكنها قضت بالمضي قدماً بالانتخابات، بما أنه أعلن عنها.
وفي عام 1993، قضت المحكمة بأن الرئيس غلام إسحق خان حل بشكل غير شرعي أيضاً الجمعية، بينما كان نواز شريف رئيساً للوزراء حينذاك.
وبينما تبدو المحكمة العليا مستقلة ظاهرياً، إلا أن ناشطين حقوقيين يشيرون إلى أنه سبق أن استخدمت حكومات مدنية وعسكرية قضاة في المحكمة لتمرير قرارات تتوافق مع مصالحها.
وعلانية، يبدو الجيش وكأنه ينأى بنفسه عن الخلافات السياسية الحالية، لكن باكستان شهدت أربعة انقلابات منذ استقلالها عام 1947، وعاشت البلاد أكثر من ثلاثة عقود في ظل حكم الجيش.
وقالت المحللة المستقلة عائشة صدّيقة: "لا أعتقد أن المحكمة ستصدر أي قرار لافت، سيكون قراراً من باب الضرورة".
وأضافت: "من جهة، سيعلن القضاة أن قرار نائب رئيس (البرلمان) غير دستوري، لكنهم سيبررون في الوقت ذاته الانتخابات الجديدة. نظراً إلى أن جميع الأحزاب السياسية ترغب في خوض انتخابات جديدة".
(فرانس برس)