تشهد ليبيا عودة للتمثيل الدبلوماسي الأجنبي بعد التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها البلاد والاستقرار النسبي على الساحة السياسية، بعد سنوات من الانقسام والعنف اللذين دفعا عددًا من السفارات والبعثات الدبلوماسية إلى المغادرة سابقاً.
وتسعى حكومة الوحدة الوطنية إلى تفعيل المقار الدبلوماسية في طرابلس وبنغازي، في إطار سعيها لتوزيع أعمالها في مختلف المناطق الليبية.
وأكدت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش على "عودة، بل وزيادة العمل القنصلي في بنغازي"، مشيرة إلى أنه من أولويات وزارتها.
وقالت، في كلمة ألقتها أمام طلبة المعهد الدبلوماسي في بنغازي، مساء الثلاثاء، إنه "لن يكون في عهدنا أي تعقيد أو مركزية في الخدمات القنصلية، وستفوض المكاتب والفروع بكل الاختصاصات اللازمة للقيام بمهامها بطريقة سلسة ومنتظمة وسريعة"، وأضافت أن الحكومة تسعى لتوزيع أعمالها في مختلف مدن البلاد.
ولفتت الوزيرة إلى أن التمثيل القنصلي في بنغازي "سيكون على رأس أولويات الوزارة في المشاورات والأجندة الإقليمية والدولية، بما يقدم للمواطنين الليبيين خدمات التأشيرات والتصديقات، ويضمن للرعايا الأجانب الخدمة والرعاية من ممثلياتهم".
وبعدما دعت المنقوش السفارات والقنصليات والتمثيليات الدبلوماسية للعودة إلى ليبيا، خلال مؤتمر صحافي جمعها في طرابلس بنظرائها الفرنسي والألماني والإيطالي، الخميس الماضي، أعلنت السفارة الفرنسية، الاثنين، عن إعادة فتح أبواب سفارتها في طرابلس، بعد أكثر من ست سنوات من إغلاقها.
ونشرت السفارة، عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، صوراً للسفيرة الفرنسية بياتريس دوهيلين، رفقة دبلوماسيين وموظفين بالسفارة، كإعلان عن إعادة فتحها.
وأعطى التوحد الحكومي في ليبيا مؤشراً لإمكانية ذهاب البلاد نحو الاستقرار الأمني، كما دفع الدول الأجنبية إلى الإسراع بعودة تمثيلها الدبلوماسي للمشاركة في فترة التعافي، خصوصاً بعد تزايد الحديث عن اتجاه الحكومة إلى عدة مشاريع تنموية تتصل بملف إعادة إعمار البلاد.
وتأتي الخطوة الفرنسية في وقت تنشط فيه سفارات دول أخرى لا تزال تحافظ على وجودها الرسمي في طرابلس، منها سفارات إيطاليا وتركيا وتونس، إضافة إلى سفارات عدد من الدول الأفريقية، مقابل عزم دول أخرى على إعادة فتح سفاراتها بعد تحسن الأوضاع في البلاد.
وفي السياق، أكد السفير المالطي تشارلز صليبا، لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، رغبة بلاده في افتتاح سفارتها خلال أسابيع، كما أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جالينا بورتر عزم واشنطن على استئناف عمل السفارة الأميركية في ليبيا "في أقرب فرصة تسمح بها الظروف الأمنية"، بحسب تصريح صحافي لها، الثلاثاء الماضي، لكنها أكدت على حضور السفير الأميركي ريتشارد نورلاند بكثافة في ليبيا، للمشاركة في اللقاءات والمشاورات ذات الشأن بين البلدين.
ويتزامن هذا الحراك في اتجاه عودة النشاط الدبلوماسي الدولي إلى ليبيا، مع مشاورات كثيفة أجراها وفد مصري زار طرابلس لمرتين، في ديسمبر/كانون الأول وفبراير/شباط الماضيين، لبحث إمكانية إعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس.
وأكدت وزارة الخارجية بحكومة "الوفاق" السابقة، وقتها، أنّ المشاورات بين الجانبين جاءت كبداية لــ"خطوات عملية لإعادة افتتاح مقر السفارة المصرية بطرابلس بما يساهم في تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين الشقيقين، وبخاصة في مجال تقديم الخدمات والتسهيلات القنصلية على المواطنين في البلدين".
ومطلع فبراير/ شباط الماضي، أعلنت وزارة الخارجية اليونانية عن سعيها لإعادة نشاط سفارتها في طرابلس، في الوقت الذي تدرس فيه إمكانية نقل مقرها القنصلي إلى مدينة بنغازي.